القدرة على تخزين كميات كبيرة من الطاقة أمر بالغ الأهمية ومن شأنه ان يترك تغييرا جذريا على مختلف نواحي الحياة.
وطوّرت مجموعة فرنسية من 5 باحثين متعددي التخصصات تقنية آمنة وفعالة لتخزين الهيدروجين بالحالة الصلبة، ويرجّح المحللون أن تؤدي هذه التقنية دورًا حاسمًا في الكفاح المستمر لمعالجة أزمة تغير المناخ.
وقد أُدرِجت المجموعة في القائمة المختصرة بصفة مرشح نهائي لجائزة المخترع الأوروبي 2023، التي تُعدّ أفضل جائزة ابتكار في أوروبا تعترف بإسهامات الأفراد في التقدم العلمي والتكنولوجي.
واِختيرت مجموعة الباحثين الفرنسيين هذه في القائمة المختصرة بالنظر إلى تقنيتها الجديدة التي تتيح تخزين كميات كبيرة من مصادر الطاقة المتجددة، وفق ما اطّلعت عليه “الميدان اليمني”.
بعض أنواع الطاقة القابلة للتخزين
تتضمن بعض أنواع الطاقة القابلة للتخزين، على سبيل المثال: تخزين الهيدروجين بالحالة الصلبة في المغنيسيوم (هيدريد المغنيسيوم)، والمكملات الأصلية التي تسرّع تفاعلات امتزاز/اِنتزاز الهيدروجين.يُضاف إلى ذلك مكملات التوصيل الحراري العالي (الغرافيت الطبيعي القابل للتمدد أو إن إي جي) وتشكيل المواد الصلبة المضغوطة. ويسمح تصميم الخزان الكظوم “Adiabatic” بالتخزين العَكوس لحرارة التفاعل في الخزان الطَرَفي، الذي يحتوي على معدن متغير الطور.
وتشمل تلك الأنواع خزانات التبادل الحراري الخارجي، ما يسمح بتجديد الحرارة واستعادة الحرارة المفقودة.وقد أجْرت المجموعة الفرنسية بحثها بدايةً في المركز الوطني الفرنسي للبحث العلمي (سي إن آر إس)، حسبما نشره موقع آزو كلين تك (azocleantech) المعني بأبحاث تقنيات الطاقة النظيفة.
بعد تسجيل أول براءة اختراع، نُقِلَت التكنولوجيا إلى شريكين صناعيين، هما: ماكفي وجومي-ليمان الفرنسيتان، لبدء تسويق المنتج.
أهمية اكتشاف حلول مبتكرة لتحديات المناخ
تُعدّ مصادر الطاقة المتجددة المحايدة كربونيًا متقطعة التوليد أساسًا، ومن ثم، فإن القدرة على تخزين كميات كبيرة من الطاقة أمر بالغ الأهمية عندما يتعلق الأمر بتلبية أنماط الاستهلاك المختلفة بمتطلبات متفاوتة (يوميًا وأسبوعيًا).
وستتيح القدرة على تخزين هذه الطاقة تعزيز المرونة والتكيف مع الاستهلاك.في المقابل، يُنتَج الهيدروجين الأخضر عن طريق التحليل الكهربائي من الكهرباء المحايدة كربونيًا.
وتُعدّ التقنية، التي طوّرتها مجموعة فرنسية من 5 باحثين متعددي التخصصات، مناسبة تمامًا لتخزين كميات كبيرة من الطاقة المتجددة لمجموعة واسعة من الاستعمالات، حسب تقرير اطّلعت عليه “الميدان اليمني”.
وتشمل تلك الاستعمالات التطبيقات المنزلية أو الصناعية، مثل الكيمياء (و الهيدروجين بصفته جزيئًا كيميائيًا)، والمعادن، والأسمنت، ووسائط النقل الثقيل (القطارات، والعبّارات، والمقطورات، وما إلى ذلك).
صعوبة عمليات التخزين
على الرغم من دوره البارز في تحول الطاقة، إلا أنه من الصعب نسبيًا تخزين الهيدروجين ونقله، وهنا تجدر الإشارة إلى بعض العوامل الرئيسة التي تجعل تخزين ونقل الهيدروجين صعبًا للغاية.بالنسبة للكتلة نفسها، يحتوي الهيدروجين (33 كيلوواط/كغم) على طاقة أكبر بـ3 مرات من الوقود الأحفوري، وتستهدف أفضل بطاريات الليثيوم إلى 0.3 كيلوواط/كغم.
ويكمن أحد عوائق تخزين الهيدروجين في أن الهيدروجين يُعدّ ناقلًا منخفض الكثافة للطاقة، حسبما نشره موقع آزو كلين تك (azocleantech) المعني بأبحاث تقنيات الطاقة النظيفة.
ويتوفر الهيدروجين الجزيئي في حالة مضغوطة عند 750 بار، ويحتوي على 43 كغم من الهيدروجين لكل متر مكعب من الهيدروجين، وفي حالته السائلة ( عند ناقص 253 درجة مئوية)، يحتوي على 70 كغم من الهيدروجين لكل متر مكعب من سائل.
ويتطلب هذان النوعان من “الضغط” طاقة كبيرة (للضغط أو التسييل)، وستتيح التقنية التي طورتها مجموعة فرنسية من 5 باحثين متعددي التخصصات بشأن الهيدروجين الذرّي في المغنيزيوم، الحصول على 106 كغم من الهيدروجين لكل متر مكعب.
التقنية الجديدة لتخزين الهيدروجين
تسمح التقنية الجديدة لتخزين الهيدروجين، التي طورتها مجموعة فرنسية من 5 باحثين متعددي التخصصات، بالتخزين العَكوس والتكوين الحراري الموازي(أو الاسترجاعي)، ويمكن لهذا التخزين الصَّلب العَكوس تحقيق كفاءة إجمالية للطاقة تزيد عن 80%.
على سبيل المثال، يمكن أن يكون التخزين الأولي للمواد الصلبة عبارة عن قرص مكوّن من عنصري المغنيزيوم والهيدروجين هيدريد المغنيزيوم مع محفّز ومكمّلات ناقلة للحرارة.
تبلغ سعة هذا القرص الذي يبلغ حجمه نحو 650 نيوتن لترًا من الهيدروجين لإجمالي كتلة حبيبات تبلغ 1 كغم تقريبًا.ويُعدّ هذا القرص مستقرًا وآمنًا تمامًا في درجة حرارة الغرفة، ولا يتضمن تفاعلًا أو إطلاقًا للهيدروجين في الهواء.
في المقابل، يُشحَن الخزان، الذي يحتوي على كومة من الحُبيبات، بضغط يتراوح بين 10 و15 بار بالهيدروجين مباشرة من المحلل الكهربائي ووحدة التخزين في جهاز انتزاع الهيدروجين بضغط 2-3 بار.
وتتمتع هذه الحُبيبات بامتزاز/انتزاز دائري يصل إلى 7400 مرة، دون الإضرار بقدرات التخزين وحركية التفاعل.ويُعدّ تخزين الطاقة بشكل هيدروجين الحلّ الأمثل لإنتاج الطاقة المتجددة أو الخضراء، والتي تكون متقطعة، ويمكن تكييف التخزين مع احتياجات المقاييس المختلفة (كيلوواط/ساعة إلى غيغاواط/ ساعة).
بالنسبة إلى هيدريد المغنيزيوم، يتوزع المغنيزيوم بالتساوي على القارات، ويُعدّ غير مكلف نسبيًا، وهو فلز معروف، وقابل لإعادة التدوير تمامًا ومتوافق حيويًا.
ويمتص ما يصل إلى 7.6 واط من الهيدروجين، ومن ثم يشكل هيدريد أحادي المعدن.
فوائد تقنية تخزين القرص الصلب
تتمثل إحدى أهم فوائد تقنية تخزين القرص الصلب في ميزات الأمان المحسّنة كثيرًا، بينما تُشكّل الطرق الأكثر تقليدية لتخزين الهيدروجين مخاطر تسرب الهيدروجين أو احتراقه.ومع ذلك، يمكن التعامل مع هذا القرص الصلب بأمان في درجات الحرارة المحيطة، دون حدوث تفاعل مع الهواء المحيط.
إضافة إلى ذلك، فإن الطرق الأكثر تقليدية لتخزين الهيدروجين كثيفة الاستهلاك للطاقة (الضغط مقابل التسييل)، ويمكن أن تصبح الجوانب الاقتصادية واللوجستية موضع تساؤل عند النظر في توزيع الجزيء.
ويرى المحللون أن شبكات توزيع خطوط الأنابيب لا يمكن أن تمتد لتشمل جميع المستهلكين والمواقع.
ويعتمد الحل الذي تقدّمه مجموعة فرنسية من 5 باحثين متعددي التخصصات على إنتاج وتخزين الهيدروجين في الموقع، إذ تُنقَل الكهرباء بسهولة وأمان إلى الإنتاج المنتظم عن طريق التحليل الكهربائي.
القطاعات المستفيدة من هذا التقدم العلمي
تنطبق تقنية تخزين الهيدروجين هذه على عدد من القطاعات واسعة النطاق، ويهدف تخزين الهيدروجين في الحالة الصلبة إلى: تخزين الطاقة (احتراق خلايا الوقود) واستعمال الجزيء النظيف للكيمياء التركيبية.
ويتعلق هذا بالاستهلاك المحلي (التدفئة) والتنقل (محطات الوقود) والاحتياجات الصناعية التي ما تزال كثيفة الكربون -المواد الكيميائية مثل الأمونيا وغيرها- وصناعات الحديد والصلب والزجاج المصقول، وتصنيع الأسمنت.