خلال الفترة الماضية، عُقدت عدة اجتماعات غير مسبوقة في منطقة الشرق الأوسط، وما زالت هناك أيضا اجتماعات أخرى قيد التحضير في خضم التطورات السياسية الدولية والإقليمية خاصة بعد إطلاق روسيا عملية عسكرية في أوكرانيا، والثغرات الأمنية التي تستغلها إيران في المنطقة، خاصة سوريا، إلى جانب تعثر أو استعصاء مفاوضات فيينا بشأن الملف النووي الإيراني، الأمر الذي نتج عنه ولا يزال عدة تحركات لعدة دول في المنطقة، في سبيل بناء تحالف رادع للحد من خطر التمدد الإيراني في المنطقة.
وضمن هذا السياق، صرح وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس، يوم الثلاثاء، أن على إسرائيل والدول العربية التي تشاركها المخاوف بشأن إيران أن تعزز قدراتها العسكرية تحت رعاية واشنطن.
وهذه ليست المرة الأولى التي تعبر إسرائيل عن استعدادها للتعاون عسكريا أو تشكيل حلف ما مع شركائها الخليجيين الجدد، في سبيل كبح جماح التمدد الإيراني. حيث كان غانتس قد وجه دعوة مشابهة مؤخرا، خلال زيارته للولايات المتحدة الأميركية.
ليكون التساؤل الأهم ما إذا كانت هذه القوة الإقليمية يمكن أن تشكل حلفا لمواجهة النفوذ الإيراني في المنطقة، خاصة مع قرب انعقاد القمة الإقليمية المرتقب انعقادها الشهر المقبل خلال زيارة الرئيس الأميركي إلى السعودية، واحتمالية تشكيل حلف شرق أوسطي لمواجهة التمدد الإيراني، ومدى إمكانية وجود آليات مناسبة لمواجهة التهديدات الإيرانية لدول المنطقة.
إسرائيل تسعى لتشكيل “حلف”
في غضون ذلك، أوضح غانتس خلال حفل توزيع جوائز على جنود إسرائيليين، يوم الثلاثاء، أن إيران تُغلق الكاميرات بمواقعها النووية، وتوسع عملياتها العدوانية بالمنطقة، وترفض محاولات التوصل إلى اتفاق نووي معها وتستمر في إجراءات التحدي.
وأضاف غانتس، إن على إسرائيل والدول العربية التي تشاركها المخاوف بشأن إيران أن تعزز قدراتها العسكرية تحت رعاية واشنطن، وذلك قبل زيارة الرئيس الأميركي جو بايدن للمنطقة الشهر المقبل.
ونوّه غانتس في خطاب إلى تقارب العلاقات الأمنية الإسرائيلية مع دول الخليج العربية في إطار حملة دبلوماسية برعاية الولايات المتحدة عام 2020، وكذلك مصر والأردن، قائلا إن هناك جهودا لتوسيع هذا التعاون، بحسب وكالة “رويترز”.
وأوضح وفق نص “رسمي” أنه “في مواجهة العداء الإيراني… المطلوب ليس فقط التعاون، بل أيضا حشد قوة إقليمية، بقيادة أميركية، مما سيعزز قوة جميع الأطراف المعنية”.
وضمن هذا الإطار، يرى الأكاديمي والباحث في الفكر السياسي، سامح مهدي، أن “هناك مخاوف إسرائيلية من احتمالات قرب انهيار عملية إحياء الاتفاق النووي وفشل مفاوضات فيينا
ومن الواضح أن جملة ضغوط تجري في الولايات المتحدة ضد الرئيس بايدن لمنع رفع العقوبات وتحديدا إزالة الحرس الثوري من قائمة الإرهاب وبالتالي تقوم إسرائيل بتحركات عديدة لتجميع عدة اصطفافات إقليمية للحيلولة ضد استمرار طهران في تحقيق قفزات في برنامجها النووي
وتعطيل نشاطها الملحوظ، حيث ظهر مؤخرا سلاح الاغتيالات وما تعرض له عدد من قيادات إيرانية بالحرس الثوري والمستمر حتى منتصف الأسبوع الحالي”.
وعليه، وفق حديث الباحث السياسي مهدي “الحل نت”، فإن إسرائيل تتجه بحسب معلومات غربية إلى تحقيق شراكة مع دول بالمنطقة ومنها البحرين والإمارات لتشكيل قوة ردع بمشاركة وقيادة الولايات المتحدة وقد أعلنت “القناة 12” الإسرائيلية، مؤخرا، عن نشر نظام رادار في عدة دول بالشرق الأوسط، لمواجهة “التهديدات الصاروخية الإيرانية”.
وأردف مهدي في حديثه، “كما ألمحت صحيفة وول ستريت جورنال، إلى أن الحزبين الجمهوري والديمقراطي قدما في الكونغرس الأمريكي مشروع قانون يقترح أن يعمل البنتاغون مع إسرائيل والدول العربية لدمج قدراتها الدفاعية الجوية لمنع التهديدات الإيرانية”.
ووفق الصحيفة، فإن مشروع القانون يقترح إقامة نظام دفاع صاروخي لدمج الدفاع الجوي بين إسرائيل والدول العربية، والاقتراح يهدف إلى تشجيع هذه الدول العربية وإسرائيل على تنسيق أفضل في المنطقة. ونوّه مهدي إلى أن “مشروع القانون هو أحدث محاولة من قبل الولايات المتحدة
لتعزيز التعاون الدفاعي بين إسرائيل والشرق الأوسط بعد تطبيع العلاقات مع العديد من الدول العربية، بعد أن كانت هذه الحكومات معادية لإسرائيل”، وهذا السيناريو يرجحه مهدي أيضا حول احتمالات تشكيل حلف شرق أوسطي لمواجهة التمدد الإيراني.
تصعيد في المنطقة
في غضون ذلك، أعلن مسؤول أميركي يوم الثلاثاء، أن جولة بايدن في الفترة من 13 إلى 16 تموز/يوليو المقبل ستشمل إسرائيل والأراضي الفلسطينية والسعودية. ووفق التلفزيون السعودي الرسمي، سيحضر بايدن قمة مع قادة دول الخليج ومصر والأردن والعراق.
ومن بين القضايا التي من المرجح أن تكون على جدول الأعمال برنامج إيران النووي والمفاوضات الدولية غير المثمرة حتى الآن لإحياء الاتفاق المبرم عام 2015.
وفي وقت سابق، لوح رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت بإمكانية اتخاذ إجراءات ضد إيران، لكنه أكد أن إسرائيل تفضل المسار الدبلوماسي لتجريد إيران من “كل إمكانياتها لتطوير السلاح النووي” وفق تقارير صحفية.
كما وتوقع بينيت في تغريدة على حسابه على منصة “توتير”، أن “تشهد هذه الأيام محاولات لاستهداف إسرائيليين في أماكن مختلفة خارج إسرائيل”.
من جانبه، قال العميد علي رضا إلهامي نائب قائد قوات الدفاع الجوي في الجيش الإيراني، إن الدفاعات الجوية سترد بشكل “ساحق” على أدنى تهديد يستهدف الأراضي الإيرانية.
وأضاف خلال كلمة أمام قادة في قوات الدفاع الجوي أن القوات الإيرانية “ترصد كافة التحركات والممارسات الشريرة للأعداء خارج الحدود”.
أما واشنطن، فقد قال المتحدث باسم الخارجية نيد برايس إن بلاده ستستخدم جميع الوسائل التي بحوزتها لمواجهة “التأثير المزعزع للاستقرار” الذي يمارسه “الحرس الثوري” الإيراني بالمنطقة.
وأكد برايس أن واشنطن ملتزمة بأمن إسرائيل، مشيرا إلى أن التحدي الذي تفرضه إيران في منطقة الشرق الأوسط سيتصدر جدول أعمال الرئيس بايدن خلال زيارته المرتقبة للمنطقة الشهر المقبل.
وفيما يتعلق بملف إيران النووي، أكد المتحدث باسم الخارجية الأميركية أن بلاده مستعدة للعودة إلى الاتفاق النووي إذا التزمت إيران بقيوده.
وكان مجلس محافظي الوكالة التابعة للأمم المتحدة أصدر قرارا الأسبوع الفائت، طرحته واشنطن وباريس وبرلين ولندن، يدعو طهران للتعاون مع الوكالة بعد تقرير للأخيرة انتقد غياب الأجوبة الإيرانية الكافية في قضية العثور على آثار مواد نووية في مواقع لم يصرح عنها سابقا.
وخلال الفترة الماضية حدثت جملة من الزيارات والاجتماعات المفاجئة لعدد من الدول العربية وإسرائيل، وأبرزها زيارة الرئيس السوري بشار الأسد إلى الإمارات وكذلك قمة النقب السداسية
وكلها تنشط تجاه سوريا والملف السوري في إطار توحيد الجهود ورسم خريطة للعلاقات مع دول المنطقة كإحدى نتائج الاحتراس من احتمالية عدم التوصل إلى أي اتفاق نووي مع طهران، وذلك من أجل بحث آليات مواجهة أي تمدد أوسع للنفوذ الإيراني في المنطقة.
من جهة إسرائيل، فإنها ترى أن التهديد الإيراني لا يقتصر على البرنامج النووي فقط، فأيضا هناك أنشطة فيلق القدس التابع لـ”الحرس الثوري” في العراق ودول المنطقة، وقد هددت باستخدام القوة في أي وقت ومكان عند الضرورة لحماية أمنها. وحسب مختصين، تحدثوا في وقت سابق، لموقع “الحل نت”
فإن إيران حاليا أقرب إلى إسرائيل جغرافيا، من خلال تواجدها على الأراضي السورية، وهذا ما تعتبره إسرائيل تهديدا مباشرا لأمنها وخطرا على حدودها.
وعليه، وحسب المحللين، فإن إسرائيل لا يمكنها، التصرف عسكريا بشكل منفرد إزاء إيران، لذلك هي بحاجة لتشكيل حلف قوي في المنطقة يكون داعما لها، وفي نفس الوقت معاديا لإيران، وهذا هو السبب الأهم لهذه الدعوات الإسرائيلية بشأن تشكيل “حلف شرق أوسطي” أشبه بـ”الناتو” في الغرب.