سلطنة عمان تشهد كارثة مرعبة
الميدان اليمني – متابعات
فيروس كورونا الجديد القاتل الخفي، وضع الإقتصاد في سلطنة عمان في موضع حرج ومأزق كبير، حيث لم تقتصر تداعيات فيروس “كورونا الجديد” الاقتصادية على الصين فقط، لكن آثاره المدمرة بدأت تضرب اقتصادات بلدان الشرق الأوسط، خاصة الاقتصاد العماني، الذي قد يتكبد خسائر فادحة خلال العام الجاري.
وتعد سلطنة عمان، الدولة الخليجية الأكثر ارتباطا باقتصاد الصين، موطن الفيروس؛ حيث تصدر 45.1% من بضائعها إلى الصين.
سلطنة عمان تشهد كارثة مرعبة
وتراجع متوسط توقعات النمو في سلطنة عمان، إلى 1% في 2019 و1.7% في 2020 و2.3% في 2021، مقارنة بتوقعات سابقة قبل ثلاثة أشهر كانت تتوقع نمو الناتج المحلي الإجمالي للسلطنة بنسبة 1.3% في 2019 و3.2% في 2020 و3% في 2021، حسب مؤسسة “أوكسفورد إيكونوميكس”.
وفي حين تتوقع “ستاندرد آند بورز جلوبال” نمو الاقتصاد العماني هذا العام بنسبة 2.2%، صعودا من 0.9% في 2019، فإن هذه التوقعات قد تذهب أدراج الرياح.
وجراء تفشي فيروس “كورونا الجديد” فرضت الصين حجرا صحيا على مدينة “ووهان” بؤرة الفيروس؛ ما أدى إلى توقف الكثير من المصانع العالمية في المدينة.
وتحتضن المدينة مصانع تابعة لشركات “بيبسيكو” المختصة بالمنتجات الغازية، والعملاق الألماني “سيمينز”، وشركة السيارات الفرنسية “بيجو”، وشركة “شاومي” للهواتف النقالة الصينية، إضافة إلى شركات أخرى عالمية.
وأدى تباطؤ الإنتاج بالفعل إلى انخفاض الطلب العالمي على النفط؛ حيث وصل فائض المعروض في السوق العالمية إلى مليون برميل الأمر الذي يؤثر في المقام الأول على سلطنة عمان، التي يستحوذ النفط على النسبة الأكبر من صادراتها للصين.
ووفق المحللة في “ستاندرد آند بورز جلوبال”، “ذهبية جوبتا”، فإن المخاطر الاقتصادية التي تواجهها سلطنة عمان أشد هذا العام بسبب ضعف في الطلب على النفط، وانكشافها على الأزمة الناشئة في الاقتصاد الصيني بسبب “كورونا الجديد”.
وتشير التوقعات الصادرة عن وكالة الطاقة الدولية إلى احتمالية تراجع الطلب العالمي على النفط في الربع الجاري من عام 2020 للمرة الأولى منذ الأزمة المالية في 2009؛ بسبب تفشي “كورونا الجديد”، والإغلاق الواسع للاقتصاد الصيني.
وتعد الصين أكبر مستورد للنفط الخام في العالم بمتوسط يومي 10 ملايين برميل، وهي ثاني أكبر مستهلك له بمتوسط 13.2 مليون برميل يوميا.
كارثة مرعبة تهز العالم وتبدأ بضرب دول الخليج
ومن المتوقع أن يعصف “كورونا الجديد” -حال فشلت محاولات احتواء المرض سريعا- بالطلب العالمي على النفط في النصف الأول من 2019، وهو ما يضع الدول المنتجة تحت ضغط كبير لإجراء مزيد من التخفيضات.
لذلك لم يكن من المستغرب أن يطالب وزير النفط العماني “محمد الرمحي”، قبل أيام، بإجراء خفض قصير وأكبر لإنتاج النفط حتى نهاية يونيو/حزيران المقبل.
ويهدف اقتراح الخفض إلى الحد من خسائر سلطنة عمان، جراء هبوط سعر خام برنت إلى 53.3 دولارا للبرميل وهو أدنى مستوى لأسعار النفط منذ يناير/كانون الثاني 2019.
ويبلغ إنتاج السلطنة من النفط الخام والمكثفات النفطية أكثر من 30 مليون برميل، خلال يوليو/تموز الماضي، تستأثر الصين بالحصة الأكبر منه بواقع 78.4%، وترتفع تلك النسبة في أحيان أخرى إلى نحو 85%.
ووفق وزارة النفط والغاز العمانية، سجلت صادرات النفط الخام العماني اليومية انخفاضا بنسبة 17.88% خلال يناير/كانون الثاني الماضي.
كذلك من المتوقع، أن يتسبب فيروس “كورونا الجديد” في تراجع الطلب الصيني على الغاز بنسبة 2% خلال العام الجاري.
وتبلغ واردات الصين منه سنويا نحو 82 مليون طن؛ ما يعني أيضا تضرر السلطنة، التي تعد من أكبر عشرة مصدرين للغاز المسال في العالم.
لا يقتصر تأثير “كورونا الجديد” على تراجع أسعار النفط فحسب، بل إن هناك قطاعات أخرى في بلدان الخليج من المرجح أن تتأثر بشكل مباشر بسبب انتشار الفيروس، وعلى رأسها القطاعات ذات الصلة بنشاطات السفر والسياحة والتجارة العالمية، مثل خطوط الطيران، والفنادق، والتجزئة.
ويرى محلل الائتمان في “ستاندرد اند بورز جلوبال”، “محمد دمق”، أن “كورونا الجديد” قد يواصل الضغط على اقتصادات المنطقة، حال عدم احتواءه بحلول مارس/آذار المقبل؛ ما يعني استمرار قيود السفر وغيرها من القيود المتعلقة بالنشاط الاقتصادي في المنطقة.
دخول السلطان هيثم بن طارق في وضع حرج ومأزق كبير
ويضيف “دمق”: “الصين تساهم بنسبة تصل إلى 45% من إجمالي تجارة السلع في دول الخليج”، مشيرا إلى أن سلطنة عمان هي الأكثر تعرضا للمخاطر في هذا المجال.
ونتيجة لذلك، يدفع “كورونا الجديد” وانخفاض أسعار النفط إلى زيادة العجز المالي، وقد تلجأ حكومات خليجية، أبرزها عمان، إلى زيادة الاقتراض.
ويقدر عجز الميزانية العمانية بنحو 2.8 مليار ريال (7.27 مليارات دولار)، خلال 2019، بما يعادل 9% من الناتج المحلي الإجمالي.
وتصنف وكالات التصنيف الائتماني ديون عمان على أنها عالية المخاطر، الأمر الذي ينعكس في ارتفاع أسعار الفائدة التي يطالب بها المقرضون الدوليون.
وتبدو الحاجة ملحة، أكثر من ذي قبل، للتسريع بخطط عمان لتنويع مصادر الدخل القومي، بعيدا عن عائدات النفط والغاز.
ومنذ سنوات، وضمن رؤية “عمان 2040″، التي انتهجها السلطان الراحل “قابوس بن سعيد” رحمه الله، تسعى مسقط للتكيف مع مرحلة ما بعد النفط، بوتيرة أسرع من الدول الخليجية الأخرى التي تتمتع باحتياطات أكبر.
ويواجه حاكم عمان الجديد، السلطان “هيثم بن طارق”، اختبارا صعبا لتجاوز تداعيات أزمتي النفط وكورونا، وتنويع مصادر الدخل المعتمد على صادرات النفط التي توفر أكثر من ثلثي الميزانية السنوية.
وينصح “مركز بروكنجز الدوحة” مسقط بضرورة تعزيز القطاعات غير النفطية، وتنشيط قطاعات السياحة والخدمات، عبر تسهيل متطلبات التأشيرة لعدد أكبر من الجنسيات، وزيادة معدلات تدريب المواطنين العمانيين على مهارات في القطاعات غير النفطية.
السلطان هيثم بن طارق في مأزق كبير بسبب كورونا
كذلك تبدو الحاجة ماسة إلى تطوير مصادر إيرادات جديدة من خلال تنمية القطاعات المعتمدة على التصدير، مثل الصناعة والزراعة والثروة السمكية.
وحال بلوغ شركة معالجة المعادن النفيسة والاستراتيجية العمانية (حكومية) طاقتها الإنتاجية الكاملة (50 ألف أوقية من الذهب سنويا)، بنهاية العام الجاري، فإن سلطنة عمان بصدد اقتناص مركز متقدم في مصاف الدول المنتجة للذهب عالميا.
لكن الواقع الذي لا يمكن تجاهله هو أن تراجع أسعار الخام، جراء تراجع الطلب الصيني بسبب تفشي “كورونا الجديد” ألقى بثقله على النظرة المستقبلية لعمان؛ ما يزيد من المخاطر، ويضع مسقط في عهد السلطان الجديد أمام اختبار اقتصادي مبكر وصعب.