أُثير كثير من المخاوف في أسواق النفط، بشأن نقص الإمدادات في حالة استهداف إسرائيل لمنشآت النفط في إيران، ولا سيما أن هناك العديد من المنشآت الحيوية التي يمكن أن تتسبب في أزمة لقطاع النفط الإيراني.
وفي هذا الإطار، يوضح مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة (مقرها واشنطن) خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي، أنه في حالة استهداف جزيرة “خرج” التي تخرج منها نحو 90% من صادرات النفط الإيرانية؛ فإن الضربة ستكون محدودة؛ لأسباب عديدة.
وقال إن توجيه ضربة إلى الجزيرة يحتاج إلى استعمال فضاء عدد من الدول العربية، في الخليج والعراق، وهذه الدول لن تسمح لإسرائيل باستعمال فضائها، ومن ثم فإن إسرائيل ستضطر إلى اختراق سماء بعض الدول لدقائق معدودة، ثم الاعتذار عن ذلك.
وأكد الحجي أن الطيران الإسرائيلي لا يمكنه مواصلة الضرب لليلة كاملة مثلما كان يفعل في لبنان وغزة؛ لأنه يريد استعمال أجواء الدول العربية، كما أن الحديث عن إمكان استعمال غواصات نووية تأتي من الخليج، يجعل الضرب محدودًا؛ إذ ستُستَهدف بعض المنشآت وينتهي الأمر.
جاء هذا التحليل لموقف أسواق النفط في حالة استهداف المنشآت الإيرانية، في حلقة جديدة من برنامج “أنسيات الطاقة“، قدمها الدكتور أنس الحجي بعنوان “تداعيات ضرب إسرائيل المنشآت النفطية الإيرانية”، عبر مساحات منصة “إكس” (تويتر سابقًا).
قال الدكتور أنس الحجي، إن توجيه ضربة إسرائيلية إلى منشآت النفط الإيرانية لن يترك أثرًا كبيرًا في أسواق النفط العالمية.
وأوضح أنه -بشكل عام- لن تكون هناك أي ضربة لجزيرة خرج، ولن تكون هناك ضربة لأي منشآت تنتج النفط، ولكن الضربات قد تتجه إلى بعض المصافي النفطية في إيران أو مصانع البتروكيماويات فحسب.
وأكد الدكتور أنس الحجي أن استهداف المصافي أو مصنع للبتروكيماويات لن يكون مؤثرًا إلا بشكل بسيط في أسواق النفط، في حين المشكلة أن الجميع يتوقعون أن تظل أسعار النفط مرتفعة لحين حدوث ضربة؛ فإذا حدثت تنخفض الأسعار مرة أخرى.
ولفت إلى أن الأمر الآخر المرتبط باحتمالات تأثير الهجوم المحتمل في أسواق النفط، هو أن إيران فهمت اللعبة؛ فعملت على مدار يومين على إخلاء جزيرة خرج من كل السفن، وخرجت كل ناقلات النفط من الجزيرة، قبل أن يعود بعضها بشكل تدريجي.
وأضاف: “إذا كنت محل الإيرانيين سأترك السفن بحمولاتها، لسبب بسيط، وهو أنه إذا ضرب نتنياهو هذه السفن ستكون هناك كارثة بيئية ضخمة، ومن ثم سيكون هناك رد فعل عالمي، خاصة من الجيل الصغير، بسبب الكارثة البيئية التي سبّبها الإسرائيليون في المنطقة”.
إلا أن الدكتور أنس الحجي أكد أن هذا الكلام لن يحدث؛ لأنه نظري فقط، ولكن إبعاد إيران للسفن كان له بعد آخر، وهو الاستفادة من تجربة مصدق التاريخية في إيران.
قال خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي: “عندما تحدثنا في السابق عن مصدق، عندما تسلم حكم إيران بعد هروب الشاه إلى العراق ثم إيطاليا، ارتكب مصدق حينها خطأين”.
الخطأ الأول، وفق الحجي، هو أنه كان يظن أن طرد المهندسين البريطانيين سيجعل دول أوروبا الأخرى تتنافس على النفط الإيراني، ومن ثم سترسل مهندسيها، ولكنه كان على خطأ؛ إذ إن بلاده لم تستقبل مهندسًا أجنبيًا واحدًا.
وأوضح الدكتور أنس الحجي أن هذا الأمر له علاقة بكل ما يحدث في الوقت الحالي، وهناك ضرورة لأن يدرك الناس أن الأمر لا يتعلق بإسرائيل فقط، بل إن الموضوع أكبر من الخلاف مع إسرائيل.
ومن ثم، يجب النظر إلى أوروبا والولايات المتحدة بطريقة مختلفة تمامًا، وألا يقع الناس في الخطأ نفسه الذي وقع فيه مصدق، الذي اعتقد أن الدول الأوروبية ستتنافس مع بعضها وأنه إذا طرد دولة ستأتي دولة أخرى، ولكنه صُدم عندما لم يأتِ مهندس واحد.
الخطأ الآخر، وفق الحجي، الذي وقع فيه مصدق، أنه لم يكن يمتلك سفنًا لنقل النفط وتصديره، ومن ثم فإنه كان في حاجة إلى السفن الأوروبية والغربية، ولكن هذه السفن لم تذهب إليه، ومن ثم فشل مشروعه بالكامل وحدث الانقلاب عليه، خاصة بعدما تحالف الملالي مع الأحزاب ضده، بعدما دعمه في البداية.
ولفت إلى أن الحكومات التالية لمصدق، أدركت أهمية تدريب مهندسين إيرانيين، لذلك هناك اهتمام جديد منذ عهد الشاه، ببناء كفاءات وطنية في مجال النفط، لتفادي ما حصل مع مصدق، وهي كفاءات مميزة، وهناك كفاءات إيرانية مميزة موجودة بصناعة النفط في كندا وأميركا.
وبالنسبة إلى السفن، قال الحجي إن الحكومات الإيرانية المتعاقبة حرصت على بناء أسطول، وتعلمت الدول الخليجية واستفادت من هذه التجربة أيضًا، وعملت بدورها على بناء أساطيلها الخاصة.
لذلك، فإنه رغم عدم تأثير استهداف جزيرة خرج المحتمل في أسواق النفط؛ فإن إبعاد الأسطول والسفن من الجزيرة كان ضمن ما تعلمته من تجربة مصدق، وهو ضرورة الحفاظ على الأسطول، لتجنب الخسائر الكبيرة.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..