الكشف عن خفايا وأسرار الهروب الإماراتي المفاجئ من اليمن.. وهذا ما ستفعله السعودية لامتصاص الصدمة

قوات تابعة للتحالف العربي في اليمن

الميدان اليمني – وكالات

أكد معهد واشنطن، المختص بتطوير وتحسين السياسات والاستراتيجيات الأمريكية تجاه الشرق الأوسط، أن الإمارات العربية المتحدة، التي أنهكتها الحرب عسكريا وسياسيا وماديا، قد تخلت عن السعودية وسحبت جزء من قواتها المشاركة في حرب اليمن بعد ان استنزفتها الحرب، لتجد السعودية نفسها في عزلة في مواجهة الحوثيين، مما يفتح الباب على مصراعيه لتوجه المملكة إلى طاولة المفاوضات مع جماعة الحوثي، بعد ان فشلت في تحقيق نتائج إيجابية من الحرب العسكرية التي شنتها على اليمن منذ أكثر من 4 سنوات.

وأكد تقرير نشره المعهد الأمريكي أن قرار أبوظبي سحب جزء من قواتها المشاركة في اليمن سيخلف توتراً شديداً في علاقاتها مع شريكتها وحليفتها السعودية، مما يستوجب على المملكة مراجعة أمر إستمرارها في حرب اليمن بعد أن أصبحت وحيدة بعد تخلي أبوظبي عنها، ولفت المعهد الأمريكي إلى أن الخطوة الإماراتية تشكل تهديدا كبيرا للعلاقات بين البلدين وربما يتزايد التوتر في علاقاتهم الثنائية في نفس الوقت الذي تعاني منه منطقة الخليج من أزمات حادة وعالية الحساسية.

وقالت الباحثة في برنامج بيرنشتاين للسياسة الخليجية والطاقة بالمعهد إيلينا ديلوزيه “Elana DeLozier” في تقرير لها على موقع معهد واشنطن إن القادة العسكريون الاماراتيون يقولون إن شعارهم “حل المشكلة أو الإنسحاب”، لافتة الى أنه وفقا لوجهة نظر هؤلاء العساكر فإن الخيار الأسوأ هو الإستمرار في مستنقع الحرب في ظل وجود ظروف تمنع الحل العسكري، وقالت إنه منذ طرد جزء كبير من الحوثيين من جنوب اليمن قبل عامين، وقعت الإمارات في معركة أساسية مع مجموعات مسلحة ومدعومة من إيران في الحديدة ،غرب اليمن وعلى طول البحر الأحمر.

وبعد توقف القتال إلى حد ما وسط الجهود التي تبذلها الأمم المتحدة عبر المفاوضات، تعتبر الإمارات أن استمرارها في حرب اليمن ورطة تريد عدم الوقوع فيها وتجنبها، ووفقا لهذه الرؤية بدأت السلطات الإماراتية في سحب قواتها المنتشرة في معظم أنحاء اليمن، وذلك باستثناء قوات مكافحة الإرهاب، على حد قول الكاتبة.

وأكدت الباحثة في معهد واشنطن إنه من غير المرجح أن تعلن أبوظبي عن سحب قواتها وفقا لشروط رسمية نظرا إلى حساسية الأوضاع في السعودية، جارتها وشريكتها في التحالف، والتي تصاعدت وتيرة هجمات الحوثيين عليها والتي وصلت الى البنية التحتية الحيوية في المملكة من قبيل خطوط أنابيب النفط ومطار أبها، مشيرة الى أن المسؤولين الإماراتيين أعلنوا عن الانسحاب بشكل سري.

وقالت ديلوزيه إن التباعد بين أبوظبي والرياض مثير للقلق ولكنه لا يعتبر مفاجئا أو مستبعدا في ظل عدم التنسيق بين قوات البلدين المشاركة في حرب اليمن على الرغم من عكسهما لصورة أنهما شريكين وحليفين ويربطهم مصير واحد، وقالت إن القوات الاماراتية تنسحب من أي منطقة تدخلها القوات السعودية، مرجحة أن يكون السبب في ذلك هو شك القوات الإماراتية في كفاءة نظيرتها السعودية، موضحة أنهما اكتفتا بتقسيم اليمن بينهما حيث تتواجد القوات الإماراتية في الجنوب بينما تتواجد القوات السعودية في الشمال.

وكشفت ديلوزيه وفقا لمصادرها الإماراتية ، التي زعمت أن القوات الإماراتية تقارب 100% في مأرب و80% من الحديدة ، فيما قالت إنه قد بدأت الإنسحاب من عدن ، تاركة القوات اليمنية التي دربتها “الحزام الأمني وقوات النخبة” للإشراف على الأوضاع هناك. فيما أكدت مصادر يمنية أن جزء من القوات الإماراتية قد تم سحبها من عدن، وبالمقابل انخفض عدد الموظفين الإماراتيين في قاعدة العمليات الأمامية الرئيسية في “عصب” بإريتريا ، بنسبة بلغت نحو 75% في الشهرين الماضيين ، بما في ذلك الأفراد الذين دربوا القوات اليمنية.

وأشارت الباحثة إلى أن إنسحاب القوات الإماراتية في بعض المناطق لا يبدو واضحاً، فعلى سبيل المثال تزعم مصادر يمنية أن أبوظبي لم تسحب قواتها من محافظة شبوة ، وأن القتال مستمر في مناطق النفط في بمديرية بيحان بمحافظة شبوة، هذا بالإضافة الى أن المرتزقة الذين تمولهم أبوظبي بما فيهم ما لا يقل عن 10000 مقاتل من مليشيات الدعم السريع السودانية موجودين في قاعدة عصب، وسيظلون على استعداد للدعم والمشاركة في الحرب. وأضافت الباحثة أن القوات الإماراتية ستستمر في إدارة عمليات مكافحة الإرهاب من قاعدتها في المكلا، التي حررتها من تنظيم القاعدة عام 2016.

وقالت الباحثة إنه، بإختصار، أن الإمارات تجادل بأن سحبها لقواتها من اليمن ليس بسبب التكلفة العالية التي أرهقتها جراء الحرب ولكن لأن مهمتها في جنوب اليمن قد انتهت، وأن الصراع مع الحوثيين قد أصبح الآن تحت إدارة الأمم المتحدة وليس قوات التحالف السعودي الإماراتي.

وأستدلت الباحثة بما قاله أحد الدبلوماسيين الأمريكيين السابقين ممن لديهم خبرة في المنطقة، الذي قال إن انسحاب القوات الإماراتية هو إعتراف منهم بانهم لا يستطيعون الإستمرار عسكريا وماليا في اليمن. فيما عبر خبراء عسكريون أمريكيون عن عدم تفائلهم بقدرات القوات اليمنية على إدارة الوضع هناك، ويشعر عدد من الخبراء الأمريكيين بالقلق حيال الدور الذي قامت به القوات الإماراتية في اليمن، حيث أن أبوظبي قامت بإنشاء قوة عسكرية داعمة لإستقلال وانفصال الجنوب ولا تخضع لسيطرة الحكومة اليمنية وتقوم بتنفيذ أجندة الإمارات، وهو ما ينذر بوقوع نزاع بالجنوب في المستقبل.

توتر العلاقات الإماراتية – السعودية

ومضت الباحثة الى القول إنه من شبه المؤكد ان يتسبب قرار أبوظبي بسحب قواته من اليمن في توتر علاقتها مع السعودية، مضيفة ان على المملكة إعادة التفكير في الحرب التي تقودها في اليمن، وأضافت أنه في السابق صبرت أبوظبي على إرهاق الحرب العسكري والمالي وحافظوا على جبهة موحدة مع السعودية، ولكن فيما يبدو أن هذه الأمور قد تغيرت لسبب أو لآخر، الأمر الذي يهدد بتصاعد الخلافات بين البلدين ويحدث توترا إضافياً إلى منطقة الخليج في وقت عالي الحساسية.

وجاء في التقرير إن أبوظبي والرياض تتشاركان نفس النظرة العامة حول التهديدات الإقليمية ، فقد أعطوا الأولوية لتلك التهديدات بشكل مختلف ، بما في ذلك الأوضاع في اليمن، فمثلاً ركزت أبوظبي على محاربة جماعة الإخوان المسلمين أكثر من تركيز السعودية عليها، بينما من الواضح ان أبوظبي أقل قلقاً بشأن تمكين الانفصاليين الجنوبيين، كما أن أبوظبي والسعودية قد تعاملوا مع خلافاتهما مع إيران بشكل مختلف خارج الملف اليمني، ففي الوقت الذي ألقت فيه الرياض اللوم على طهران بشكل واضح وصريح في هجمات ناقلات النفط الأخيرة ” الفجيرة وخليج عمان” فيما تجرؤ أبوظبي على إتهام إيران بالتفجيرات، في إشارة الى تصريحات وزير الخارجية الإماراتي عبدالله بن زايد التي أدلى بها من روسيا مؤخراً والتي أكد فيها أنهم لايتهمون أي دولة بالتفجيرات التي حدثت لناقلات النفط في خليج عمان.

وأكدت الباحثة في تقريرها المطول ان صورة الحليفين الموحدة التي ظهرت بها أبوظبي والرياض قد بدأت في التلاشي في ظل تفاقم ما أسمته بالخلافات القديمة بين البلدين.

حل سياسي وليس عسكري

وشددت الباحثة على أنه كان من الواضح ومنذ فترة طويلة أن حل الأزمة اليمنية لن يتم الا عبر عملية سياسية وليس عبر الحرب والعمليات العسكرية، خاصة في ظل تصعيد الكونغرس الأمريكي للضغط في هذا الاتجاه، ثم انسحاب أبوظبي من أرض المعركة وضعف القوات السعودية وكل هذه المعطيات تعني أن الحل السياسي قد يكون الخيار الوحيد الآن، لافتة الى انه لايمكن للسعوديين الإدعاء بأنهم حققوا نجاحاً كبيراً في أهدافهم العسكرية مع تزايد تهديدات جماعة الحوثي المستمرة للحدود والداخل السعودي، هذا في الوقت الذي فشلت فيه القوات السعودية من استعادة العاصمة صنعاء وإعادة سطرتها للحكومة الشرعية المعترف بها دولياً برئاسة الرئيس عبد ربه منصور هادي. فيما ترى الكاتبة أن رغبة أبوظبي بالاستمرار بدعم الغارات الجوية التي تقودها السعودية وغيرها من العماليات العسكرية الشمالية أصبح أمراً غير واضح.

وأكدت الباحثة أنه إذا لم تسعى السعودية الى حل الأزمة اليمنية حلا سياسيا استباقيا فأنها تخاطر كثيرا وستجد نفسها وحيدة وسط حرب لايمكنها الانتصار فيها.

وقالت الباحثة في برنامج بيرنشتاين للسياسة الخليجية والطاقة بمعهد واشنطن إيلينا ديلوزيه إن انسحاب القوات الإماراتية وسط الضربات الجوية السعودية المستمرة يمثل الخيار الأسوأ ، بإعتبار أن الحوثيين سيعتبرونها فرصة لأختبار قدرات القوات اليمنية في الجنوب، وعلى النقيض تماماً فإن انسحاب القوات الإماراتية والسعودية قد يخلق مساحة للعمل السياسي والدخول في مفاوضات سعودية – حوثية لوقف الحرب، وعلى المدى الطويل ربما ينتفي السبب الأساسي الذي بسببه يهاجم الحوثيين الأراضي السعودية وذلك بغض النظر عما إذا كانت إيران تدفعهم للقيام بذلك أم لا.

وقالت الباحثة إيليان ديلوزيه إنه وفقا لهذه المعطيات سالفة الذكر فإنه يجب على الولايات المتحدة الأمريكية حث الرياض الى التفكير في الدخول في مفاوضات مباشرة مع الحوثيين على غرار مفاوضات عام 2016، مع توفير الضمانات الكافية التي تجعل هذه المفاوضات مقبولة لدى حكومة الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي. وأضافت أنه ينبغي على واشنطن أيضاً دعم وتشجيع الجهود التي تبذلها الأمم المتحدة ورعاية محادثات تجمع حكومة هادي والحوثيين وذلك من أجل حل الأزمة اليمنية كلها وليس الحديدة فقط. وأكدت الباحثة أن المبعوث الخاص للأمم المتحدة الى اليمن سيجد نفسه في ورطة أذا لم تتفاعل الأطراف مع بعضها البعض بحيوية أكبر.

شارك هذا الخبر

شاهد أيضاً

رؤساء بنوك الكريمي والتضامن والتجاري وغيرها يكشفون حقيقة صادمة بشأن نقل البنوك لمقراتها الى عدن

رؤساء بنوك الكريمي والتضامن والتجاري وغيرها يكشفون حقيقة صادمة بشأن نقل البنوك لمقراتها الى عدن …