الميدان اليمني – خاص
شككت جماعة الحوثي في جدية مبادرات السلام المعلنة من جانب دول التحالف العربي الذي تقوده السعودية، والهادفة لوقف الحرب المشتعلة في اليمن منذ عدة أعوام، مقللة في الوقت ذاته من أهمية الدور المعول على المبعوث الأممي الجديد لتحقيق إختراق في جدار الأزمة.
وقال محمد عبدالسلام المتحدث الرسمي باسم الجماعة وكبير مفاوضيها في مشاورات السلام، خلال مقابلة تلفزيونية مع قناة “العالم”، إن دول التحالف ليست جاهزة في الوقت الراهن لوقف إطلاق النار، ولكنها تحاول المناورة من أجل كسب الوقت والحصول على فرصة لإلتقاط أنفاسها وخاصة بعد الضغط العسكري الذي تتعرض له في محافظة مأرب.
وأضاف: ” على دول العدوان أن تدرك ما سببه عدوانها وحصارها من معاناة ومن دمار، وأن تعي أن استمرار تعنتها سيكلفها أكثر وأكثر”.
وكشف القيادي الحوثي عن حدوث عدة إجتماعات له مع الجانب السعودي منذ بداية الحرب وحتى الآن، دون تقديم تفاصيل إضافية عن طبيعة ونتائج تلك الاجتماعات.
وأشار أيضا إلى أن جماعة الحوثي قدمت للوسطاء العمانيين “مبادرة بشأن ايقاف العمليات العسكرية في مأرب”، أثناء زيارتهم مؤخراً إلى صنعاء والتي حملوا خلالها رسالة من السعودية وبعض الأطراف الدولية إلى قيادة الجماعة.
مؤكداً في السياق، أن جهود الوساطة العمانية في الشأن اليمني ماتزال مستمرة، لكنها لم تصل بعد إلى أية نتيجة.
كما قلل عبدالسلام من الدور المعول على المبعوث الاممي الجديد، وقال أنه “لا يستطيع التحرك خارج إطار سياسات السعودية والإمارات وأميركا وبريطانيا”.
وأفاد القيادي الحوثي، إن تعيين مبعوث جديد للأمم المتحدة لا يعني شيئا ما لم يكن هناك إعلان صريح بوقف العدوان ورفع الحصار، حد تعبيره
موضحاً أنه لا جدوى من أي حوار حول وقف إطلاق النار أو الدخول في عملية سياسية قبل فتح المطارات والموانئ كأولوية وحاجة وضرورة ملحة.
وفي مارس/ آذار الماضي، طرحت المملكة العربية السعودية مبادرة لوقف إطلاق النار بشكل شامل في اليمن تحت رقابة الأمم المتحدة مقابل إعادة فتح مطار صنعاء جزئيا والسماح باستيراد المواد الغذائية والوقود عبر ميناء الحديدة، قبل الإنتقال إلى مفاوضات سياسية.
لكن المبادرة السعودية قوبلت بتحفظات كبيرة من جماعة الحوثي، بالرغم ما تحمله من اعتراف سعودي ضمني بواقع أفرزته الحرب، ووضع الحوثيين اليوم في موقف قوي في أي مفاوضات سلام قد تعقد مستقبلا.
ورفض الحوثيون المبادرة السعودية، وقللوا من أهميتها لإنهاء الحرب المستعرة في اليمن منذ سبع سنوات وقالوا إنها لا تتضمن شيئا جديدا.
وقال كبير المفاوضين الحوثيين، محمد عبد السلام، إن هذه الخطة “لا تتضمن شيئا جديدا”، إن المملكة “جزء من الحرب ويجب أن تنهي الحصار الجوي والبحري على اليمن فورا”.
وشدد محمد عبد السلام، على أن “فتح المطارات والموانئ حق إنساني ويجب ألا يستخدم كأداة ضغط”.
وبحسب المبعوث الأممي السابق الى اليمن، فإن رؤية الحوثيين للتعاطي مع خطة السلام، تقوم على أساس البدء بالشق الإنساني من خلال اتفاق منفصل قبل الخوض في مشاورات متقدمة حول باقي بنود المقترح الذي ينتهي بمفاوضات موسعة لتقاسم الحكم في البلاد.
وبينما تضغط الأمم المتحدة وواشنطن من أجل إنهاء الحرب، يطالب الحوثيون بإعادة فتح مطار صنعاء المغلق منذ العام 2016، قبل أي وقف لإطلاق النار أو مفاوضات.
وللعام السابع على التوالي، يشهد اليمن حربا عنيفة أدت إلى خلق واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية بالعالم، حيث بات 80% من اليمنيين، البالغ عددهم نحو 30 مليون نسمة، يعتمدون على المساعدات، ودفع الصراع الملايين إلى حافة المجاعة.
ويزيد من تعقيدات النزاع أنه له امتدادات إقليمية، فمنذ مارس/ آذار 2015، تقود السعودية تحالفا عسكريا، دعما للحكومة اليمنية، في سعيها لاستعادة العاصمة صنعاء ومناطق واسعة في شمال وغرب اليمن، سيطرت عليها جماعة الحوثي أواخر 2014، لكنها وبعد نحو 7 أعوام لم تحقق سوى أسوأ كارثة إنسانية عالمية، وفقاً للأمم المتحدة.
وأسفر الصراع في اليمن عن مقتل وإصابة مئات الآلاف من المدنيين والعسكرين في الجانبين؛ فضلا عن تدمير البنية التحتية للبلاد، وانتشار الأمراض والأوبئة، ونزوح السكان من مناطق القتال، فيما يعاني البلد من تدهور حاد في القطاع الصحي ما أدى إلى انتشار الأوبئة والأمراض.
وتشير أرقام الأمم المتحدة إلى أن 16 مليون شخص في اليمن يعانون من انعدام الأمن الغذائي، و3 ملايين يعانون من سوء تغذية حاد.
كما تشير منظمة “موقع النزاع المسلح وبيانات الأحداث ACLED” إلى أن أكثر من 200 ألف شخص قتلوا منذ بدء الحرب في اليمن، بينهم 12 ألف مدني، إضافة إلى أن 85 ألف شخص ماتوا نتيجة المجاعة التي سببتها الحرب.