الميدان اليمني – وكالات
رجحت صحيفة “غارديان” البريطانية وجود صلة بين محاولة الانقلاب الفاشلة في الأردن ومخطط أوسع يهدف إلى تغيير صورة الشرق الأوسط برمته.
وأفادت الصحيفة في تقرير نشرته الأربعاء بأن بالسفارة الأمريكية هي التي أبلغت دائرة المخابرات العامة الأردنية في الأسبوع الثاني من مارس الماضي بأنشطة تمارس في المملكة تهدد بالإطاحة بالملك عبد الله الثاني، مضيفة أن هذه المعلومات كانت مفاجئة لحكومة عمّان وأثارت صدمة لديها.
وذكرت الصحيفة أن هذا الاتصال جاء بعد أن تواصل رجل الأعمال الأردني الشريف حسن بن زيد (وهو أحد المتهمين في قضية الانقلاب) مع سفارة واشنطن مطالبا الولايات المتحدة بدعم ولي العهد السابق الأمير حمزة بن الحسين (الذي يترأس قائمة المتهمين).
وتابع التقرير أن المخابرات الأردنية في غضون ساعات معدودة أعادت تركيز جهودها على مراقبة الأمير حمزة، ما أسفر عن وضعه قيد الحبس المنزلي في أوائل أبريل.
وذكر التقرير: “لكن خارج قاعة المحكمة، تظهر أدلة على أن هذا الخلاف العائلي قد يكون ناجما عن مؤامرة أوسع، حيث ينظرون إلى الأفعال المزعومة المنسوبة إلى الأمير حمزة والمتآمرين الاثنين معه أكثر فأكثر كأنها صدى متضائل لمخطط أوسع مغذى من قبل أقرب حلفاء الأردن كان من شأنه أن يهدد سيطرة عبدالله على العرش في حال فوز دونالد ترامب بولاية ثانية كرئيس للولايات المتحدة”.
ولفتت الصحيفة إلى أن عواقب مساعي ترامب الرامية إلى إعادة ترسيم خريطة إسرائيل وفلسطين والمتمثلة بما يعرف بـ”صفقة القرن” تتبلور أكثر فأكثر حاليا، مؤكدة أن مسؤولين في إدارة الرئيس الأمريكي الجديد جو بايدن يخشون من أن مصالح الأردن كانت ستتضرر في حال إعادة انتخاب ترامب وكان من الممكن أن تصبح قيادة المملكة ضحية في هذا السيناريو.
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين إقليميين ترجيحهم وجود صلة بين الأنشطة المنسوبة للأمير حمزة والنهج الذي كان يتبعه صهر ترامب وكبير مستشاريه جاريد كوشنر بدعم من ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.
وأقر مسؤولون أردنيون بارزون للصحيفة بأن العلاقات بين عمان وواشنطن المبنية على التعاون الأمني المستمر لنصف قرن تدهورت حتى نقطة حرجة في عهد ترامب، بسبب اعتماد إدارته في تطبيق أجندتها الخاصة بالشرق الأوسط على مجموعة ضيقة من المسؤولين الموالين الذين اختارتهم بنفسها، وليس على مؤسسات الدولية المختصة والمسؤولين الحكوميين الذين اعتادت المملكة على التعامل معهم.
وذكرت الصحيفة أن إدارة ترامب لم تبلغ الأردن، على الرغم من دور المملكة في تسوية النزاع بين الإسرائيليين والفلسطينيين، بتفاصيل “صفقة القرن”، قبل الإعلان عنها رسميا أوائل 2019، موضحة أن هذه الخطة كانت غير مقبولة بالنسبة لعمان، خاصة وأنها كانت تهدد بإلغاء وصاية الأردن على الحرم الشريف وتقاسمها مع إسرائيل والسعودية.
وحتى منتصف 2020، تزايدت، حسب الصحيفة، مخاوف الملك عبد الله إزاء التوترات المتصاعدة في علاقات بلده مع الولايات المتحدة والسعودية اللتين يعتمد عليهما الأردن على حد سواء.
وأشارت “غارديان” نقلا عن مسؤولين أردنيين وسعوديين، إلى أن الرياض في اتصالات شخصية أعربت عن عدم ارتياحها إزاء رفض الأردن قبول نهج ترامب إزاء الشرق الأوسط.
وفي آخر أشهر ولاية ترامب، كثف البيت الأبيض الضغوط الرامية إلى تطبيق “صفقة القرن”، وأكد مسؤولون أمريكيون للصحيفة أن ممثلين عن الإدارة السابقة طلبوا في أواخر 2020 استشارة بخصوص المجالات التي كان بإمكان البيت الأبيض تعليق دعم الولايات المتحدة للأردن فيها دون التشاور مع الكونغرس.
ونقلت الصحيفة عن رجل أعمال سعودي مقرب من الديوان الملكي قوله إن كوشنر والأمير محمد كانا في ذلك الحين غاضبان إزاء تصلب قيادة الأردن والرئيس الفلسطيني محمود عباس على رفض “صفقة القرن”.
وأوضح رجل الأعمال: “كانا (كوشنر ومحمد بن سلمان) يعتبران أنهم (عباس والأردنيون) يشبهون اللبنانيين: يأخذون كثيرا ولا يعطون شيئا في المقابل”.
ولفتت “غارديان” إلى أن تعزيز الصداقة بين كوشنر ومحمد بن سلمان جاء بالتزامن مع توطيد الروابط بين رئيس الديوان الملكي الأردني السابق باسم عوض الله، وهو من المتهمين في قضية الانقلاب، والرياض، مذكرة خاصة بأن عوض الله انضم عام 2019 إلى خبراء “مبادرة مستقبل الاستثمار” السعودية.
وأشارت الصحيفة البريطانية إلى أن وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان، بعد اعتقال عوض الله في الثالث من أبريل، توجه إلى عمّان للقاء المسؤولين الأردنيين، مضيفة :”تفهم “غارديان” أن بن فرحان طلب الإفراج عن عوض الله لكن مضيفيه رفضوا هذا الطلب”.
وقال مصدر استخباراتي إقليمي للصحيفة: “في نهاية المطاف خسر ترامب وانهار كل شيء، لكن لو أعيد انتخابه لكان هناك منطقة مختلفة جدا”.