أعلن رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد، الخميس، أن مهلة الاستسلام التي منحتها حكومته لمقاتلي إقليم تيغراي شمالي البلاد انتهت، معلنا بدء “المرحلة الأخيرة” من عملية عسكرية في تيغراي بهجوم على ميكيلي عاصمة الإقليم.
وأمر آبي أحمد الجيش الإثيوبي بشن هجوم على ميكيلي، المدينة التي يبلغ عدد سكانها حوالي 500 ألف نسمة، في “المرحلة الثالثة والأخيرة” من الحملة العسكرية للحكومة الفيدرالية ضد جبهة تحرير شعب تيغراي.
وقال آبي في منشور على حسابه الرسمي بموقع “فيسبوك” رصده “الميدان اليمني”، إن الجيش تلقى أوامر “بتنفيذ (…) المرحلة الأخيرة” من العملية التي بدأت في الرابع من تشرين الثاني/نوفمبر ضد قادة جبهة تحرير شعب تيغراي، واعدا بـ”بذل كل الجهود حتى لا تتعرض مدينة ميكيلي (…) لأضرار جسيمة” و”لحماية المدنيين”.
وأوضح آبي أن “باب الخروج السلمي الأخير للمجلس العسكري لجبهة تحرير شعب تيغراي أُغلق بسبب غطرسة المجلس العسكري”، بعد انتهاء مهلة مدتها 72 ساعة أعطيت لسلطات تيغراي وأفراد قواتها للاستسلام.
وأضاف رئيس الوزراء الإثيوبي “لو اختارت العصابة الإجرامية في جبهة تحرير تيغراي الاستسلام سلميا، لكانت الحملة (العسكرية) انتهت بأقل قدر من الأضرار”، مشيرا إلى أنه منح قادة تيغراي “فرصا عديدة للاستسلام بسلام في الأسابيع الأخيرة”.
ودعا “سكان ميكيلي ومحيطها” إلى “إلقاء السلاح والابتعاد عن الأهداف العسكرية واتخاذ كافة الاحتياطات اللازمة”.
وقال آبي إنه سيتم توخي “عناية كبيرة” لحماية المدنيين وسيتم بذل “كل الجهود” للحد من الأضرار في ميكيلي.
وأكد أنه “سيتم فعل كل شيء لتجنب استهداف المواقع الأثرية وأماكن العبادة والمؤسسات العامة والإنمائية والمنازل الخاصة”.
وكان أحمد أعلن في وقت سابق من هذا الأسبوع منح قادة الإقليم الذي يتمتع بحكم شبه ذاتي مهلة 72 ساعة للاستسلام، وإلا واجهوا هجوما كبيرا.
وانتهت المهلة، الأربعاء، دون أن يبدي قادة تيغراي أي رغبة بالاستسلام، لا بل إنهم قالوا إنهم مستعدون للموت.
وكتب آبي أحمد في تغريدة على “تويتر” رصدها “الميدان اليمني”، إن “الهجوم وصل إلى مرحلته الأخيرة”.
وأضاف: “انتهت المهلة الممنوحة للجبهة الشعبية لتحرير تيغراي الإجرامية للاستسلام سلميا، ووصلت حملتنا لفرض القانون إلى مرحلتها الأخيرة”، مشيراً إلى إن آلاف المقاتلين استسلموا بالفعل.
وقالت الحكومة الإثيوبية إنها توزع مساعدات على النازحين بسبب القتال في منطقة تيغراي، بعد ساعات من بدء الهجوم الأخير على القيادة المنشقة هناك.
وأضافت أنها أقامت أربعة مخيمات في مناطق خاضعة لسيطرة الحكومة، وأنشأت ممرا إنسانيا.
وقالت مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، ميشيل باشليت، لبي بي سي إن الأبرياء يعانون وأن هناك احتمالا بارتكاب انتهاكات خطيرة للقانون الدولي. وأضافت أنها طلبت من السفير الإثيوبي في جنيف ضمان حماية المدنيين، وقدرتهم على الحصول على الإغاثة الإنسانية.
ماذا قال حزب جبهة تحرير شعب تيغراي؟
قال زعيم الحزب القوي، ديبريتسيون غبريمايكل، إن قوات تيغراي “مستعدة للموت دفاعا عن حقنا في إدارة منطقتنا”.
وتخشى جماعات الإغاثة أن يؤدي الصراع إلى أزمة إنسانية وزعزعة استقرار منطقة القرن الأفريقي.
وأعربت الأمم المتحدة عن انزعاجها من احتمال وقوع أعمال عدائية كبيرة إذا هاجم الجيش الإثيوبي ميكيلي.
ووصل ممثلو الاتحاد الأفريقي إلى العاصمة الإثيوبية، أديس أبابا، الخميس، ومن المتوقع أن يجتمعوا مع آبي. لكن لن يُسمح لهم بالسفر إلى تيغراي. ووصفت إثيوبيا عروض الوساطة بأنها “أعمال تدخل غير مرحب بها وغير قانونية”.
واتهمت لجنة حقوق الإنسان التي عينتها الدولة في إثيوبيا مجموعة شبابية من تيغراي بالوقوف وراء مذبحة حدثت في وقت سابق من هذا الشهر، وقالت إن أكثر من 600 مدني قتلوا فيها.
وتقول اللجنة إن الجماعة طعنت وضربت بالهراوات وأحرقت حتى الموت سكانا غير تيغريين في بلدة ماي كادرا بالتواطؤ مع قوات محلية.
لكن حزب جبهة تحرير شعب تيغراي نفى ضلوعه في الأمر، ودعا إلى إجراء تحقيق دولي مستقل.
علام يدور القتال بين إثيوبيا وتيغراي؟
تعود جذور الصراع إلى التوتر طويل الأمد بين الحكومة المركزية في إثيوبيا وحزب جبهة تحرير تيغراي، الذي كان القوة السياسية المهيمنة في البلاد بأكملها حتى وصل آبي إلى السلطة في عام 2018 وأدخل سلسلة من الإصلاحات واسعة النطاق.
وشن آبي حملة عسكرية على منطقة تيغراي شمالي البلاد، في الرابع من نوفمبر الجاري، بهدف معلن هو إطاحة الحزب الحاكم فيها، الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي، التي يتهمها بتحدي حكومته والسعي لزعزعة استقرارها، لكن تقارير تحدثت عن صراع مكتوم بين الطرفين على الموارد الاقتصادي والنفوذ السياسي في البلاد.
واستطاعت القوات الاتحادية السيطرة على مناطق شاسعة من الإقليم.
وشكّل ذلك تطورا كبيرا في الخلاف بين الحكومة الفدرالية والجبهة، التي هيمنت على مقاليد السياسة الوطنية بالبلاد لما يقرب من 3 عقود حتى اندلاع الاحتجاجات التي أوصلت أحمد للحكم في 2018.
وقتل مئات الأشخاص في النزاع الدائر منذ أسبوعين في ثاني أكبر دولة في إفريقيا من حيث عدد السكان، وفر عشرات الآلاف صوب السودان المجاور.