عواقب خطيرة وكارثية يمنعها السلطان قابوس.. قرار مصيري يخشاه الجميع من سلطنة عمان خلال الساعات القادمة وسط حالة كبيرة من الترقب

عواقب خطيرة وكارثية يمنعها السلطان قابوس

الميدان اليمني – متابعات

بعيدًا عن شائعات وفاة السلطان قابوس أو سوء حالته الصحية، وبعيدًا عن اللغط المتداول بشأن الخلافات حول الشخصية التي ستخلفه على عرش السلطنة، يتساءل الكثيرون حول مصير سياسة الحياد التي طالما اتبعتها عمان.

عمان التي حافظت على استقرارها رغم كل ما يحيط بها من أزمات وحروب، استطاعت أن تلعب دورًا حيويًا على مر سنوات طوال، وأن تتبوأ موقع الوسيط النزيه الذي تلجأ الدول إليه لحل خلافاتها ورأب صدعها مع الدول المحيطة، ليس على المستوى العربي فقط، بل الدولي والإقليمي أيضًا.

الأمثلة في وساطة عمان طويلة، كان آخرها تدخلها في الأزمة الخليجية بين قطر ودول الخليج، وكذلك الأزمة النووية بين إيران وأمريكا، بيد أن الأمور باتت مقلقة بالنسبة للعمانيين الذين يخشون على بلادهم من سياسة أخرى قد تجرهم لمستنقع الصراع الذي وقعت في براثنه أغلب الدول العربية.

عواقب خطيرة وكارثية يمنعها السلطان قابوس

وفي ظل الظروف التي تمر بها عمان على مستوى اللغط حول كرسي السلطنة، بات من الضروري الإجابة عن عدة تساؤلات أهمها، هل من الممكن أن تتخلى عمان عن حيادها، وفي حال قامت بذلك كيف سيؤثر ذلك عليها وعلى القضايا الإقليمية التي تتولى وساطتها، وهل هناك خطورة على عمان من موت السلطان باعتباره رمانة ميزان السياسة العمانية؟

عمان ومرض قابوس

تداولت وسائل إعلام دولية شائعات عن وفاة حاكم عمان السلطان قابوس بن سعيد، بعدما زعم الصحفي والباحث الإسرائيلي إيدي كوهين، بوفاته تزامنا مع أنباء مرضه وعودته من رحلة علاجية في بلجيكا.

وقال كوهين في تغريدة عبر حسابه على “تويتر”: “رحمك الله يا سلطان عمان يا ربان الخليج قابوس بن سعيد آل سعيد إلى جنات الخلد آمين”.

ولم تعلق وسائل الإعلام العمانية، غير أن وكالة الأنباء العمانية الرسمية قالت إن السلطان قابوس بن سعيد أرسل برقية تعزية إلى الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، أمس الثلاثاء، بوفاة الفريق أحمد قايد صالح نائب وزير الدفاع الوطني، رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي الجزائري، لتفند المزاعم المنتشرة على وسائل الإعلام.

وكثرت التقديرات في وسائل الإعلام حول الوضع الصحي الذي يعاني منه السلطان قابوس، وفي هذا الصدد نشرت صحيفة “الغارديان” البريطانية تقريراً فيما يتعلق بحالة الملك قابوس الصحية.

ويقول التقرير إن الملك قابوس يعاني حالة صحية سيئة، وأنه تجري مباحثات في البلاط الملكي عن من سيخلف السلطان قابوس في حكم عمان.

لماذا تتبع عمان سياسة الحياد دائمًا؟

المحلل السياسي العماني عبد الله باعبود، قال إن “سلطنة عمان دولة صغيرة في المنطقة، ومحدودة الإمكانيات، وسياسة الحياد التي تتبعها في القضايا الإقليمية والعربية، لا يمكن أن تتخلى عنها في يوم من الأيام، فهي نابعة من ثقافتها وتاريخها”.

وأضاف في تصريحات لوكالة “سبوتنيك” أن “السلطنة دائمًا لا تؤيد فكرة الأحلاف، ولا يمكنها أن تذهب إلى محور وتترك المحور الآخر، فالرواسخ العمانية تدفعها دائمًا في تجنب الصراعات، وعدم الدخول فيها غير بشكل سلمي للوساطة”.

وأما في بعض القضايا الإقليمية التي تمسها بشكل كبير، قال: “يمكن هنا أن يكون هناك بعض الاختلاف في مدى درجة الحياد التي تتبعها في هذه القضايا، أو ما الذي يمكن أن تفعله، أو لا تفعله في حل الصراعات، لكن لا يمكن أن تقف بجانب طرف على حساب الآخر”.

وتابع: “دائما تسعى سلطة عمان بقيادة السلطان قابوس إلى رأب الصدع، والتعاون السلمي، والقبول بالآخر مهما كانت درجات الاختلاف، وحل الأمور والخلافات المستعصية عن طريق الحوار”.

ما مخاطر انحياز عمان في سياساتها؟

أشار باعبود إلى أن “القوة والقيمة التي تحظى بها سلطنة عمان تأتي من الاستناد لسياسة الحياد، والتي نجحت بشكل كبير في تجنيب شعبها، صراعات المنطقة، وجعل لها دورًا ومكانة عالية ووزن ثقيل في العالم، ويقع على عاتقها حل المشاكل المعقدة بين الدول”.

عواقب خطيرة وكارثية يمنعها السلطان قابوس

وبشأن المخاطر المتوقعة حال تخلت عمان عن حيادها، أكد أن “السلطنة عانت كثيرًا من أزمات تاريخية طاحنة، وتعد من أكثر الدول التي شهدت حروبًا أهلية داخلية، وأن فكرة تخليها عن الحياد سيؤثر سلبيًا بشكل كبير ليس على عمان وشعبه فقط، بل على كل المنطقة التي لن تجد وسيطًا نزيهًا يرأب صدعها ويحل مشاكلها”.

السلطنة عانت كثيرًا من أزمات تاريخية طاحنة، وتعد من أكثر الدول التي شهدت حروبًا أهلية داخلية، الكل يعلم حجم هذه الصراعات وأثرها السلبي ليس على عمان وشعبه وحسب، بل على كل المنطقة، والتي لن تجد وسيطًا نزيهًا يرأب صدعها ومشاكلها”.

هل يمكن أن تتخلى عمان عن سياستها؟

من جانبه قال الباحث العماني في الشؤون الدولية، سالم الجهوري، إن “عمان لا يكن لها أن تتخلى عن هذا الحياد، لأنها تمارس إرثًا سياسيًا قديمًا، وليس ابتداع حديث، فهي تركز على محاور معينة في إدارتها السياسية مع القاصي والداني بعلاقاتها الخارجية، منذ القدم”.

وأضاف في تصريحات لوكالة “سبوتنيك”، أن “عمان كانت منفتحة على العالم، وهي من الدول العربية القلائل التي بدأت علاقاتها مع الولايات المتحدة بعد أن اعترفت بها منذ أكثر من 270 عامًا، وأرسلت أول سفير لها إلى نيويورك، عبر سفينة سلطانية وهو السفير أحمد بن نعمان الكعبي، اعترافًا منها بقيام أمريكا”.

وتابع: “هذه الخطوات التاريخية استطاعت أن تؤسس مجدًا سياسيًا دبلوماسيًا على مضى قرون طويلة، وبالتالي هذه السياسة نهج في القيادة العماني”.

ومضى قائلًا: “في نظري لن تتغير السياسة، لمقومات عدة منها موقع عمان الجغرافي والذي يجعلها حلقة بين الشرق والغرب، وبين الشمال والجنوب، وأنها أيضًا قريبة من الحضارات التي قامت سواء كانت في الحضارة الفارسية أو الحضارة الفنيقية القديمة، والفرعونية، السلطنة كانت على تواصل مع هذه الحضارات أيضا وملوكها، كانت الوحيدة تقريبا مع اليمن في الجزيرة العربية خلال القرون الماضية”.

السلطان قابوس

لماذا يخشى العمانيون موت السلطان وهل هو الضامن لنهج السلطنة؟

وأضاف الجهوري: “لا خوف على سلاسة انتقال السلطة في عمان الأمور مرتبة منذ فترة طويلة، وهناك نظام أساسي للدولة العمانية وهو في حالة وفاة أي من السلاطين هناك خياران؛ إما أن تجتمع العائلة المالكة وتختار من تراه مناسبًا، وهذا نهج شورى قديم، والخيار الثاني في حال لم تتفق العائلة يتم بعد 3 أيام فتح الوصية التي تركها السلطان الراحل، وهناك اسم مرشح لقيادة الدولة عليهم الاحتكام إليه ومبياعته، وهذه الفلسفة هي التي قامت عليها الدولة العمانية منذ قرون طويلة”.

أما عن مسألة تغير السياسية بتغير السلطان، قال: “مهما اختلفت الوجوه التي تدير السياسية، سيظل النهج مستمرا لأن السلطنة تدرك أن العلاقات الجيدة والمتينة ذات المصالح المشتركة والخالية من الأجندات والمصالح، تستطيع أن ترتقي مع الأمم، وتستطيع أيضا أن تخلق الفرص بين شعبي أي دولتين”.

واتفق المحلل السياسي العماني عبد الله باعبود في نفس النقطة، حيث أكد أن “أحدًا لا يمكن أن ينكر فكر ورؤية السلطان قابوس، لكن هذا لم يأت من فراغ، بل نابعين من المقومات العمانية المتعلقة بالجغرافيا والإمكانيات والتاريخ”.

ومضى بالقول: “هذه السياسة متأصلة في ثقافة عمان ولو حدث أي تغيير في منصب القائد سيكون هناك اختلاف طفيف لأن لكل شخص دوره ورأيه، لكن لا يمكن أن يصل لدرجة التخلي عن سياسة هي من مقدارت الدولة وتاريخها، ونابع من مجتمعها”.

سلطنة عمان وسياسة واضحة

منذ تولي السلطان قابوس السلطة في عام 1970، أعلن الخطوط الرئيسة لسياسته الخارجية وذكر أنها مبنية على حسن الجوار مع كافة الدول العربية، وعدم التدخل في شؤونهم الداخلية، وتدعيم علاقات عمان معهم جميعًا، وإقامة علاقات ودية مع سائر دول العالم، والوقوف مع القضايا العربية والإسلامية ومناصرتها فى كل المجالات، وأوضح أنه يؤمن بالحياد الإيجابي ويناصره تمامًا.

ورغم الخلافات التي دبت في الشرق الأوسط، نأت عمان بنفسها عنها والتزمت الحياد، فرفضت المشاركة في التحالف العربي الذي تقوده الإمارات والسعودية في اليمن واستقبلت اجتماعات عدة للحوثيين ووفد الحكومة لرأب الصدع، ولم تشارك بالمقاطعة العربية والخليجية مع قطر وتوسطت لحل الأزمة، ولها علاقات قوية مع إيران وكذلك أمريكا وتدخلت لحل الصراع النووي، ومع إسرائيل وفلسطين، وغير ذلك مع كل الدول.

وليس للسلطان أي أبناء لذلك ليس هناك وريث واضح كما أنه لم يختر وليا للعرش طوال سنوات حكمة لكنه سجل رغبته في تحديد خليفته في خطاب سري مغلق موجه لمجلس عائلة آل سعيد الحاكمة والتي يتداول أبناؤها حكم البلاد منذ منتصف القرن الثامن عشر.

ووفقاً للمادة 6 من الدستور العماني، فإن الأسرة الحاكمة مكفّلة بتعيين حاكم جديد للبلاد بعد مضي ثلاث أيام من عزل أو وفاة السلطان الموجود ولم يتم تعيين أحد بدلاً منه، فإذا لم يتمكن أعضاء مجلس الشورى الملكي من انتخاب خليفة للسلطان فإن مجلس الشورى الدفاعي العماني سينتخب أحدا ممن اختارهم الملك قابوس في وثيقته.

للمزيد من الأخبار إضغط (هــنــــــا)

لمتابعة صفحتنا على تويتر إضغط (هـــنــــــــا)