الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ونظيره الأمريكي دونالد ترامب
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ونظيره الأمريكي دونالد ترامب

ترامب يوجه إهانة بذيئة وغير مسبوقة لـ”أردوغان” والأخير يتخذ إجراءات عاجلة للرد بقوة وتهديدات أمريكية بتدمير تركيا كليا

ترامب يوجه إهانة بذيئة لـ”أردوغان”

الميدان اليمني – متابعة خاصة

قال الكاتب الفلسطيني عبدالباري عطوان، أنه من المُفترض أن يقوم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بزيارة رسمية إلى واشنطن حوالي منتصف الشهر الحالي، تلبية لدعوة الرئيس دونالد ترامب.

وأضاف عطوان في مقال نشره مساء الاثنين، وتابعه “الميدان اليمني”، أن ثلاثة مسؤولين أتراك أكدوا اليوم أن هذه الزيارة قد تُلغى احتجاجا على تصنيف مجلس النواب الأمريكي لقتل الأرمن قبل مئة عام بأنُه “إبادة جماعية” والتهديد بفرض عقوبات أمريكية على تركيا.

وأوضح عبدالباري عطوان أن السبب الآخر الذي لا يقل أهمية وخطورة ويدفع باتجاه إلغاء زيارة أردوغان إلى واشنطن، هو الرسالة التي بعث بها الرئيس دونالد ترامب إلى نظيره التركي يوم التاسع من الشهر الماضي، احتجاجا على الهجوم التركي على مواقع الأكراد في شمال سورية.

اقرأ أيضا:

صحيفة أمريكية تفجر مفاجأة وتكشف تفاصيل خطيرة: صهر ترامب منح محمد بن سلمان الضوء الأخضر لتصفية “خاشقجي”

لمتابعة صفحتنا على تويتر إضغط (هـــنــــــــا)

واحتوت الرسالة التي بعثها ترامب إلى الرئيس التركي على تطاول شخصي مُهين، تمثل في وصفه للرئيس أردوغان بالعنيد والأحمق، والتهديد بتدمير الاقتصاد التركي، وهو تصرف غير مسبوق في الأعراف الدولية، ويخرج عن المعايير الدبلوماسية في التعاطي بين قادة الدول، خاصة إذا وضعنا في اعتبارنا أن البلدين شريكان في حلف “الناتو”، وعلاقاتهما التحالفية الاستراتيجية تمتد لأكثر من 80 عامًا.

وفي ما يلي يعيد “الميدان اليمني” نشر نص مقال عبدالباري عطوان الذي نشرته صحيفة رأي اليوم:

***
هُناك وِجهتا نظر تركيّتان حول هذه المَسألة:

الأولى: تقول إنّ الرئيس أردوغان سيمضي قُدمًا في هذه الزيارة، وفي موعدها المُحدّد، لأنّه لا يُريد أيّ تصعيد في العلاقات مع إدارة الرئيس ترامب ينعكس سَلبًا على الاقتصاد التركي الذي يُواجه أزمة كبيرة هذه الأيّام، وما يُؤكّد وجهة النّظر هذه أنّ الرئيس أردوغان تراجُع عن قراره برفض استقبال الوفد الأمريكي الذي زار أنقرة قبل أسبوعين رئاسة مايك بنس، نائب الرئيس، ومايك بومبيو، وزير الخارجيّة، وإدلاء السيّد إسماعيل دمير، رئيس هيئة الصّناعات الدفاعيّة التركيّة، بتصريحٍ مُفاجئٍ، وفي توقيتٍ مدروس، قال فيه إنّ تسليم الدّفعة الثانية من منظومات صواريخ “إس 400” الروسيّة قد يتأجّل بسبب خِلافات بين البلدين، أيّ روسيا وتركيا حول جوانب تكنولوجيّة، وربّما يأتي هذا التّأجيل لتوفير أجواء أفضل لزيارة الرئيس أردوغان، وإبقاء شَعرة مُعاوية مع الإدارة الأمريكيّة التي تُعارض من الأساس هذه الصّفقة.

الثانية: احتمالات إقدام الرئيس أردوغان على إلغاء هذه الزيارة تبدو كبيرة من وجهة نظر المُعسكر الثاني المُؤيّد لهذه الخطوة، فالرئيس التركيّ شعر بإهانة كبيرة من رسالة ترامب وما ورد فيها من تطاول وأوصاف غير لائقة، وعبّر عن هذه الإهانة عَلنيًّا عندما قال إنّ الرّد عليها في الوقت الرّاهن ليس أولويّة، ولكنّه سيأتي حتمًا في الوقت المُناسب، ومن غير المُستبعد من وجهة نظر هؤلاء، أن يقوم بإلغاء الزيارة كُلِّيًّا.

ذِهاب الرئيس أردوغان إلى واشنطن ودون تقديم أيّ تنازلات للمَطالب الأمريكيّة بسحب قوّاته من شِمال سورية، وعدم الدخول في مُواجهات مع قوّات سورية الديمقراطيّة الحليفة لواشنطن، والتخلّي عن صفقة صواريخ “إس 400” الروسيّة قد يُؤدّي إلى تَدهورٍ أكبر في العلاقات مع الدولة المُضيفة، والرئيس ترامب تحديدًا، وعدم ذهابه، أو بالأحرى مُقاطعته، قد يُصَعِّد من حدّة المُواجهة بين البلدين، ويُعجّل بفرض عُقوبات اقتصاديّة أمريكيّة على أنقرة كخُطوة أولى، وربّما إلغاء عُضويّتها في حِلف “النّاتو”.

سليمان صويلو، وزير الداخليّة التركي، هدّد اليوم الاثنين بترحيل جميع عناصر “داعش” إلى بُلدانهم، والأوروبيّة والأمريكيّة منها، بِما في ذلك من جرى إسقاط الجنسيّة عنهم، وقال إنّ تركيا ليسَت فُندُقًا لإقامة هذه العناصر، وقبلها لوّح الرئيس أردوغان بفتح بوّابات الهِجرة إلى أوروبا أمام اللُاجئين السوريين المُقيمين في تركيا، إذا لم تحصُل بلاده على دعمٍ ماليٍّ وسياسيٍّ في مُقابل عدم الإقدام على هذه الخُطوة، وهذه إشارة إلى احتمالات حُدوث تصعيد من قِبَل الدول الغربيّة ضِد تركيا، والاستِعداد لاستِخدام كُل الأوراق في مُواجهته.

أصدقاء تركيا يتناقصون بينما يتزايد عدد أعدائها بشكلٍ مُضطّرد هذه الأيّام، وانضِمام أمريكي إليهم، أيّ مُعسكر الأعداء، يتطلّب تغييرات “ثوريّة” في سِياساتها الخارجيّة، وأوّل تحركك في هذا الصّدد يجب أن يكون باتّجاه الشّرق، وسورية على وجه التّحديد، لأنّ تركيا مُهدّدةٌ بمُواجهة سيناريو التّفتيت نفسه الذي حاوَلت تطبيقه أمريكا في الجِوار السوري.

أذكُر أنُني سألت الرئيس الفِلسطينيّ الراحل ياسر عرفات عن الأسباب التي تدفعه إلى إرسال بَرقيّات تهنئة إلى مُلوك وأُمراء دول الخليج الذين قاطعوه وحاصروه بعد غزو العِراق للكويت، وهو يُدرك جيّدًا أنّهم لن يردّوا عليها؟ أجاب بعد “تنهيدةٍ” تعكِس حسرته “أنا أفعل هذا من أجل شعبي وقضيّته ولا تَهُمُّني كرامتي الشخصيّة، بقدر ما تَهُمُّني مصالح شعبي وكرامته”.

الرئيس أردوغان يُطبِّق هذه القاعدة الذهبيّة عندما يتعلّق الأمر بالأمريكان، والرئيس ترامب وروسيا أيضًا، في مُعظم الأحيان، ويعمَل عكسها عندما يتعلّق الأمر بسورية الجار العربيّ المُسلم، أو هكذا نعتقد من خِلال المُتابعة.

***

لسنا في موضع تقديم النُّصح للرئيس أردوغان ولكنّنا نعتقد أنُ زيارته لواشنطن لا تخدمه شَخصيًّا ولا تَخدِم مصالح الشّعب التركي، فمن يُهين رئيس تركيا يُهين شعبها، أو هكذا نرى الأُمور من زاوية إرثنا العقائديّ الإسلاميّ وتُراثنا القِيميّ والأخلاقيّ.

مكان تركيا الحقيقي في قلب الشّرق، فالعالم الغربي لا يُمكن أن ينسى لها وصول قوّاتها إلى فيينا، كما لن ينسى لها إمبراطوريّتها التي امتدت لأكثر من 500 عام، وحكَمت نِصف أوروبا الشرقيّة، تركيا المَقبولة هي تركيا الضّعيفة المُهانة المُستَسلِمة المُعتمدة على الغرب، والخادمة لمصالحه العسكريّة والأمنيٍة، والعَكس صحيح.

عندما نقول الشّرق فإنّنا نقصد سورية والعِراق وإيران وباكستان وماليزيا وأندونيسيا، والدّول الصُديقة مِثل روسيا والصين، ومِن مُنطلق الشّراكة والمُساواة، وعلى أرضيّة التصدّي للهيمنة الأمريكيّة والإسرائيليّة.. فهل تَصِل الرّسالة، وهل يَأخُذ بمضمونها من يَهمّه الأمر؟ نأمَل ذلك.

للمزيد من الأخبار إضغط (هــنــــــا)

لمتابعة صفحتنا على تويتر إضغط (هـــنــــــــا)