تحسين كفاءة الطاقة في القطاع الصناعي يعزّز القدرة التنافسية (دراسة أردنية)

يمثّل تحسين كفاءة الطاقة في القطاع الصناعي الأردني فرصة كبيرة لتحقيق وفورات مالية وتعزيز الاستدامة؛ إذ يستهلك هذا القطاع نحو 20% من إجمالي الكهرباء في الأردن؛ ما يجعله مجالًا مهمًا لتطبيق التدابير اللازمة لترشيد استهلاك الكهرباء.

ويشجع قانون الطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة لعام 2012 المصانع في الأردن على خفض استهلاكها للطاقة، والاعتماد على تقنيات مبتكرة لتقليل الفاقد وزيادة كفاءة التشغيل، وفقًا لما رصدته منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).

كما أسهم القانون في تقديم حوافز للمشروعات الصناعية لاعتماد تقنيات الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية التي تحقّق وفورات اقتصادية طويلة الأجل وتخفّف الضغط على شبكة الطاقة الوطنية.

وتستهدف السياسة الصناعية الأردنية (2024-2028) تحسين كفاءة الطاقة، في إطار سعيها لتعزيز الأداء الاقتصادي والبيئي للقطاع الصناعي في البلاد.

تحسين الأداء الاقتصادي

قال الأستاذ المشارك في كلية الهندسة بالجامعة الأردنية وجامعة الحسين التقنية الدكتور حسام جهاد خصاونة، إن نتائج تحليل عدة دراسات قد تمخضت عن أن استعمال تدابير تحسين كفاءة الطاقة في القطاع الصناعي يمكنه تحقيق توفير كبير في استهلاك الكهرباء وتكاليف التشغيل.

وأضاف خصاونة -خلال تصريحات خاصة إلى منصة الطاقة- أن هذه التدابير يمكن أن تُسهم في تحسين القدرة التنافسية للصناعات الأردنية على المستويين المحلي والدولي، فضلًا عن دوره في تقليل الانبعاثات الكربونية.

وتابع أن تعزيز كفاءة الطاقة في القطاع الصناعي الأردني يمثّل أداة حيوية لتحسين الأداء الاقتصادي وتقليل الاعتماد على الوقود المستورد.

واستطرد قائلًا إن ارتفاع تكاليف الطاقة يشكل تحديًا كبيرًا للصناعات الأردنية، موضحًا أن تقليل استهلاك الكهرباء أصبح أمرًا ضروريًا لخفض تكاليف الإنتاج وتحقيق الربحية.

استهداف القطاعات الأكثر استهلاكًا

اشتملت دراسة كفاءة الطاقة التي نفّذتها الجامعة الأردنية بالتعاون مع غرفة صناعة الأردن، على 66 منشأة صناعية من القطاعات الصناعية كافّة، ولا سيما تلك الأكثر استهلاكًا للكهرباء.

واستهدفت الدراسة قطاعي الصناعات الغذائية، وصناعة البلاستيك والمطاط؛ كونهما يسهمان بنسبة كبيرة في استهلاك الكهرباء في الأردن.

كما استهدفت قطاعات التعدين والكيماويات ومستحضرات التجميل والبناء؛ إذ تعتمد هذه الصناعات بشكل كبير على الطاقة في عمليات الإنتاج والتصنيع.

وسعت الدراسة إلى تحديد التدابير التي يمكنها تحقيق أكبر قدر من التوفير في استهلاك الطاقة وتحسين الكفاءة التشغيلية.

وأوصت الدراسة باتخاذ 433 تدبيرًا لتعزيز كفاءة الطاقة في المصانع الـ66 التي اشتملت عليها، من بينها تطبيق بعض الأنظمة الميكانيكية والحرارية والكهربائية، مثل تحسين أنظمة الكهرباء والتدفئة والتهوية، بالإضافة إلى تحسين العمليات الصناعية لزيادة كفاءة الطاقة وتقليل التكاليف التشغيلية.

ويوضّح الجدول التالي -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- أمثلة على التدابير المختلفة التي اقترحتها الدراسة:

جدول يقترح أمثلة على التدابير المختلفة لتحسين كفاءة الطاقة في المصانع

نتائج مشجعة

أظهرت الدراسة نتائج مشجعة، إذ أكدت أن تنفيذ تدابير تحسين كفاءة الطاقة في المنشآت الصناعية التي اشتملت عليها يمكن أن يوفّر سنويًا نحو 60.5 غيغاواط/ساعة، أي ما يعادل توفيرًا ماليًا يبلغ 8.5 مليون دولار سنويًا.

وأوضح الدكتور حسام خصاونة أن الاستثمارات المطلوبة لتنفيذ هذه التدابير تُقدّر بنحو 18.3 مليون دولار، مع مدة استرداد تصل إلى نحو عام وشهرين.

وأكد أن نتائج الدراسة قد أسفرت عن أن كل دولار يُستثمر في هذه التدابير يُحقق توفيرًا سنويًا قدره 4.66 كيلوواط/ساعة، ويوفّر نحو 0.46 دولارًا سنويًا.

بالإضافة إلى ذلك، فإن ما يقرب من نصف المصانع التي شملتها الدراسة حققت مدة استرداد تراوحت ما بين عام ونصف العام و3 أعوام، في حين حقّقت نسبة أقل بقليل من الثلث مدة استرداد تراوحت ما بين 6 أشهر وعام ونصف العام.

ويوضّح الرسم البياني التالي -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- عدد الشركات حسب متوسط مدة الاسترداد للتدابير المنفذة:

إنفوغرافيك يوضح عدد الشركات حسب متوسط فترة الاسترداد للتدابير المنفذة

ويشير التوفير السنوي المقدر لجميع التدابير إلى إمكان استرداد رأس المال المستثمر خلال مُدد مختلفة، إذ يمكن تحقيق توفير يقارب 2000 ميغاواط ساعة سنويًا بمدة استرداد تقل عن نصف العام، في حين يمكن تحقيق 620 ميغاواط/ساعة سنويًا بمدة استرداد تتراوح بين نصف عام وعام ونصف العام.

وفي المقابل، يُتوقع أن تسترد استثمارات تُقدّر بنحو 1100 ميغاواط/ساعة خلال مدة تتراوح بين عام ونصف العام و3 أعوام، في حين يتطلّب استرداد نحو 300 ميغاواط/ساعة سنويًا أكثر من 3 أعوام لاستعادة رأس المال المستثمر.

علاوة على ذلك، أكدت الدراسة أن التدابير التي يُسترد استثمارها في أقل من نصف العام قد تحقق توفيرًا سنويًا يبلغ نحو 268 ألف دولار.

من ناحية أخرى، فإن التدابير التي تتطلّب أكثر من 3 أعوام لاسترداد الاستثمار الأوليّ يمكن أن توفر ما يصل إلى 87 ألف دولار سنويًا.

ويوضّح الرسم البياني التالي -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- متوسط التوفير السنوي (بالدولار) لكل مدة استرداد:

إنفوجرافيك يوضح متوسط التوفير السنوي (بالدولار) لكل مدة استرداد

التأثير البيئي

أشار خصاونة -خلال تصريحاته إلى منصة الطاقة المتخصصة- إلى أن خفض استهلاك الطاقة في القطاع الصناعي يُسهم بصفة ملحوظة في تقليل الطلب على الوقود الأحفوري؛ ما يؤدي بدوره إلى خفض انبعاثات الكربون وغازات الدفيئة الأخرى مثل الميثان وأكسيد النيتروز التي تؤثر بصفة مباشرة في التغير المناخي.

علاوة على ذلك، فإن تحسين كفاءة العمليات الصناعية لا يقتصر على تقليل الانبعاثات فحسب، وإنما يساعد -أيضًا- في الحفاظ على الموارد الطبيعية من الاستنزاف السريع.

كما تُسهم هذه التدابير بصفة مباشرة في تحقيق أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة، وتدعم الجهود الوطنية والعالمية الرامية إلى مكافحة التغير المناخي وتحقيق بيئة أنظف وأكثر استدامة للأجيال المقبلة.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.


Source link

شارك هذا الخبر

اترك تعليقاً

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.