تحول الطاقة في بولندا يواجه تحديات.. هل تقوض قيود الشبكة خطط 2040؟

اقرأ في هذا المقال

  • بولندا بحاجة إلى استثمارات في قطاع الطاقة تُقدر بـ688 مليار دولار حتى 2040.
  • التخلص التدريجي من محطات الكهرباء بالفحم ضروري لكنه مكلف.
  • الفحم يمثل 60% من مزيج الكهرباء في البلاد حاليًا.
  • القيود المفروضة على شبكة الكهرباء في بولندا أدت إلى إبطاء تركيبات الطاقة المتجددة.

يبدو أن الطريق لتحقيق مساعي تحول الطاقة في بولندا غير ممهدة ومليئة بالعقبات، بدايةً من التحديات اللوجستية إلى التحديات المالية.

وتعتمد بولندا -حاليًا- على الفحم، الذي شكّل 60% من مزيج الكهرباء في 2023، لكن البلاد تخطط لخفض الاعتماد عليه تدريجيًا لصالح مصادر الطاقة المتجددة خلال العقدين المقبلين.

وتستهدف خطة تحول الطاقة في بولندا المحدثة -مؤخرًا- للمدة من 2030 إلى 2040، زيادة حصة الطاقة المتجددة في مزيج الكهرباء إلى 56% بحلول 2030، مع التركيز على طاقة الرياح والطاقة الشمسية والكتلة الحيوية، بحسب تقرير حديث اطّلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة (مقرّها واشنطن).

كما تهدف بولندا إلى التوافق مع أهداف المناخ للاتحاد الأوروبي، ويشمل ذلك حزمة “فيت فور 55” لخفض الانبعاثات بنسبة 55% بحلول عام 2030 مقارنة بمستويات 1990، والوصول إلى الحياد الكربوني بحلول عام 2050.

ورغم الأهداف الواضحة لخطة الطاقة الوطنية؛ فلا تزال هناك عقبات هائلة تقف أمام تحقيق تحول الطاقة في بولندا، وتكمن إحدى العقبات الرئيسة في ترقية شبكة الكهرباء وتوسيعها، إلى جانب التحديات المالية والسياسات التنظيمية.

تحديث خطة تحول الطاقة في بولندا

في منتصف شهر أكتوبر/تشرين الأول، كشفت وزارة المناخ والبيئة عن مسودة تحديث الخطة الوطنية للطاقة والمناخ، التي قدمتها في عام 2019، بهدف تعزيز مسار تحول الطاقة في بولندا.

ويهدف هذا التحديث إلى إبراز الديناميكيات العالمية المتطورة، خاصة في ضوء الأحداث الأخيرة، مثل جائحة كورونا والحرب في أوكرانيا، والتقدم السريع في تقنيات الطاقة النظيفة، بحسب تقرير صادر عن البنك الاستثماري الهولندي (آي إن جي).

وتحدد هذه المسودة إستراتيجية الطاقة والمناخ للعقود المقبلة؛ بما في ذلك سيناريو السياسات الحالية والسيناريوهات الطموحة، التي تسعى إلى تسريع تحويل الطاقة في بولندا.

ويتمثّل جوهر الإستراتيجية في الحد من الاعتماد على الطاقة الأولية وإزالة الكربون من قطاع الكهرباء، مع التركيز على كهربة القطاعات الرئيسة، مثل النقل والصناعة والزراعة والخدمات.

ويعد تحسين كفاءة الطاقة بحلول عام 2040 إحدى الركائز الأساسية للخطة، حيث تهدف بولندا إلى خفض استهلاك الطاقة الأولية بنسبة 10% بحلول عام 2040 مقارنة بمستويات عام 2005، مع استقرار الاستهلاك النهائي للطاقة.

وهذا الهدف الطموح جدير بالملاحظة بالنظر إلى أنه على مدى العقدين الماضيين ارتفع إجمالي استهلاك الطاقة الأولية بنسبة 10%، والاستهلاك النهائي للطاقة بأكثر من 20%، في حين تضاعف الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي خلال المدة نفسها، وعادةً ما يؤدي هذا النمو الاقتصادي إلى ارتفاع الطلب على الطاقة.

وحال استمرار نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي لبولندا بمعدل أسرع من متوسط للاتحاد الأوروبي في السنوات المقبلة، يمكن للبلاد تعزيز التحسينات في كفاءة الطاقة.

منجم للفحم تتجه البلاد لغلقه مع خطط تحول الطاقة في بولندا
منجم للفحم في بولندا – الصورة من موقع المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية

مسار تحول الطاقة في بولندا

من المتوقع أن يتضاعف إنتاج الكهرباء في بولندا على مدى العقدين المقبلين، وسيكون أساس هذا النمو هو مصادر المتجددة، مثل طاقة الرياح البرية والبحرية والطاقة الشمسية والكتلة الحيوية، إلى جانب الطاقة النووية.

ويهدف مسار تحول الطاقة في بولندا إلى الحد من الاعتماد على الفحم، مع خفض حصة الفحم في توليد الكهرباء إلى 22.5% في عام 2030، و8.5% في عام 2035، وصولًا إلى 1.3% فقط في عام 2040.

وستكون العوامل الاقتصادية، وخاصة ارتفاع أسعار الكربون في نظام تداول الانبعاثات بالاتحاد الأوروبي، المحرك لتبني الطاقة النظيفة وتحقيق تحول الطاقة في بولندا.

ومن المتوقع أن يرتفع سعر الكربون إلى 100 يورو (108 دولارات أميركية) لكل طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون بحلول عام 2030، و250 يورو (269 دولارًا أميركيًا) بحلول عام 2040، ما يجعل توليد الكهرباء بالفحم أكثر تكلفة، مقارنة بمصادر الطاقة المتجددة، وفق ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.

بالإضافة إلى ذلك، تستهدف وزارة المناخ والبيئة في بولندا رفع نسبة مساهمة الطاقة المتجددة في مزيج الكهرباء إلى 56% بحلول عام 2030.

ومع ذلك، لا تزال مشكلة تقطع إنتاج الطاقة المتجددة تشكل تحديًا ضخمًا؛ لذا تخطط بولندا للاستثمار في حلول تخزين الكهرباء بدءًا من العقد المقبل.

وبحلول عام 2030، من المتوقع أن تنمو قدرات الطاقة الشمسية من 18 غيغاواط إلى 29 غيغاواط بحلول عام 2030، ثم إلى 46 غيغاواط بحلول عام 2040.

كما ستتوسع قدرات طاقة الرياح البرية من 10 غيغاواط إلى 19 غيغاواط في 2030، ثم إلى 26 غيغاواط بحلول عام 2040، كما ستنمو قدرة طاقة الرياح البحرية إلى 6 غيغاواط بحلول عام 2030، و18 غيغاواط بحلول عام 2040.

وشهدت بولندا نموًا سريعًا في تركيبات الطاقة الشمسية الكهروضوئية، مع إضافة نحو 5 غيغاواط في عام 2023، لكن هذا التوسع كانت تعوقه القيود المفروضة على شبكة الكهرباء، وخاصة شبكات التوزيع التي تربط أنظمة الطاقة الشمسية ذات الجهد المنخفض.

ويعتمد دمج مصادر الطاقة المتجددة في نظام الكهرباء ببولندا على سعة الشبكة؛ لذا هناك حاجة ماسة لزيادة استثمارات الشبكة لاستيعاب أنظمة الربط مع مصادر التوليد المتقلبة حسب الطقس.

وحددت الحكومة أهدافًا لزيادة الاستثمار في الشبكة إلى قرابة 120 مليار زلوتي بولندي (29 مليار دولار أميركي) خلال المدة من 2026 إلى 2030، ما يمثل 6 أضعاف الاستثمار خلال المدة من 2020 إلى 2025، لذا يبدو من الصعب بلوغ هذا الهدف.

(زلوتي بولندي = 0.25 دولارًا أميركيًا).

محطة للطاقة الشمسية تعزز تحول الطاقة في بولندا
محطة للطاقة الشمسية – الصورة من موقع كستار

استثمارات الطاقة المتجددة

في المستقبل القريب، من المتوقع أن تهيمن استثمارات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، بدعم من تقنيات تخزين الكهرباء، على استثمارات الطاقة النظيفة في بولندا، وستبرز الطاقة النووية ضمن هذه الاستثمارات.

سترتفع استثمارات توليد الكهرباء بنسبة 33% خلال المدة من 2021 إلى 2025، مقارنة بالسنوات الـ5 الماضية.

وفي النصف الأخير من هذا العقد، ستؤدي طاقة الرياح، وخاصة الرياح البحرية، ومحطات الكهرباء العاملة بالغاز، إلى زيادة الاستثمار بنسبة 52%.

وسيكون المحرك الرئيس لإستراتيجية إزالة الكربون في بولندا هو كهربة مختلف القطاعات، وخاصة النقل والمباني والصناعة.

وتوفر الكهربة رافعة حاسمة للحد من الانبعاثات، من خلال المركبات الكهربائية والمضخات الحرارية والمعدات الكهربائية في الصناعات.

ففي عام 2022، لم تشكل الكهرباء سوى نحو 10% من إجمالي الاستهلاك النهائي للطاقة في بولندا، ولكن من المتوقع أن تزيد هذه الحصة مع مضاعفة إنتاج الكهرباء بحلول عام 2040 كما يظل الاستهلاك النهائي للطاقة مستقرًا إلى حد كبير، بحسب بيانات اطلعت عليها وحدة أبحاث الطاقة.

وخلال المدة 2021-2040، ستخصص البلاد نصف الاستثمارات القائمة على جانب العرض، مثل توليد الكهرباء والشبكات والتدفئة المركزية والغاز، كما سيركز النصف الآخر على قطاعات جانب الطلب، وخاصة النقل والمباني والصناعة.

تحديات التمويل

يقدر إجمالي الاستثمارات المطلوبة لتلبية احتياجات الطاقة القائمة على جانب العرض والطلب خلال المدة 2021-2024 بنحو 2.8 تريليون زلوتي بولندي (688 مليار دولار أميركي).

ورغم أن الرقم يبدو ضخمًا؛ فإنه عند مقارنته بالناتج المحلي الإجمالي المتوقع لبولندا، لن يمثل أكثر من 4.4% فقط من الناتج المحلي الإجمالي السنوي للبلاد.

لكن على الجانب الآخر، يمثل معدل الاستثمار 18% من الناتج المحلي الإجمالي، ما يشير إلى أن ربع إجمالي استثمارات بولندا على مدى العقدين المقبلين ستتوجه نحو قطاع الطاقة.

كما سيتعمد تحول الطاقة في بولندا على استثمارات القطاع الخاص، حيث سيؤدي تمويل الاتحاد الأوروبي دورًا حاسمًا في المراحل الأولية.

وخصص الاتحاد الأوروبي 260 مليار زلوتي بولندي لتحول الطاقة من عام 2021 إلى عام 2027، لكن هذا يغطي أقل من 20% من إجمالي الاستثمارات المطلوبة البالغة 1.4 تريليون زلوتي بولندي للمدة 2021-2030.

ويستلزم ذلك الحصول على الأموال المتبقية من الشركات الخاصة والأسر وسندات الدين، بما في ذلك القروض من المؤسسات المالية، بحسب التقرير.

في الوقت نفسه، تفرض أسعار الكربون المرتفعة بموجب نظام تداول الانبعاثات في الاتحاد الأوروبي ضغوطًا مالية على محطات الكهرباء بالفحم؛ ما يعني أن خطة الخروج من توليد الكهرباء من الفحم ستكون مكلفة.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.


Source link

شارك هذا الخبر

اترك تعليقاً

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.