كشف مسؤول حكومي كبير أحدثَ تطورات أزمة عجز الغاز في بنغلاديش، التي دفعت البلاد إلى استئناف واردات الغاز المسال الباهظة.
وتُعدُّ بنغلاديش من الدول الثرية بالموارد، وتحتضن أراضيها احتياطيات غاز طبيعي تُقدَّر رسميًا عند 28.79 تريليون قدم مكعبة، إلّا أن الإنتاج تراجعَ في وقت ارتفاع الطلب والاستهلاك؛ ما تسبَّب في أزمة حادة، بحسب متابعات منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن) تحديثات القطاع.
وتقطعت التدفقات إلى منازل المستهلكين، واضطرت المصانع -خاصة مصانع الملابس- إلى خفض الإنتاج؛ إذ أصبح قطاع الصناعة يستقبل إمدادات أقل بنسبة 30%.
يأتي ذلك في وقت تسعى فيه الحكومة الجديدة -بقيادة الرئيس الحائز على جائزة نوبل محمد يونس- إلى تدارك فضائح الفساد، خاصة بقطاع الغاز في بنغلاديش، بعد احتجاجات محلية انتهت بهروب رئيسة الوزراء السابقة الشيخة حسينة واجد إلى الهند.
أقرّ مستشار وزارة الكهرباء والطاقة والثروات المعدنية محمد كبير خان بوجود أزمة غاز ناتجة عن نقص الإمدادات؛ وهو ما يدفع الحكومة إلى إنفاق مبالغ طائلة على واردات الغاز المسال التي تستنفد احتياطيات النقد الأجنبي.
ويصل حجم الإنتاج حاليًا إلى ملياري قدم مكعبة يوميًا، في حين يبلغ الطلب ضعف ذلك، وفق ما اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة في صحيفة “ذا بيزنس ستاندرد” (tbsnews).
ولحل الأزمة، قال المستشار محمد كبير خان، إن الحكومة تعتزم حفر 9 آبار غاز جديدة في بهولا -أكبر جزيرة في بنغلاديش- بحلول عام 2028، منها 5 آبار بحلول 2025 المقبل، و14 بحلول 2028.
ولتلبية الطلب المنزلي والصناعي، تستورد بنغلاديش الغاز المسال بتكلفة 6 آلاف تاكا كرور روبية بنغلاديشية لسدّ العجز (504 ملايين دولار أميركي).
*(التاكا البنغلاديشية = 0.0084 دولارًا أميركيًا).
*(الكرور وحدة بنظام الترقيم تساوي 10 ملايين).
وبالنسبة إلى الطلب المنزلي، رفض خان إعطاء المواطنين “أملًا كاذبًا”، قائلًا، إن الحل مرهون بزيادة الإمدادات في المستقبل.
وخلال زيارته إلى بهولا، وعدَ بحلّ مشكلة إمدادات الكهرباء وإقامة مصانع تعمل بالغاز الطبيعي هناك.
وكانت منصة الطاقة المتخصصة قد رصدت حديثًا خفض شركة أداني الهندية إمدادات الكهرباء إلى بنغلاديش للنصف؛ بسبب ديون قدرها 846 مليون دولار أميركي.
وتستورد بنغلاديش الكهرباء من أداني بموجب اتفاقية تستمر على مدار 25 عامًا، أُبرمت في 2017، ودفعت الشكوك حول ارتفاع التكاليف إلى تشكيل لجنة لمراجعة الاتفاق الموقَّع خلال مدة حكم الشيخة حسينة.
وفي تطور جديد، وعدت الحكومة أمس (4 نوفمبر/تشرين الثاني 2024) بتسريع سداد مستحقات “أداني” التي هددت بقطع الإمدادات تمامًا في موعد أقصاه 7 من الشهر الجاري، كما ألقت باللوم على الحكومة السابقة التي لم تدفع الديون في موعدها.
بدأ أحدث اكتشافات الغاز في بنغلاديش بتغذية شبكة النقل بالإمدادات من البئر رقم 7 في حقل هاريبور.
واكتُشف الغاز داخل البئر في أكتوبر/تشرين الأول المنصرم (2024) على يد شركة “سيلهيت غاز فيلدز” (SGFL)، وقُدِّر حجم الإنتاج اليومي بين7 و8 ملايين قدم مكعبة.
وفي أحدث تطور لاكتشاف الغاز، أعلن العضو المنتدب محمد ميزان الرحمن ربط بئر الغاز بالشبكة مساء أمس الإثنين (4 نوفمبر/تشرين الثاني 2024)، وفق تقرير منفصل لصحيفة بيزنس ستاندرد.
وزاد حجم التدفقات من البئر بمقدار 8 ملايين قدم مكعبة (بقيمة 4 لاخ تاكا بنغلاديشية)، لتضاف إلى 130 مليون قدم مكعبة أخرى.
وحُفِرت البئر في عام 1986، واكتُشِف النفط فيها بعد عام، واستمر حتى 1994، وفيما بعد اكتُشِف الغاز على عمق 1900 متر، ثم أُغلِقت.
وفي يوليو/تموز (2024)، اكتُشف ما يتراوح بين 90 و95 مليار قدم مكعبة، وفي 22 أكتوبر/تشرين الأول، تحقق اكتشاف غاز بمعدل إنتاج 8.5 مليون قدم مكعبة.
ألقت افتتاحية الصحيفة المحلية “ذا ديلي ستار” (the daily star) باللوم في تفاقم أزمة الغاز في بنغلاديش على سياسات الطاقة المعيبة التي انتهجتها الحكومة السابقة بقيادة الشيخة حسينة وحزبها رابطة عوامي.
وبسبب اتهامات بالفساد، ألغت القيادة الجديدة للبلاد اتفاقًا مع شركة صاميت غروب (Summit Group) لإقامة محطة عائمة لتخزين وإعادة التغويز، وعقدًا آخر ذا صلة لاستيراد الغاز المسال.
وتفصيليًا، يتركز الاهتمام على استيراد الغاز المسال وإهمال أعمال التنقيب عن الغاز المحلي رغم الموارد الضخمة، وهو ما أدى إلى تراجع الإنتاج في مقابل ارتفاع الطلب، وحاليًا، أصبح استيراد الغاز المسال أمرًا عسيرًا بسبب أزمة شح الدولار.
وبسبب تقطُّع إمدادات الغاز أو انقطاعها، اضطرت المصانع إلى إغلاق أبوابها؛ لأن استمرار عمليات التشغيل يعني تكبُّد المزيد من الخسائر.
وفي ضوء الأزمة، على الحكومة تعديل سياسة الطاقة ومنح الأولوية للتنقيب عن الغاز وتقليل الاعتماد على الواردات، فضلًا عن إيجاد حل عاجل لتوفير إمدادات غاز كافية إلى المنازل والمصانع.
وكانت صناعة الملابس من بين الأكثر تضررًا في بنغلاديش جرّاء شح الغاز، حيث انخفض الإنتاج بنسبة 65%.
واتّسع حجم عجز إمدادات الغاز إلى محطات الكهرباء التي أصبحت لا تستقبل سوى 920 مليون قدم مكعبة، في حين إنها تحتاج إلى 1.2 مليار قدم مكعبة يوميًا لتلبية الطلب.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..