برزت 3 دول عربية ضمن قائمة أكثر الدول التقاطًا للكربون في العالم لعام 2023، مع احتفاظ الولايات المتحدة والبرازيل وكندا بالصدارة؛ ما يؤكد الاعتراف العالمي بأهمية هذه التقنية.
ومع إدراك العالم أن الأساليب التقليدية لمواجهة أزمة المناخ غير كافية وتزايد الاهتمام بتقنيات احتجاز الكربون وتخزينه، باتت المنافسة على أشدها.
وبحسب أحدث البيانات المتاحة لدى وحدة أبحاث الطاقة (مقرّها واشنطن)، بلغ معدل النمو العالمي لسعة التقاط الكربون 6.6% خلال عام 2023، لكن بهذه الوتيرة لن يتحقق هدف الحياد الكربوني حتى عام 2070، ولتحقيق هذا الهدف بحلول 2050، يتعين زيادة معدل النمو إلى 11% على الأقل سنويًا.
ووصلت القدرة العالمية الحالية لالتقاط الكربون نحو 55 مليون طن سنويًا، مع وصول عدد المشروعات إلى 1007 مشروعات حتى ربيع 2024، منها 228 مشروعًا تعمل بكامل طاقتها، و66 مشروعًا في مرحلة الهندسة والمشتريات والبناء، و657 في مرحلة دراسة الجدوى، أما الـ56 المتبقية فهي متوقفة أو معلقة.
تتصدر الولايات المتحدة قائمة أكثر الدول التقاطًا للكربون، ويُعزى ذلك إلى خبرتها في استخراج النفط بأساليب متطورة والسياسات الداعمة، مثل قانون خفض التضخم.
وتمثل الولايات المتحدة 40.9% من قدرات التقاط الكربون على مستوى العالم، أي ما يعادل قرابة 22.5 مليون طن سنويًا بنهاية عام 2023.
وقد أظهرت الولايات المتحدة نموًا واضحًا في هذا القطاع، حيث بلغ معدل النمو السنوي 3.4% ونمو بنسبة 10.5% خلال العقد الماضي.
وتعمل السياسات الأميركية -إلى جانب الطلب على المنتجات منخفضة الكربون- على دفع نمو تقنيات احتجاز الكربون في الصناعات التي يصعب إزالة الكربون منها، مثل الأسمنت والصلب.
هذا بالإضافة إلى دور تقنيات التقاط الكربون في صناعة الغاز المسال، إذ تخطط شركة “نيكست ديكيد” لدمج التقنية في مشروع ريو غراندي للغاز المسال الواقع بولاية تكساس، وتهدف من هذه الخطوة إلى إزالة الكربون من سلاسل توريد الغاز المسال.
وبفضل البنية التحتية والطلب، أصبحت الولايات المتحدة مستعدة للاستحواذ على حصة كبيرة من سوق التقاط الكربون العالمية، التي تقدر قيمتها بنحو 4 تريليونات دولار بحلول عام 2050.
ويرصد الرسم البياني التالي -الذي أعدته وحدة أبحاث الطاقة- قائمة أكثر الدول التقاطًا للكربون في العالم خلال 2023:
تحتل البرازيل المركز الثاني بقائمة أكثر الدول التقاطًا للكربون، مع كون هذه التقنية جزءًا من جهود البلاد لإزالة الكربون من الاقتصاد.
فقد أقرت البرازيل أول إطار قانوني لالتقاط الكربون وتخزينه خلال أكتوبر/تشرين الأول 2024، وبذلك تصبح أول دولة في أميركا الجنوبية تمرر تشريعات لاحتجاز الكربون وتخزينه.
وتمثل البرازيل 19.3% من القدرة العالمية على التقاط الكربون، بإجمالي 10.6 مليون طن، رغم أن هذه المساهمة الضخمة مستمدة من مصنع واحد في البلاد، وفق بيانات معهد الطاقة البريطاني، التي اطلعت عليها وحدة أبحاث الطاقة.
وأظهرت دراسة جديدة صادرة عن مبادرة “أويل آند غاز كلايمت إنيشتف” أن تقنية التقاط الكربون يمكن أن تساعد القطاع الصناعي في البرازيل على إزالة الكربون، إلى جانب دعم أهداف البلاد لتحقيق الحياد الكربوني، وتعزيز النمو الاقتصادي وإضافة آلاف الوظائف الجديدة.
تأتي كندا ثالثة ضمن أكثر الدول التقاطًا للكربون عام 2023؛ بفضل إنفاق عشرات المليارات من الدولارات لدعم القطاع ومساعدة صناعة النفط والغاز على خفض انبعاثاتها.
ووفق البيانات التي اطلعت عليها وحدة أبحاث الطاقة، تسهم كندا بنحو 7.3%، بقدرة 4 ملايين طن سنويًا، من إجمالي قدرات التقاط الكربون العالمية.
ومقاطعة ساسكاتشوان الكندية هي موطن أول منشأة لالتقاط الكربون وتخزينه في العالم داخل محطة كهرباء تجارية بعد افتتاحها عام 2014، وتمكنت من التقاط 6 ملايين طن من ثاني أكسيد الكربون حتى الآن.
وفي ألبرتا، تجاوز احتجاز منشأة “كويست سي سي إس” -التي تديرها شركة شل- 8 ملايين طن من ثاني أكسيد الكربون من مصفاة سكوتفورد منذ عام 2015.
وتستهدف خطة الحد من الانبعاثات في كندا زيادة قدرة التقاط الكربون وتخزينه بحلول عام 2030 إلى ما لا يقل عن 15 مليون طن سنويًا، ونحو 60-80 مليون طن سنويًا بحلول 2050.
ضمن أكثر الدول التقاطًا للكربون في عام 2023، جاءت أستراليا، بإجمالي 4 ملايين طن سنويًا، وهي قدرة الالتقاط نفسها التي تمتلكها كندا.
وقدّمت الحكومة الأسترالية بعض التدابير الداعمة لمشروعات التقاط الكربون وتخزينه، كما تقود شركات كبرى، مثل بي بي البريطانية وودسايد إنرجي وسانتوس، استثمارات ضخمة في القطاع، وتمتلك شركة سانتوس وحدها حصة تبلغ 25% من المبادرات المقترحة.
في الوقت نفسه، تضع أستراليا نفسها بصفتها سوقًا مفتوحة لمشروعات التقاط الكربون، وتتعاون مع دول أخرى، مثل سنغافورة وألمانيا وكوريا الجنوبية، لتعزيز قدرات التقاط الكربون.
تحتل الصين المرتبة الخامسة ضمن أكثر الدول التقاطًا للكربون في 2023، بما يمثل 6.4% من القدرة العالمية على التقاط الكربون، بإجمالي 3.5 مليون طن سنويًا.
وشهدت الصين أكبر زيادة في قدرة احتجاز الكربون خلال العام الماضي، إذ ارتفعت من 1.1 مليون طن إلى 3.5 مليون طن، وهو ما يزيد على 3 أمثال.
وفي عام 2023 وحده، بدأت عمليات 3 مشروعات مهمة، وهي: أكبر محطة كهرباء تعمل بالفحم مع منشأة لالتقاط الكربون وتخزينه واستعماله، وافتتاح منشأة بحرية لتخزين الكربون، إلى جانب مشروع لاحتجاز الكربون داخل مصفاة نفط.
ويبلغ عدد المرافق التشغيلية في الصين -حاليًا- 11 مرفقًا، إلى جانب أول خط أنابيب لنقل ثاني أكسيد الكربون على نطاق تجاري.
بقدرة 2.3 مليون طن سنويًا، احتلت قطر المرتبة السادسة بقائمة أكثر الدول التقاطًا للكربون في عام 2023، وفقا ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.
في عام 2019، كشفت قطر عن تطوير منشأة لالتقاط الكربون في راس لفان للغاز المسال؛ ما رفع إجمالي قدرات مشروعات قطر للطاقة إلى 2.2 مليون طن سنويًا.
وعقب ذلك بنحو عام، منحت شركة قطر للطاقة للغاز المسال عقدًا لتطوير مشروع احتجاز الكربون وتخزينه في مدينة راس لفان الصناعية لشركة الخدمات الهندسية العالمية “وورلي”.
وستساعد هذه الخطط في الحد من الأثر البيئي لمشروعات شركة قطر للطاقة للغاز المسال على طول سلسلة القيمة عبر خفض الانبعاثات من 10 خطوط إنتاجية.
وبصفة عامة، تستهدف البلاد زيادة قدرات مشروعات التقاط الكربون وتخزينه إلى 11 مليون طن سنويًا بحلول 2035.
تتمتع النرويج بخبرة واسعة في إدارة ثاني أكسيد الكربون، وتطمح لتحافظ على ريادتها في المشهد العالمي لالتقاط الكربون.
فمنذ عام 1996، تلتقط البلاد الكربون الناتج عن إنتاج الغاز على الجرف القاري النرويجي وإعادة حقنه في التكوينات تحت قاع البحر.
واستطاعت في عام 2023 التقاط 1.7 مليون طن سنويًا، أي نحو 3.1% من إجمالي القدرات العالمية، لتصبح سابع أكثر الدول التقاطًا للكربون.
ويعد مشروع “نورثرن لايتس” النرويجي من المبادرات المهمة التي تركز على التقاط الكربون من الشركات الصناعية ونقله وتخزينه على نحو دائم تحت الأرض.
وتصل قدرة المرحلة الأولى للمشروع إلى تخزين 1.5 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون، مع تشجيع البلدان والمشروعات الأخرى على تخزين الانبعاثات في الموقع.
تعتزم المملكة العربية السعودية الوصول إلى هدف الحياد الكربوني بحلول عام 2060 من خلال نهج الاقتصاد الدائري للكربون، الذي يعتمد على التقاط الكربون وتخزينه.
وأصبحت البلاد خلال عام 2023 ثامن أكثر الدول التقاطًا للكربون، بقدرة 1.3 مليون طن سنويًا، وهو ما يمثل 2.4% من الإجمالي العالمي.
وحددت البلاد هدفًا للوصول إلى 44 مليون طن سنويًا من قدرة احتجاز الكربون بحلول 2030، بدعم من شركة أرامكو السعودية التي رفعت هدف احتجاز الكربون من 11 إلى 14 مليون طن سنويًا بحلول عام 2035.
ومن المشروعات الرائدة في المملكة مركز احتجاز الكربون وتخزينه في الجبيل، وهو أكبر مشروع في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، حيث يهدف إلى تخزين 9 ملايين طن سنويًا بحلول عام 2027.
احتلت الجزائر المركز التاسع في قائمة أكثر الدول التقاطًا للكربون، في عام 2023، بسعة 1.2 مليون طن سنويًا، وهو ما يمثل 2.2% من الإجمالي العالمي.
وتخطط شركة سوناطراك الجزائرية لتطوير العديد من مشروعات احتجاز الكربون وعزله، حيث تجري عملية تحديد لجميع المواقع المحتملة لهذه المشروعات، وتحديدًا في مكامن النفط والغاز الناضبة.
كما تستكشف التعاون مع شركات دولية، مثل إيني، لتبادل الخبرات والتقنيات للحد من البصمات الكربونية.
خلال عام 2023، جاءت روسيا في المرتبة الأخيرة ضمن قائمة أكثر الدول التقاطًا للكربون، بسعة 400 ألف طن سنويًا، ويمثل ذلك 0.8% من الإجمالي العالمي.
وروسيا واحدة من أكبر منتجي الوقود الأحفوري ومصدري ثاني أكسيد الكربون على مستوى العالم؛ لذا فإدخال تقنيات التقاط الكربون وتخزينه سيسهم في تعزيز التنمية الاقتصادية والصناعية.
وقبل اندلاع الحرب في أوكرانيا، وقّعت عملاقة الطاقة الروسية غازبروم وشركة ميتسوي اليابانية مذكرة تفاهم لتطوير مشروعات التقاط الكربون وتخزينه في روسيا، لكن لا يزال يكتنفها الغموض.
وبعيدًا عن الـ10 الكبار، تستحوذ بقية العالم على نسبة ضئيلة مقارنة بالمناطق السابقة، إذ تبلغ قدر التقاط الكربون خلال عام 2023 نحو 3.5 مليون طن سنويًا، ويمثل ذلك 6.2% من الإجمالي العالمي.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..