منح الطلب المتزايد من مراكز البيانات على الكهرباء في الولايات المتحدة دفعة قوية لقطاع الطاقة النووية، على نحو أثار علامات استفهام حول حصة المصادر الأخرى.
وارتفعت أسهم شركات الطاقة النووية إلى مستويات تاريخية، بعدما أبرمت شركات جوجل وأمازون ومايكروسوفت اتفاقيات بمليارات الدولارات للاستثمار وشراء الكهرباء المولدة من المفاعلات النووية، وفق تحديثات القطاع لدى منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).
وتشير تقديرات شركة الأبحاث ريستاد إنرجي إلى أن مراكز البيانات ستشكّل 307 تيراواط/ساعة من إجمالي الطلب الأميركي على الكهرباء بحلول عام 2030، في زيادة بأكثر من الضعف مقارنةً بـ130 تيراواط/ساعة في العام المنصرم (2023).
وخلال النصف الأول من عام 2024، أعلنت شركات عن تطوير مراكز بيانات بسعة تقارب 24 غيغاواط، بزيادة 3 أضعاف السعة المُعلنة على أساس سنوي.
لكن هل يتخلى قطاع مراكز البيانات تمامًا عن المصادر الأخرى مثل الغاز الطبيعي والطاقة المتجددة؟.. سؤال أجاب عليه الخبراء المؤيّدون لكل منهما في السطور التالية.
الطاقة النووية
يكشف اختيار شركات التقنية العالمية الـ3 للطاقة النووية في تلبية الطلب المتوقع من مراكز البيانات كثيفة الاستهلاك للكهرباء عن الحاجة للجمع بين توفير إمدادات لا تنقطع مع انبعاثات صفرية تحقيقًا لأهداف الحياد الكربوني.
وتؤكد ذلك شركة استشارات الطاقة “آر بي إن إنرجي” (RBN Energy) التي تقول، إن الطاقة النووية تجمع بين الميزتين خلافًا للطاقة الشمسية والرياح اللتين تتوقفان عن إنتاج الكهرباء عند غروب الشمس أو عدم هبوب الرياح، كما أن شبكة الكهرباء تعمل بالفحم أو الغاز اللذين يطلقان انبعاثات غازات الدفيئة.
وخلال شهر أكتوبر/تشرين الأول الجاري (2024)، اختارت شركة جوجل شراء إنتاج 6 مفاعلات نووية هي الأولى من نوعها تطورها شركة كايروس باور (Kairos Power).
واختارت أمازون التي تستهدف تحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2040 الاستثمار في شركة إكس إنرجي (X-energy) وتمويل مشروع تطوير 4 مفاعلات نووية تطورها إكس إنرجي أيضًا.
كما وقعّت أمازون اتفاقية مع دومينيون إنرجي (Dominion Energy) لاستكشاف بناء مشروع مفاعل معياري صغير في ولاية فيرجينيا بقدرة 300 ميغاواط.
وأبرمت مايكروسوفت -أيضًا- اتفاقية طويلة الأجل لشراء الكهرباء لمدة 20 عامًا مع كونستليشن إنرجي (Constellation Energy) من محطة الطاقة النووية في جزيرة الـ3 أميال التي شهدت انصهارًا جزئيًا لأحد مفاعليها في عام 1979.
ويرى رئيس شركة “أمازون ويب سيرفيزس” مات غارمان أن شركته استثمرت في أكثر من 500 مشروع لتوليد الكهرباء من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح على مستوى العالم، لكنها لن تكفي.
وثمّن غارمان دور الطاقة النووية وخاصة المفاعلات المعيارية الصغيرة (SMR)، قائلًا، إنها أصغر وأقرب لمراكز البيانات على نحو آمن وقابل للتوسع تمامًا، بحسب تقرير لمنصة “إنرجي انتيليغنس” (Energy Intelligence).
الغاز الطبيعي
دافعت رئيسة مجلس الإدارة والرئيسة التنفيذية لجمعية الإمداد بالغاز الطبيعي دينا ويغينز عن حصة الوقود الأحفوري المستقبلية في الطلب على الكهرباء في أميركا.
ومن المتوقع ارتفاع الطلب على الكهرباء إلى مستويات لم تشهدها الولايات المتحدة منذ تسعينيات القرن الماضي، ليتراوح النمو بين 4% و15% بحلول 2029، حسب المنطقة.
ولذلك، تتوقع ويغينز أن يتطلب الطلب المتوقع من مراكز البيانات بحلول 2030 إسهام كل مصادر الطاقة، مؤكدةً أن الغاز الطبيعي لا يمكن إخراجه من المعادلة، كونه أفضل الخيارات المتاحة.
وأوضحت أن المحطات التي تولد الكهرباء بوساطة توربينات الدورة المركبة (شكّلت 58% من قدرة التوليد بالغاز في 2022) ميسورة التكلفة وسريعة البناء ويمكن الاعتماد عليها.
وحمل تقرير لشركة استشارات الطاقة “إنفيرس انتيليغنس ريسيرش” (EIR) المعنى نفسه؛ إذ ذكر أن ارتفاع الطلب على الكهرباء يضخّم الحاجة للموارد الموثوقة والقابلة للتوزيع، مثل محطات الغاز الطبيعي “التي تؤدّي دورًا حاسمًا في دعم الإنتاج المتقطع لمصادر الطاقة المتجددة بوصفها مصدر إنتاج احتياطيًا.
كما يتوقع الرئيس التنفيذي لشركة “إي كيو تي” (EQT) روبي رايس أن ثورة مراكز البيانات سترفع الطلب على الكهرباء لأكثر من 75 غيغاواط، وهو ما سيتطلب إنتاج 23 مليار قدم مكعبة من الغاز يوميًا.
وعلى نحو خاص، سيتصدر مشغّل الكهرباء ساوث إيست باور بول (Southwest Power Pool) ومجلس تنسيق الكهرباء الغربية ومجلس موثوقية الكهرباء في تكساس الأكثر طلبًا على إنتاج الكهرباء بالغاز لتلبية الطلب على الكهرباء بقطاع الذكاء الاصطناعي.
ساحة منافسة
تتوقع شركة “رينج ريسورسيز” (Range Resources) حدوث منافسة بين الطاقة النووية والغاز الطبيعي لتلبية الطلب على الكهرباء من مراكز البيانات، لكن الساحة تتّسع لكليهما.
وبزغ نجم الطاقة النووية في أميركا بعد توقُّف أكثر من 10 مفاعلات خلال العقد الماضي؛ ما سمح بمنافسة أكبر بين الغاز الطبيعي والطاقة المتجددة.
ومع ارتفاع الطلب من مراكز البيانات وتشديد القيود البيئية، تزايدَ الاهتمام بالانبعاثات التي من المحتمل أن ترتفع بنسبة 1.2% خلال 3 سنوات.
وخلافًا لمسألة الانبعاثات الصادرة عن حرق الغاز الطبيعي، فإن الطاقة النووية لا تخلو من تحديات، وعلى رأسها تجاوز التكاليف، ومواعيد التسليم، وشكوك إزاء التمويل، والمخاوف المتربطة مع حوادث سابقة مثل محطة جزيرة الـ3 أميال التي عُدَّت أسوأ حادثة نووية في تاريخ أميركا، وخارجيًا كارثة فوكوشيما في اليابان.
ورصدت منصة الطاقة المتخصصة في متابعتها للقضية، تحذير مدير السلامة النووية في اتحاد العلماء المراقبين إدوين ليمان، من أن المفاعلات المعيارية الصغيرة التي تطوّرها شركتا “إكس إنرجي” وكايروس” لصالح جوجل وأمازون “لم تخضع لاختبارات”.
كما حذّر من أن طريق الوصول إلى التشغيل التجاري لأيّ تقنية نووية موضوع على نحو موثوق وآمن التجربة “سيكون وعرًا”، ويستحيل تقدير التكلفة النهائية الإجمالية له.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
Source link