انهارت أسهم شركات الهيدروجين في أميركا وأوروبا، في الوقت الذي تعاني فيه المشروعات من الطلب الأقل من المتوقع وعدم اليقين التنظيمي، وفق تحديثات القطاع لدى منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).
ويمثل انحدار سوق الهيدروجين تحوّلًا عن نشوة المستثمرين قبل عامين فقط، عندما وقع الرئيس جو بايدن على قانون ائتمانات ضريبية مربحة في قانون خفض التضخم، الذي حول الولايات المتحدة إلى الوجهة الأكثر جاذبية لإنتاج الهيدروجين.
وفي الوقت نفسه، كان الاتحاد الأوروبي يندفع إلى الأمام بإستراتيجيته المعتمدة حديثًا للهيدروجين.
ويأتي ذلك مع ارتفاع أسهم شركات الطاقة النووية إلى مستويات قياسية، مع ارتفاع الطلب على الكهرباء من قبل الذكاء الاصطناعي.
انخفضت أسهم شركات الهيدروجين بلاغ باور (Plug Power) وبالارد باور سيستمز (Ballard Power Systems) وغرين هيدروجين سيستمز (Green Hydrogen Systems) بأكثر من النصف خلال العام الجاري (2024) إلى أدنى مستوياتها التاريخية، إذ أبلغت عن خسائر ربع سنوية متكررة.
وانخفضت أسهم نيل (Nel) وبلوم إنرجي (Bloom Energy) وأي تي إم باور (ITM Power) بمقدار الثلث.
وعاد مؤشر إس آند بي كينشو العالمي لاقتصاد الهيدروجين، الذي يتتبع الشركات عبر سلسلة قيمة الهيدروجين منخفض الكربون، إلى مستويات مماثلة لتلك الموجودة في منتصف عام 2020.
وأدى ذلك إلى محو المكاسب التي تحققت في أواخر عام 2020 وأوائل عام 2021، في ذروة الضجيج حول تطوير الطاقة الخضراء، بحسب ما رصدته صحيفة “فايننشال تايمز” (Financial Times)، في تقرير اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.
وفي شهر سبتمبر/أيلول 2024، خفضت شركة ماكينزي الاستشارية توقعاتها للهيدروجين الأخضر لعام 2030 للولايات المتحدة بنسبة 70%، وتوقعت أن البلاد ستفشل في تحقيق هدف إنتاج 10 ملايين طن من الهيدروجين النظيف الذي حددته إدارة بايدن.
وفي يوليو/تموز المنصرم، حذّرت محكمة المدققين الأوروبية لمراقبة الإنفاق، من أن هدف الاتحاد الأوروبي لإنتاج 10 ملايين طن من الهيدروجين الأخضر بحلول عام 2030 “غير واقعي”، وأن هناك حاجة إلى “فحص الواقع”.
وقال رئيس الأسهم الموضوعية في شركة شرودرز البريطانية لإدارة الأصول (Schroders)، مارك لاسي: “ما يزال الهيدروجين الأخضر غير قابل للاستثمار.. إنه هراء من حيث الاستثمار”، مضيفًا أن الشركة لديها “تعرض محدود” للهيدروجين الأخضر في محافظ الطاقة الخاصة بها.
أسهم عدم اليقين بشأن قواعد الائتمان الضريبي الأميركية واللوائح الصارمة في الاتحاد الأوروبي، جنبًا إلى جنب مع الطلب الباهت، في إعاقة المشروعات على جانبي المحيط الأطلسي.
ورغم نموّ القدرة المعلنة، فإن 18% من مشروعات الهيدروجين النظيف في أميركا الشمالية و5% من المشروعات في أوروبا التي تستهدف بدء التشغيل بحلول عام 2030 وصلت إلى قرار استثماري نهائي، وفقًا لتقرير وود ماكينزي ومجلس الهيدروجين.
وأكدت شركة بْلاغ باور لتصنيع معدات الهيدروجين، أنها أوقفت تطوير مشروعها الذي تبلغ تكلفته 290 مليون دولار في نيويورك، الذي كان من المقرر أن يكون الأكبر في أميركا الشمالية، ويواجه أزمة نقدية.
وقال الرئيس التنفيذي للشركة آندي مارش مارش: “كانت لدينا توقعات غير واقعية حول مدى سرعة تحرك هذا في البداية”.
ويُعد توقف “بلاغ باور” أحد الانتكاسات العديدة لشركات الهيدروجين خلال العام الجاري (2024)؛ ففي الشهر الماضي، أنهت شركة هاي ستور الأميركية (Hy Stor) عقدها مع الشركة المصنعة النرويجية “نيل” لمشروع هيدروجين رفيع المستوى في ولاية ميسيسيبي.
كما أوقف المطوّرون المؤسسيون، بما في ذلك ماراثون بتروليوم (Marathon Petroleum) وفورتسكيو (Fortescue) وسي إن إكس (CNX)، أو انسحبوا من التزاماتهم تجاه برنامج بايدن لمراكز الهيدروجين البالغ 7 مليارات دولار.
وأعلنت شركة نيل إقامة مصنع بقيمة 400 مليون دولار في ميشيغان العام الماضي (2023) لتصنيع معدات الهيدروجين، لكنها لم تمضِ قدمًا في التطوير، مشيرة إلى “نقص الزخم” بسبب التكاليف الأعلى من المتوقع والافتقار إلى قواعد ائتمان ضريبي واضحة.
وقال الرئيس التنفيذي لشركة نيل، هاكون فولدال: “من الغباء أن يكون لديك مصنع كبير به آلات لامعة وبراقة يمكنها إنتاج غيغاواط، ثم لا يشتريه أحد، لأنه لا توجد مشروعات”.
واجهت الشركات الأصغر والأقل تنوعًا أثارًا سلبية شديدة بسبب بطء طرح قواعد الائتمان الضريبي من البيت الأبيض وانخفاض الطلب.
وفي أوروبا، أدّى التمويل الحكومي البطيء وغير الكافي، إلى جانب الحواجز التنظيمية في بعض الدول، إلى إحباط عمليات التنمية، حسب ما أكدته “فايننشال تايمز” في تقريرها.
وفي هذا الأسبوع، أعلنت شركة الطاقة الإسبانية ريبسول أنها أوقفت مؤقتًا جميع مشروعات الهيدروجين الأخضر في إسبانيا؛ وفي الشهر الماضي، ألغت شل مشروعًا للهيدروجين الأزرق في النرويج، قائلةً “إنها لم ترَ سوق الهيدروجين الأزرق تتجسد”.
وألقت ريبسول باللوم على تمديد ضريبة الأرباح غير المتوقعة على شركات الطاقة في قرارها.
لكن مدير الوقود المتجدد والاقتصاد الدائري في الشركة توماس مالانغو، قال إن القليل من المشروعات في أوروبا وصلت إلى قرار استثمار نهائي؛ لأن المرونة في قواعد الاتحاد الأوروبي كانت قليلة.
وتقدّر شركة وود ماكنزي أن نحو 2% من سعة الهيدروجين منخفض الكربون الحالية والمخطط لها، قد جرى إيقافها أو إلغاؤها على مدى الأشهر الـ18 الماضية.
على الرغم من التأخيرات، جرى إلغاء جزء صغير فقط من المشروعات على مستوى العالم؛ ما يوفر للصناعة الأمل في أن التوضيح من قبل بروكسل وواشنطن حول الحوافز والتنظيم يمكن أن يساعد القطاع على التعافي.
وارتفعت أسعار الأسهم في شركات الطاقة المتنوعة الأكبر حجمًا التي لديها أعمال هيدروجين، مثل كمينز (Cummins) وإير ليكيد (Air Liquide) وليندي (Linde)، منذ بداية العام مع زيادة توقعات الطلب على الكهرباء.
كما تواصل شركات النفط في الشرق الأوسط أرامكو السعودية وأدنوك الاستثمار في الهيدروجين النظيف، إذ وقّعت الأخيرة صفقة الشهر الماضي لشراء حصة 35% في مشروع الهيدروجين “بايتاون” التابع لشركة إكسون موبيل في تكساس.
وأطلقت المفوضية الأوروبية نموذج تمويل في وقت سابق من عام 2024 لتقليل تكلفة الهيدروجين الأخضر وكانت تتطلع إلى إنشاء “أسواق الطلب” من خلال المزادات العامة، وفقًا للمسؤولين المعنيين.
بينما خصصت وزارة الطاقة الأميركية مليار دولار لبرنامج لتحفيز الطلب على الهيدروجين.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..