تغيب بريطانيا عن خريطة الدول صاحبة أكبر استثمارات استخراج الليثيوم واحتياطياته عالميًا، لكنها تحمل خطة طموحة لإنتاج المعدن الحيوي لتعزيز إستراتيجية الحياد الكربوني بحلول عام 2050.
والليثيوم هو أحد المعادن الأرضية النادرة التي تدخل في صناعات الطاقة المتجددة وبطاريات السيارات الكهربائية.
وبحلول عام 2035، تستهدف لندن توليد 100% من الكهرباء بوساطة مصادر متجددة وحظر سيارات البنزين والديزل الجديدة مع مسعى لتبكير الموعدين 5 سنوات ليصبح بدءًا من 2030، وذلك حسب بيانات القطاع لدى منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، .
ولأول مرة في بريطانيا، انطلق أول مصنع تجريبي لإنتاج هيدروكسيد الليثيوم بمقاطعة كورنوال جنوبي البلاد خلال شهر أكتوبر/تشرين الأول الجاري (2024)، بما يبشّر ببداية إرساء قواعد سلسلة توريد لا تعتمد على الاستيراد.
وما يزال التحدي قائمًا، إذ تترقب الصناعة تدخّلات حكومية بهدف الدعم، وحل مشكلات نقص العمالة الماهرة، والتعدين والتمويل، من بين أخرى عديدة.
مشروع استخراج الليثيوم
يطور المشروع البريطاني شركة “كورنيش ليثيوم” (Cornish Lithium) بهدف إنتاج 25 ألف طن سنويًا بحلول عام 2030، وهو ما يكفي لإنتاج أكثر من نصف مليون بطارية سيارة كهربائية.
ويمكن استخراج الليثيوم بطريقتين، إمّا عبر تكسير الصخور الصلبة -خاصة أحجار الإسبودومين والليبيدوليت- وإمّا تبخيره من المحاليل الملحية، وفق دليل مفاهيم الطاقة لدى منصة الطاقة المتخصصة.
وتفصيليًا، يستهدف القائمون على المشروع إنتاج 10 آلاف طن سنويًا من هيدروكسيد الليثيوم من فئة البطاريات بدءًا من 2027.
وعبر إضافة إنتاج مشروعات استخراج الليثيوم من المياه الحرارية الأرضية، سيرتفع الإنتاج بحلول 2030 إلى 25 ألف طن من مكافئ كربونات الليثيوم (LCE) سنويًا، وبذلك، ستسهم الشركة في تلبية 25% من كل احتياجات الصناعة البريطانية من الليثيوم.
كما تأمل الشركة في وضع الحكومة مستهدفَ إنتاج 50 ألف طن سنويًا، وفق صحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية (The Financial Times).
تحديات بارزة
لا تمتلك بريطانيا مناجم على المستوى التجاري لإنتاج الليثيوم حاليًا، لكن تشير التقديرات إلى قدرة البلاد على إنتاج 56 ألفًا و500 طن سنويًا بحلول عام 2030.
ومن المتوقع ارتفاع الطلب لإنتاج البطاريات من 25 ألفًا في 2025 إلى 135 ألف طن من مكافئ كربون الليثيوم بحلول عام 2040، حيث من المتوقع أن تحدث فجوة في الطلب العالمي قدرها 1.4 مليون طن.
ويأتي تشغيل مصنع استخراج الليثيوم الأول في بريطانيا في وقت صعب؛ إذ يتراجع الطلب على السيارات الكهربائية، ليس في البلاد فحسب، بل في أوروبا والولايات المتحدة أيضًا.
ولذلك، يشكّل هذا الاستثمار الضخم -بعد أن تكبدت شركة كورنيش ليثيوم خسائر بـ8.6 مليار يورو في العام الماضي (2024)- رهانًا باهظًا على ارتفاع الطلب في المستقبل والأسعار أيضًا.
وانخفضت أسعار الليثيوم على مدار الـ12 شهرًا الماضية بأكثر من 50% إلى نحو 20 ألف دولار للطن.
وبدوره، أعرب الرئيس التنفيذي للشركة جيرمي راثال عن ثقته في توقعات الطلب على الليثيوم على المدى الطويل، رغم الانخفاض الحالي للأسعار، موضحًا أنه دائمًا ما تكون أكثر الأوقات رعبًا هي الأفضل للاستثمار، لأنّ تراجع الأسعار لن يستمر للأبد.
يأتي ذلك في حين من المتوقع أن يتجاوز إنفاق رأس المالي لتقديرات عام 2022 عند 243.8 مليون دولار بسبب التضخم.
ولا تمتلك بريطانيا مناجم على المستوى التجاري لإنتاج الليثيوم حاليًا، لكن تشير التقديرات إلى قدرة البلاد على إنتاج 56 ألفًا و500 طن سنويًا بحلول عام 2030.
ومن المتوقع ارتفاع الطلب لإنتاج البطاريات من 25 ألفًا في 2025 إلى 135 ألف طن من مكافئ كربون الليثيوم بحلول عام 2040، حيث من المتوقع أن تحدث فجوة في الطلب العالمي قدرها 1.4 مليون طن.
كما أن استخراج الليثيوم وحده ليس بنهاية الأمر -بحسب خبراء القطاع-، إذ تبدأ سلسلة إمداد “معقّدة” تشمل التكرير وإعادة التدوير فيما بعد.
ويتركز الكثير من أعمال التكرير في أستراليا وجنوب أفريقيا، وهو أمر يستدعي القلق بحسب الرئيس التنفيذي لمعهد المعادن والتعدين كولين تشرش، لأن العديد من شركات التنقيب عن الليثيوم يشحن المواد المستخرجة إلى الصين، إذ تحولها إلى هيدروكسيد الليثيوم لاستعماله في صناعة السيارات الكهربائية.
ويوضح الرسم البياني أدناه -أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- أكبر الدول صاحبة احتياطيات الليثيوم عالميًا:
ما الحل؟
بدعم من الاهتمام الحكومي والصناعي بإرساء سلسلة توريد مستقلة، تستثمر شركات باستخراج الليثيوم في بريطانيا، كما أنشأت شركة نيسان اليابانية وتاتا المالكة لعلامة “جاجوار لان روفر” مصانع لإنتاج بطاريات السيارات الكهربائية.
وهنا، تقول شركة “إيفوف” (Evove) التي تطور تقنيات استخراج الليثيوم من المحاليل الملحية، إن تدبير التمويلات شكّل تحديًا اضطرها إلى طلب تمويلات أميركية، وبالفعل جمعت 20 مليون يورو، وتستهدف 50 مليونًا آخر في العام المقبل (2025).
كما سلّط الخبراء الضوء على تحديات إنتاج الليثيوم في بريطانيا، وأبرزها نقص العمالة الماهرة وارتفاع أسعار الطاقة وتباطؤ الإجراءات التنظيمية.
ولفت مركز أبحاث “غرين أليانس” (Green Alliance) -في هذا الصدد- إلى ضرورة الدعم الحكومي بوصفه عاملًا أساسيًا بالنظر إلى التنافسية الشديدة في السوق العالمية.
وبدورها، وعدت الحكومة بالعمل الوثيق مع الصناعة لتحقيق هدف إنتاج المعادن الحيوية محليًا.
ويقول المحلل وأحد أوائل المستثمرين في شركة “كورنيش ليثيوم” نيغل ريد، إنه سيكون من الصعب إنفاق مئات الملايين من الجنيهات دون الدعم الحكومي، سواء في صورة ضمان الأسعار أو زيادة الاستثمارات.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
Source link