[ad_1]
ما تزال أول بئر نفط في العالم شاهدةً حتى الآن على بدء تلك الصناعة الإستراتيجية التي أضحت في خلال سنوات معدودة عصب الاقتصاد العالمي.
وتدفقت أول شحنة خام -وإن كانت بكميات قليلة- من البئر الواقعة في حقل بيبي هيبات الكائن في أذربيجان الملقبة بـ”أرض النار”، وتحديدًا على بُعْد كيلومترات معدودة من العاصمة باكو في عام 1846، إيذانًا بميلاد عصر “الذهب الأسود”.
وفي يناير/كانون الثاني من عام 1846، انطلقت أعمال حفر أول بئر نفط في العالم في حقل بيبي هيبات، فاتحةً الباب أمام استكشاف آبار أخرى، وتحديدًا في بوبركا في بولندا (1854)، وبوخارست في رومانيا (1857)، وأونتاريو في كندا (1858)، وبنسلفانيا في الولايات المتحدة (1859)، لتشتعل بذلك الشرارة الأولى لسباق التنقيب عن النفط.
ومن بين المدن المذكورة، لم تنجح سوى بنسلفانيا في تحقيق طفرة إنتاجية؛ إذ أصبحت في خلال عامين منتِجًا لما يقارب نصف النفط العالمي.
ووفق متابعات تاريخية للقطاع لدى منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، سرعان ما ارتفعت أسعار الخام من نحو 0.49 دولارًا للبرميل في عام 1861، إلى 6.59 دولارًا للبرميل في عام 1865.
بدأ حفر أول بئر نفط في العالم في شبه جزيرة أبشيرون، وتحديدًا في منطقة بيبي هيبات الواقعة على بُعْد 10 كيلومترات غرب العاصمة باكو، في عام 1846، قبل أن تتدفق أول شحنة خام من البر في العام ذاته، ولم يكن عمق البئر يتعدى 21 مترًا آنذاك.
وبحلول نهاية القرن الـ19، أضحت باكو مركز استخراج النفط الرئيس في العالم، مع استئثارها بنصف إنتاج النفط العالمي، وذلك حسب قاعدة بيانات النفط والغاز لدى منصة الطاقة.
وتولّى مدير حقول النفط في باكو، الرائد أليكسييف، مسؤولية الإشراف على عمليات استخراج النفط من أول بئر نفط في العالم، التي اعتمدت على طريقة القرع (Percussion Drilling) باستعمال قضبان خشبية.
ويَستعمِل الحفر بالقرع مطرقة مربوطة بحبل أو كابل تُنَزَّل في الحفرة المفتوحة، وعادةً ما يُستعمَل حامل ثلاثي القوائم لدعم الأدوات.
ما تزال أول بئر نفط في العالم تستحوذ على اهتمام الحكومة الأذربيجانية، في إطار حرصها على إحياء التراث التاريخي لصناعة أصبحت القاطرة التي تقود نمو الاقتصادات العالمية.
وفي 26 أبريل/نيسان من عام 2017، أكملت شركة النفط الحكومية سوكار (SOCAR) إعادة بناء وترميم البئر التاريخية، وهو ما أُعلِنَ رسميًا حينها، في مراسم حضرها الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف ورئيس سوكار السابق روناك عبد الله ييف.
وسرعان ما تحوَّل موقع حقل بيبي هيبات إلى متحف عامّ يفتح أبوابه للسائحين المحليين والأجانب، لمعرفة أسرار البئر التي سبق أن ظهرت على شاشات هوليوود في واحدة من سلسلة أفلام جيمس بوند، بعنوان “العالم ليس كافيًا”.
أكد نائب حاكم القوقاز، الأمير ميخائيل فورونتسوف، نبأ إنجاز حفر أول بئر نفط في العالم على ساحل بحر قزوين (بيبي هيبات)، في مذكرات يعود تاريخها إلى ما بين 8-14 يوليو/تموز ( 1847)، وفق ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة في موقع جيه بي تي (jpt).
كما وصف مؤرّخا النفط آي جي فوكس، وفي إيه ماتيشيف، هذا الإنجاز في تأريخهما لتلك اللحظة، قائلَين: “على الرغم من أن معدل تدفُّق الخام من أول بئر نفط في العالم كان ضئيلًا، فإن الحدث نفسه كان هو الأكثر أهمية، لأنه كان سابقة هي الأولى من نوعها”.
وأضاف فوكس وماتيشيف: “في عام 1846، وللمرة الأولى عالميًا، اكتمل حفر بئر نفط منطقة بيبي هيبات بنجاح، وحدث ذلك قبل 13 عامًا من حفر أول بئر نفط في الولايات المتحدة في عام 1859 على يد العقيد إدوين دريك، الذي كان في واقع الأمر عاملًا في قطاع السكك الحديدية”.
مع انتقال الثورة الصناعية من الغرب إلى الشرق في أواسط القرن الـ19، برز العديد من الابتكارات وأنظمة الأعمال الداعمة لصناعة النفط والغاز الحديثة في أذربيجان.
وأشرف قيصر روسيا نيقولا الأول بنفسه على تمويل أول بئر نفط تُحفَر ميكانيكيًا في العالم، باستعمال طريقة القرع، على عمق 21 مترًا (69 قدمًا).
سرعان ما شهدت صناعة النفط في أذربيجان نقلةً نوعيةً، بعد حفر بئر بيبي هيبات بسنوات، على يد الأخوين نوبل من السويد -لودفيغ وروبرت- في سبعينيات القرن الـ19، بفضل ما أدخلاه من تقدّم ملموس في الابتكار الصناعي والبناء والخدمات اللوجستية، حتى أضحى البلد القوقازي مسؤولًا عن إنتاج قرابة 50% من الخام العالمي، بحسب ما ورد في المصادر التاريخية، وتابعته منصة الطاقة المتخصصة.
وأنهى نجل نيقولا الأول، ألكسندر الثاني، احتكار الحكومة لإنتاج النفط في عام 1869، فاتحًا الباب أمام خبراء الصناعة الأجانب ورؤوس أموالهم لاقتحام صناعة النفط الأذربيجانية الوليدة آنذاك.
وفي عام 1872، بدأ تحويل حقول النفط في العاصمة باكو إلى قطاع إنتاج رأسمالي، مع طرح مزاد يضم 15 مربعًا نفطيًا في حقل بالاخان، ومربعين آخرين في حقل بيبي هيبات، وفق أرشيف أعدّته وزارة الطاقة الأذربيجانية في عام 2020.
وأسهم هذا التحول في قطاع النفط الأذربيجاني بتحقيق نمو نسبته 340% في إنتاج النفط خلال المدة بين عام 1876 و1882، من 24 ألف طن (170.400 برميل) إلى 816 ألف طن (6 مليون برميل)، على الترتيب.
*(الطن =7.1 برميل من النفط الخام)
وبحلول عام 1894، أصبح إنتاج النفط في أذربيجان يعادل نظيره في الولايات المتحدة البالغ حينها 5.55 مليون طن سنويًا (43 مليون برميل)، على الرغم من أن حقول نفط باكو كانت أقل إنتاجًا بواقع 20 مرة، حسب أرشيف شركة الأخوين نوبل المحدودة، ويُطلَق عليها –كذلك- برانوبل (Branobel)، التي استحوذت على أول بئر نفط في العالم في نهاية القرن الـ19.
كما سرد الأرشيف ذاته الذي طالعته منصة الطاقة المتخصصة مجموعة من إنجازات الشركة، من بينها:
ويعرض الفيديو التالي مقتطفات من أول بئر نفط في العالم، بعد ترميمه:
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..