مزارع الرياح البحرية في المملكة المتحدة تتسبّب بنفوق 5 آلاف حوت

حذّر تقرير حديث من آثار مفزعة لمزارع الرياح البحرية في المملكة المتحدة في نفوق آلاف من الحيتان جرّاء التلوث الضوضائي الناتج عنها.

وبحسب متابعة منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن) لتحديثات القطاع، سبق أن انتقد ناشطون بيئيون أميركيون في العام الماضي (2023) القطاع لتسبّبه في نفوق الحيتان بسبب زيادة حركة القوارب الناتجة عن إنشاء مزارع الرياح البحرية.

يأتي ذلك في وقت فتحت فيه لندن الباب أمام زيادة عدد مزارع الرياح البحرية بعد إزالة الحظر الفعلي الذي كان مفروضًا منذ 2015؛ إذ تسعى لرفع القدرات المركبة إلى 50 غيغاواط بحلول عام 2030.

وضمن مساعيها لتحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2050، وضعت المملكة المتحدة هدف 100% توليد الكهرباء من مصادر متجددة، ويسعى حزب العمال الحاكم لتبكير الموعد 5 سنوات.

وبحسب نتائج آخر العطاءات، فازت 9 مزارع رياح بحرية بعقود مقابل الفروقات، بعد أن فشلت الحكومة العام الماضي (2023) في اجتذاب أي منافسين.

نفوق الحيتان

حذّر الكاتب والناشط البيئي جيسون إندفيلد من تبعات السياسة البريطانية لنشر المزيد من مزارع الرياح البحرية قبالة سواحل المملكة المتحدة.

ولفت في هذا الصدد إلى أحدث التقارير الصادرة عن الدول الموقعة على الاتفاق بشأن حفظ الحوتيات الصغيرة في بحر البلطيق وشمال شرق المحيط الأطلنطي والبحر الأيرلندي وبحر الشمال (ASCOBANS) في 13 سبتمبر/أيلول المنصرم.

وبحسب التقرير، تواجه الحوتيات الصغيرة -مثل الدلفين وخنزير البحر والحيتان- تهديدات خطرة تهدد بقاءها بسبب النشاط البشري، ومنه الصيد العرضي والضوضاء التي تربك التواصل والتغذية بين تلك الحيوانات البحرية، وتدهور الموائل.

حوت نافق قبالة سواحل المملكة المتحدة
حوت نافق قبالة سواحل المملكة المتحدة – الصورة من صحيفة الإندبندنت

وعلى نحو خاص، فإن التوسع في مشروعات الطاقة المتجددة، وعلى رأسها الرياح البحرية فضلًا عن آثار تغير المناخ، يبدّل البيئات البحرية التي تعتمد عليها الحيوانات هناك.

وهنا، أطلق جيسون إندفيلد جرس إنذار للحكومة البريطانية مستشهدًا بنفوق أكثر من ألف حوت ودولفين وخنزير البحر قبالة سواحل المملكة المتحدة على مدار العام الماضي (2023).

وقال إن التقرير يكشف عن “مستوى مفزع” من نفوق الحوتيات في بريطانيا، ويأتي بعد زيادة قياسية في السنوات الأخيرة بلغت 3 آلاف بين عامي 2019 و2021، وهو ما يرفع الإجمالي إلى 5 آلاف حالة نفوق خلال السنوات الـ5 الماضية.

وتؤدّي الحوتيات الصغيرة -وهي حيوانات مفترسة من الدرجة العليا والمتوسطة- دورًا بالغ الأهمية في الحفاظ على توازن وصحة الأنظمة البحرية؛ كونها تساعد في ضبط عدد الأسماك وضمان تنوعها واستقرار النظام البحري.

ويشير وجودها إلى صحة البيئة البحرية؛ لأنها شديدة الحساسية للتغيرات حولها مثل التلوث والصيد الجائر والضوضاء.

نداء للحكومة

استغل الكاتب جيسون إندفيلد البيانات المذكورة للتحذير من تجاوز مستويات الضوضاء للحدود المقبولة، ليس في المملكة المتحدة فحسب، وإنما في العالم أجمع.

ووصف إندفيلد البيانات بـ”الصادمة”، محذّرًا صناع القرار من تبعات استمرار تحويل البحار والمحيطات إلى وجهة صناعية تحت ستار الطاقة المتجددة خاصة الرياح البحرية، بحسب ما اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة نقلًا عن منصة “ميديوم” (medium).

وقال إن الضوضاء الناتجة عن مزارع الرياح البحرية تشكّل خطرًا حقيقيًا على الثدييات البحرية والنظام البحري الأوسع نطاقًا، مؤكدًا أنه من غير المنطقي زيادة الضوضاء إلى مستويات لا يمكن للثدييات البحرية تحملها.

مظاهرة مناهضة لنفوق الحيتان بسبب مزارع الرياح البحرية
مظاهرة مناهضة لنفوق الحيتان بسبب مزارع الرياح البحرية – الصورة من “windpower monthly”

يُشار إلى أن تقرير اللجنة المشتركة للحفاظ على الطبيعة التابعة لسجل الضوضاء البحري (MNR) في المملكة المتحدة لفت إلى تزايد خطر تجاوز مستويات الضوضاء في المناطق المتمتعة بحماية خاصة (SPA) سواء على أساس يومي وفصلي.

كما توقع معدو التقرير حدوث زيادة خلال السنوات المقبلة في مستويات الضوضاء الناتج عن عدد من التطورات، ولا سيما مزارع الرياح البحرية، علاوة على زيادة في عدد المسوح الزلزالية والجيوفيزيائية لأغراض التنقيب عن النفط والغاز، وأيضًا من أنشطة احتجاز الكربون وتخزينه.

خطأ كبير

نفى إندفيلد جهل السلطات الحكومية البريطانية بمخاطر الضوضاء، مؤكدًا أنها تقرّ بوجود المشكلة ولكن “خلف الأبواب المغلقة”.

ووجه حديثه إلى السلطات قائلًا إن نفوق 5 آلاف حوت ودلفين وخنزير بحر يثبت بما لا يدع مجالًا للشك أن هناك خطأً كبيرًا.

كما انتقد من يقلّلون من أهمية مشكلة الضوضاء ومن ينكرون أن مزارع الرياح البحرية تقتل الحيتان، حتى مع وجود أدلة، وقال إنه يمكن تجاهل تلك الآثار مع الإفلات من العقاب، خاصة بالنسبة إلى من يحققون الربح من وراء تلك المشروعات.

وعلى الناحية الأخرى، لاقى من يستعمل المنطق السليم في التحذير من أثر الرياح البحرية في حياة الحيتان سخرية واستهزاء.

وعالميًا، شكك إندفيلد في الخطط التي يُقال إن الهدف منها إنقاذ الكوكب وتحقيق الحياد الكربوني رغم نفوق الحيوانات والدمار اللذين ربما تتسبب فيهما، واصفًا ذلك بـ”الجنون الذي سيؤدي إلى استنفاد الطبيعة والحياة البرية”.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.


Source link

شارك هذا الخبر

اترك تعليقاً