أوابك ترشح 4 دول عربية لانتعاشة بمنظومة الغاز الأوروبية

كشفت دراسة حديثة صادرة عن منظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول “أوابك” أن أوروبا لا يمكنها الاستغناء عن الغاز الروسي، رغم انخفاض إمداداته بصورة كبيرة في أعقاب الحرب الأوكرانية، موضحةً في الوقت نفسه دور عدد من الدول العربية في تأمين الإمدادات الأوروبية، سواء حاليًا أو مستقبلًا.

وكشف الأمين العام للمنظمة، المهندس جمال عيسى اللوغاني، تفاصيل الدراسة الجديدة التي صدرت عن المنظمة بعنوان “إمدادات الغاز في أوروبا في ظل الأزمة الروسية الأوكرانية: الفرص والدروس المستفادة”، وأعدّها الباحث المهندس وائل حامد عبدالمعطي.

تناولت دراسة أوابك بالتحليل انعكاسات الأزمة الروسية الأوكرانية على مزيج إمدادات الغاز في أوروبا، خاصة في سوق الاتحاد الأوروبي (EU-27)، وكيف تمكنت أوروبا من تخطّي أزمة نقص إمدادات الغاز الروسي، والدروس المستفادة من التجربة، وانعكاساتها على الدول العربية.

وأشار أمين عام أوابك إلى أن روسيا أدت دورًا محوريًا في تلبية احتياجات السوق الأوروبية من الغاز لسنوات عديدة، إلّا أن الأزمة الروسية-الأوكرانية أدت إلى فقدان موسكو دورها التاريخي بصفتها أكبر مصدّر للغاز إلى أوروبا.

الغاز الروسي

يقول المهندس جمال اللوغاني، بعد أن كانت روسيا تلبي نحو 40% من احتياجات أوروبا من الغاز الطبيعي، لجأت أوروبا إلى استيراد الغاز المسال بخيار يضمن تحقيق أمنها الطاقي، ويجنّبها الوقوع تحت تأثير أزمات مستقبلية بسبب الاعتماد على مصدر واحد في تلبية جزء كبير من احتياجاتها.

وأوضح أن الولايات المتحدة كانت المستفيدة الكبرى من التحول التاريخي في أوروبا بعيدًا عن الغاز الروسي، وصارت المصدر الأكبر للغاز الطبيعي المسال إلى سوق الاتحاد الأوروبي.

وأضاف أنه حتى إن انتهت الأزمة الروسية الأوكرانية خلال المدة المقبلة، فمن غير المرجّح أن تعود روسيا لمكانتها التاريخية بصفتها أكبر مصدّر للغاز لدول الاتحاد الأوروبي، أو أن تستحوذ على حصة سوقية ضخمة تمكّنها من استغلال الغاز ورقةَ ضغط، كما كان سابقًا.

أمين عام أوابك جمال اللوغاني

شدد أمين عام أوابك كذلك على أنه من غير المحتمل أيضًا الاستغناء تمامًا عن الغاز الروسي وإخراجه من معادلة الغاز الأوروبية، خاصة في ظل استمرار اعتماد بعض الدول الأوروبية على الغاز القادم من موسكو، إذ لا تملك الوصول إلى السوق العالمية للغاز الطبيعي المسال.

وكشف تقرير مستجدات أسواق الغاز المسال العربية والعالمية في الربع الثالث من 2024، الصادر عن وحدة أبحاث الطاقة (مقرّها واشنطن)، ارتفاع صادرات روسيا من الغاز المسال إلى أوروبا بنسبة 26.3%، لتسجل 3.65 مليون طن خلال الربع الثالث من 2024، مقارنة بنحو 2.89 مليون طن خلال المدة نفسها من 2023، يأتي ذلك على الرغم من انخفاض إجمالي الواردات الأوروبية من الغاز المسال بنسبة 22%.

وصدّرت روسيا إلى أوروبا نحو 13.49 مليون طن من الغاز المسال إلى أوروبا في أول 9 أشهر من 2024، مقابل 12 مليون طن في المدة نفسها من 2023، بحسب بيانات وحدة أبحاث الطاقة.

صادرات الغاز العربية إلى أوروبا

أكد أمين عام أوابك أن المنطقة العربية كانت حاضرة في مشهد الغاز الأوروبي بعد اندلاع الأزمة الروسية الأوكرانية، بفضل العلاقة الإستراتيجية التي تربطها بالدول الأوروبية، وخطوط النقل الممتدة من الجزائر وليبيا إلى الأسواق الأوروبية، علاوة على الحصة السوقية التي تتمتع بها الدول العربية المصدرة للغاز الطبيعي المسال في السوق العالمية.

وأوضح أن عدد الاتفاقيات والتفاهمات (بصيغها المختلفة) التي أبرمتها الشركات والدول الأوروبية مع نظيراتها العربية للتعاون في مجال الغاز، والغاز الطبيعي المسال خلال المدة من فبراير/شباط 2022 وحتى سبتمبر/أيلول من العام الجاري 2024، بلغ نحو 32 اتفاقية غطت نحو 12 سوقًا أوروبية.

وأضاف أن الدول العربية مرشّحة للقيام بدور أكبر في منظومة الغاز الأوروبية في المدى المتوسط والبعيد بفضل المشروعات الجديدة قيد التنفيذ في كل من قطر، والإمارات، وسلطنة عمان، وموريتانيا.

ونجحت الشركات الوطنية في الدول العربية في إبرام صفقات تعاقدية متوسطة وطويلة الأجل مع العديد من الشركات الأوروبية لبيع وشراء جزء من إنتاجها مستقبلًا، بإجمالي يفوق الـ 15 مليون طن سنويًا، مستفيدة من التوجه الأوروبي نحو الغاز المسال.

وستسمح الاتفاقيات المبرمة بتأمين حصة سوقية لها في السوق الأوروبية في المدى المتوسط والبعيد، تضاف إلى حصتها الحالية، بما يعزز من أهميتها بصفتها موردًا موثوقًا به ومستدامًا وطويل الأجل للغاز الطبيعي المسال إلى أوروبا.

وحلّت الجزائر في المركز الثالث ضمن قائمة أكبر الدول المصدرة للغاز المسال إلى أوروبا خلال الربع الثالث من العام الجاري، رغم انخفاض صادراتها بنسبة 17% إلى 2.41 مليون طن، مقارنة بنحو 2.9 مليون طن خلال المدة نفسها من عام 2023.

وبلغت صادرت الجزائر إلى أوروبا 8.49 مليون طن من الغاز المسال في الأشهر الـ9 الأولى من 2024، دون تغيير تقريبًا عن المدة نفسها من عام 2023، وفق تقرير مستجدات أسواق الغاز المسال العربية والعالمية في الربع الثالث من 2024.

كما جاءت قطر في المركز الرابع ضمن قائمة أكبر الدول المصدرة للغاز المسال إلى أوروبا، مع انخفاض صادراتها بوتيرة حادّة بلغت 38.3%، لتصل إلى 2.3 مليون طن خلال الربع الثالث منفردًا، مقارنة بنحو 3.73 مليون طن خلال المدة نفسها من عام 2023.

وفي أول 9 أشهر من 2024، بلغت صادرت قطر من الغاز المسال إلى أوروبا نحو 7.88 مليون طن، انخفاضًا بنسبة 33% من 11.77 مليون طن خلال المدة نفسها من عام 2023.

الإنفوغرافيك التالي، من إعداد منصة الطاقة المتخصصة، يستعرض أكبر الدول المصدرة للغاز المسال إلى أوروبا في الربع الثالث 2024:

إمدادات الغاز

دعا أمين عام أوابك إلى الاستفادة من نجاح التجربة الأوروبية في تخطّي أزمة انقطاع إمدادات الغاز الروسي، لما تتضمنه من دروس يمكن الاستفادة منها في حالة حدوث أزمات مماثلة بمناطق أخرى.

وأشار إلى أن من بين الدروس المستفادة أهمية التضافر بين الدول لتحقيق المصلحة المشتركة، والاستغلال المشترك للبنية التحتية للغاز لضمان مرونة منظومة إمدادات الغاز، وتنسيق التخفيض الطوعي للاستهلاك لتجنُّب حدوث أزمات، وضرورة تأمين مخزونات مرتفعة للغاز قبيل قدوم فصول ذروة الطلب.

وشدد على أهمية استغلال الدول العربية- الراغبة بالاستثمار في مشروعات تصدير الغاز والغاز المسال- للفرصة الذهبية الراهنة في السوق الأوروبية والعالمية، في ظل الإيقاف الحالي الذي فرضته الولايات المتحدة على منح تراخيص لمشروعات الإسالة الجديدة لديها، والذي قد ينتهي العمل به قبل نهاية 2024.

وأكد أمين عام أوابك ضرورة العمل على استمرار ضخ الاستثمارات في تطوير موارد الغاز الطبيعي، لكونها الضمان الرئيس لتوفير الغاز بأسعار معقولة، وتجنّب حدوث أزمات طاقة، والحيلولة دون اتخاذ إجراءات للتدخل المباشر للتحكم في أساسيات السوق من عرض وطلب، أو وضع سقف سعري على الأسعار في الأسواق التنافسية.

وطالبَ بضرورة تجنُّب الإضرار بمنشآت النفط والغاز الحيوية، وأن تكون بعيدة عن أيّ أعمال تخريبية، لما لذلك من أضرار، ليست اقتصادية فقط، بل بيئية أيضًا، علاوة على أضرارها الجسيمة بقضايا أمن الطاقة التي ستمسّ كلًا من الدول المنتجة والمستهلكة على حدّ سواء.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.

Source link
شارك هذا الخبر