تُعدّ الطاقة المتجددة قوة دافعة لزيادة إنتاج الهيدروجين الأخضر في البرازيل، خاصة أنها ضرورية لصناعة الحديد المختزل المباشر منخفض الانبعاثات، الذي يحتاج إلى توافر كميات ضخمة من الكهرباء المتجددة.
وتُعدّ البرازيل رائدًا عالميًا في مجال الطاقة المتجددة، إذ تمتلك بنية تحتية قوية احتلّت بها المركز الثاني على مستوى العالم في مجال الطاقة الكهرومائية والطاقة الحيوية المُشغّلة، والمركزين السابع والتاسع على الترتيب في مجال تشغيل طاقة الرياح والطاقة الشمسية على نطاق المرافق.
ووفقًا لتحديثات إنتاج الهيدروجين الأخضر في البرازيل لدى منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، فقد تعزَّز هذا الإنتاج بشراكات قوية، كان آخرها إعلان شركة غرين إنرجي بارك (Green Energy Park)، في مطلع أكتوبر/تشرين الأول الجاري، الدخول في شراكة مع شركة فالي (Vale)، لتقديم حلول إزالة الكربون من قطاع الصلب العالمي.
وستعمل الشركتان على تطوير دراسات الجدوى لإنشاء وحدة إنتاج الهيدروجين الأخضر في البرازيل لتزويد مشروع “ميغا هب” المستقبلي، وهو مجمع صناعي لإنتاج منتجات الصلب منخفضة الكربون في البرازيل.
وبإمكان هذه المبادرة المشتركة توفير منصة مفتوحة للشراكات الدولية، إذ يُمكن لشركات الصلب العالمية الحصول على الحديد المضغوط الساخن وإنتاجه في البرازيل، وتسريع صناعة الصلب منخفض الكربون الناشئة.
وتمثّل صناعة الحديد والصلب نحو 8% من إجمالي انبعاثات الكربون عالميًا؛ بسبب استعمال الفحم في أفران الصهر، وتُمثّل الانبعاثات الكربونية المرتفعة من صناعة الصلب تحديًا كبيرًا للجهود العالمية الرامية إلى الحدّ من انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري العالمي، والوصول إلى الحياد الكربوني، بحلول عام 2050.
إنتاج الهيدروجين الأخضر في البرازيل
في عام 2021، أطلقت الحكومة برنامجًا وطنيًا لدعم إنتاج الهيدروجين الأخضر في البرازيل، وفي أغسطس/آب 2024، وقّع رئيس البلاد، لولا دا سيلفا، إطارًا قانونيًا لإنتاج الهيدروجين منخفض الكربون.
ويُمكن للبرازيل إنتاج نحو 1.8 غيغاطن من الهيدروجين منخفض الكربون سنويًا بتكاليف أقل مقارنة بأيّ بلد آخر، وتُعدّ المنطقة الشمالية الشرقية من البلاد أنسب المناطق لهذا التوجه؛ بفضل مواردها الاستثنائية من الطاقة المتجددة، ولا سيما طاقة الرياح والطاقة الشمسية.
وتعاونت شركتا فالي، وغرين إنرجي بارك الأوروبية المتكاملة المتخصصة في الهيدروجين، لاستكشاف فرص إنتاج الهيدروجين الأخضر في البرازيل، حسبما أورد موقع “هيدروجين فيول نيوز” المتخصص.
وحددت الشركتان هدفهما الرئيس بصفته التقييم المشترك لجدوى إنشاء مصنع لإنتاج الهيدروجين الأخضر في البرازيل، الذي سيُستَعمَل بمجرد تشغيله، لتوفير إمدادات الهيدروجين لأحد المراكز الكبرى التي تخطط فالي -أيضًا- لتطويرها في البرازيل.
كما ستتعاون فالي وجي إي بي، التي يدعمها برنامج البوابة العالمية الأوروبية، في جوانب مختلفة من سلسلة قيمة الهيدروجين، مثل نشر المحللات الكهربائية، وتصميم المنشآت الصناعية للهيدروجين الأخضر ومشتقاته، بالإضافة إلى تطبيقات إزالة الكربون الصناعية الأخرى للهيدروجين المتجدد.
وللعمل على خفض التكاليف، ستُطبّق غرين إنيرجي بارك أحدث تقنيات التحليل الكهربائي على منصة إنتاج موحدة، إذ تتميز مصانع إنتاج الهيدروجين المتكامل التي تنشِئُها الشركة ببعض أكثر تصميمات هندسة العمليات تقدمًا، بما في ذلك مرافق تخزين ومناولة الهيدروجين ومشتقاته.
وفي هذا الإطار، ستُسهم شركة جي إي بي (GEP)، في مصنع إنتاج الهيدروجين الأخضر في البرازيل، بخبرة عميقة في مجال الهندسة والمشتريات والبناء في مجال مناولة وتخزين الغاز المبرد على نطاق عالمي، جنبًا إلى جنب مع البنية التحتية المُخصصة وقدرات البناء الصناعي.
وأتاح العمل مع غرين إنرجي بارك لشركة فالي فرصًا كبيرة لوضع نفسها على مسار تحقيق أهدافها الأكثر توسعًا في إزالة الكربون، إذ وضعت شركة فالي نصب عينيها الابتكارات في مجال إنتاج الصلب منخفض الكربون، مع التركيز على هدف الوصول إلى الحياد الكربوني، بحلول عام 2050.
وقال مدير الطاقة وإزالة الكربون في شركة فالي، لودميلا ناسيمنتو: “إنها شراكة مربحة للجانبين للبرازيل وأوروبا، نحن نستفيد من المزايا التنافسية للبرازيل، مثل خام الحديد عالي الجودة والطاقة المتجددة الوفيرة، لتطوير إمدادات الهيدروجين الأخضر؛ ما سيُمكّن من تقديم حديد أخضر ذي قيمة مضافة عالية لصانعي الصلب الأوروبيين”.
من جانبه، قال الرئيس التنفيذي لشركة غرين إنرجي بارك، بارت بيبويك: “يمكن أن تكون هذه الشراكة ذات مغزى على طريق جي إي بي في إزالة الكربون، نحن فخورون بالعمل مع أكبر منتج لحبيبات الاختزال المباشر في العالم للمساعدة في إزالة الكربون من قطاع الصلب”.
الصلب الأخضر في البرازيل
تُعدّ البرازيل ثاني أكبر منتج ومصدر لخام الحديد، وتتميز بالجودة العالية مقارنة بأيّ دولة في العالم، وهو مكون رئيس في صناعة الصلب.
ويحتوي خام الحديد الموجود في البرازيل عادةً على 60% إلى 67% من مكون الحديد؛ ما يجعله مناسبًا بصورة خاصة لصناعة الصلب الأخضر.
وتُعدّ البرازيل تاسع أكبر منتج للصلب في العالم، بطاقة تشغيلية تبلغ نحو 44 مليون طن موزّعة على 21 مصنعًا للصلب، كما أنها الأولى في أميركا اللاتينية، وتواجه صناعة الصلب فيها تحديات كبيرة بالحدّ من بصمتها الكربونية، ما يُبرز الحاجة إلى تعزيز إنتاج الهيدروجين الأخضر في البرازيل.
ويُمثّل خام الحديد عالي الجودة عنصرًا مهمًا لتقنية إنتاج الحديد المختزل المباشر المعتمدة على الهيدروجين الأخضر، من أجل خفض الانبعاثات الكربونية في الإنتاج.
ويُعدّ مشروع “ميغا هب” في شركة فالي إستراتيجية لإنتاج الحديد الساخن، بالإضافة إلى منتجات أخرى تعتمد على الفولاذ، من خلال استعمال عمليات تقلّل بشكل كبير من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون (CO2) مقارنة بالتقنيات والتكنولوجيا المستعمَلة تقليديًا.
وكانت شركة فالي تسعى إلى إيجاد شركاء لدعم الإستراتيجية الرامية إلى تعزيز إنتاج الهيدروجين الأخضر في البرازيل لمرحلة الريادة عالميًا، لتتمكن من بناء مراكز عملاقة في البلاد، بما يتماشى مع هدفها الإستراتيجي المتمثل في تعزيز صناعة الصلب منخفض الكربون في البلاد.
ومن المتوقع أن تُنتج شركة فالي في هذه المراكز الصناعية كتل خام الحديد (حبيبات أو قوالب)، التي ستكون بمثابة مدخلات لإنتاج إتش بي آي HBI (مادة أولية للصلب منخفض الكربون) مع الهيدروجين المتجدد بصفته عامل اختزال، إذ تُمثّل اتفاقيتها مع غرين إنرجي بارك خطوة مهمة في هذا الاتجاه.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
Source link