[ad_1]
أكد مستشار رئيس الوزراء العراقي الدكتور مظهر صالح، أهمية الإيرادات النفطية في دعم الموازنة العامة للبلاد، وتنفيذ مختلف المشروعات التنموية، لكن في الوقت نفسه شدد على ضرورة تنويع الاقتصاد.
وفي حوار حصري مع منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، تحدّث الدكتور مظهر عن تحالف أوبك+، وتفهّم بلاده تمامًا أهمية دوره في استقرار السوق العالمية، رافضًا القول إن “العراق لا يلتزم بحصته المقررة في أوبك+”.
وتطرّق مستشار رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية إلى السعر العادل لبرميل النفط، وأيضًا تكلفة إنتاج برميل النفط العراقي، وعدّه من بين الأرخص عالميًا.
وفي حواره أيضًا مع منصة الطاقة، أشار الدكتور مظهر صالح إلى خطورة الاعتماد على مصدر طاقة واحد فقط، أو دولة بعينها في إمدادات الغاز، مؤكدًا أهمية تنويع الإمدادات، وضاربًا المثل في ذلك بدولة تركيا.
وفيما يلي نص الحوار:
يعتمد العراق على إيرادات النفط بنسبة تقترب من 90%.. هل تتفقون أن هذا يمثّل إشكالية خاصة مع تقلّب أسعاره؟
تواجه سياسة الموازنة العامة في بلادنا عند إعدادها المشكلات المتوقعة أو المحتملة من دورة الأصول النفطية خلال تنفيذ الموازنة في السنة المالية، وبناءً على ذلك تتحفظ بعجز افتراضي أو تحوطي يُموّل من الاقتراض الداخلي والخارجي، لضمان حدود النفقات الحاكمة، وتحديدًا الرواتب والأجور والمعاشات التقاعدية والرعاية الاجتماعية، التي تشكّل قرابة 50% من الإنفاق العام السنوي وحدها، عدا النفقات التشغيلية الأخرى، بما في ذلك خدمات الديون، بالإضافة إلى الإنفاق الاستثماري.
وبناء على ذلك، ظلّت الموازنة الاستثمارية هي الجانب الأكثر قلقًا في التنفيذ، لا سيما عند انخفاض أسعار النفط إلى ما دون السعر الافتراضي في الموازنة، ما يعرّض المشروعات الاستثمارية إلى التوقف أو التعثر.
وعلى مدار عقدين من الزمن فإن دورة تنفيذ المشروعات الاستثمارية باتت متلازمة مع دورة الأصول النفطية، باستثناء المشروعات التنموية المموّلة من قروض دولية مستمرة، وهي محدودة في الغالب، ولا تشكّل سوى 10% من رصيد المشروعات القائمة في القطاعات الاستثمارية الحكومية المختلفة (كذلك عدا مشروعات جولات التراخيص النفطية التي تستمر في التنفيذ بالغالب لكون نفقاتها تُسدد بالنفط الخام).
وأنوه هنا بأنه عند ارتفاع دورة الأصول النفطية، وما يُحقق للموازنة من تدفقات مالية مناسبة، يتم الاستئناف بالمشروعات المتوقفة، ولكن بتكاليف تعويضية غالبًا ما يطالب بها المقاولون وحسب عقود التنفيذ والالتزامات المتبادلة، وهي تكاليف طارئة على الموازنة الاستثمارية، ناجمة عن إشكالية أسعار النفط وتأثير ذلك في النمو الاقتصادي السنوي في الناتج المحلي الإجمالي.
بالنسبة إلى العراق، ما السعر المناسب لبرميل النفط الذي يدعم استقرار موازنة الدولة؟
بافتراض أن نسبة تنفيذ نفقات الموازنة السنوية هي 100%، وبافتراض ثبات سقف الإنفاق الكلي السنوي بنحو 200 تريليون دينار (152 مليار دولار أميركي)، وبافتراض أن الإيرادات غير النفطية ثابتة، ومستوى التضخم السنوي معتدل، فإن الرقم الأمثل لسعر برميل النفط بمستوى تصدير 3.4 مليون برميل يوميًا، هو ألا يقل سعر برميل النفط عن 90 دولارًا.
تقريبًا، كم تبلغ تكلفة إنتاج برميل النفط العراقي؟
تُعد حقول العراق النفطية من بين الأقل على مستوى العالم في تكلفة الإنتاج، وعلى الرغم من نفقات جولات التراخيص التي تتولّى تطوير حقول النفط العراقي منذ عقد ونصف العقد من الزمن، فإن تكلفة إنتاج برميل النفط الخام تتراوح بين 8 دولارات للبرميل الواحد، وهي الغالبة، وترتفع في بعض الحقول استثناءً إلى 12 دولارًا للبرميل.
لذلك يمكن القول إن التكلفة الموزونة بكمية الاستخراج، وحسب إنتاجية الحقول وغزارتها، هي بنحو 9 دولارات للبرميل الواحد.
هل وجود العراق ضمن تحالف أوبك+ يقيّد جهود الحكومة لزيادة إنتاج النفط؟
كما هو معلوم فإن قرارات أوبك+ تُعتمد بالإجماع، والعراق يتفهم أهمية ذلك الإجماع على الرغم من وجود قيدين:
الأول: إن خفض الإنتاج النفطي ضمن اتفاق أوبك+ في مواجهة التخمة النفطية في سوق الطاقة يؤثر حتمًا خلال السنة المالية في عوائد الموازنة، ويزيد من احتمالات العجز فيها، مع ترقب احتمالات أن يؤدي ذلك الخفض إلى تحسين الأسعار في أسواق الطاقة وعلى نحو مزدوج، أي تغطية تكلفة الكمية التي جرى خفضها من الإنتاج، ويحسّن في الوقت نفسه من إجمالي الإيرادات النفطية الكلية بشكل عمومي، وضمن حصتنا المنتجة السنوية الإجمالية ضمن قرارات أوبك+.
أما القيد الثاني، فإن حصة العراق من خططه الإنتاجية طويلة الأجل قد ذهبت إلى بلدان أخرى منذ عام 1980، بسبب حروب النظام السابق العبثية والحصار الاقتصادي التسعيناتي وسنوات بعد عام 2003 (الغزو الأميركي للعراق)؛ فجميع هذه العوامل قيّدت حصة العراق.
فبدلًا من أن ينتج العراق 12 مليون برميل نفط يوميًا، فإن إنتاجه الراهن لا يتعدى 4.4 مليون برميل يوميًا، لذا فإن مثل هذا الأمر غير المنصف يجب أن يتفهّمه تحالف أوبك+ على الدوام، ولكن البلدان التي استفادت من تراجع النفط العراقي وعظّمت من حصصها السوقية داخل أوبك لن تصغى إلى ذلك للأسف.
العراق حتى الآن لم يلتزم بحصته داخل أوبك+ رغم تعهداته شهريًا.. ما رسالتكم إلى التحالف؟
من الصعب القول إن العراق لم يلتزم بحصته المقررة في أوبك+، بعد أن اتخذت الجهة القطاعية النفطية الاتحادية العناية الواجبة لتنفيذ التزاماتنا داخل هذا التحالف النفطي، ويبدو لي أن التحالف قد يعتمد أحيانًا في مؤشرات الالتزام بالكميات اليومية المنتجة على بعض المصادر الخارجية، وربما غير الرسمية، في التعاطي مع مسألة تقدير حصة الإنتاج اليومي للنفط الخام في بلادنا عمومًا، بما في ذلك مشكلات إنتاج حقول نفط إقليم كردستان.
ما رؤيتكم لتنويع الاقتصاد بعيدًا عن الاعتماد الكامل على إيرادات النفط؟
للمرة الأولى تتضح الرؤية المستقبلية للاقتصاد العراقي وباتجاهين، الأول في البرنامج الحكومي الذي أطلق فكرة الشراكة بين الدولة والقطاع الخاص، والآخر في مبادئ خطة التنمية الوطنية 2024-2028 التي اعتمدت مبادئ السوق الاجتماعية، وبصفة متلازمة مع البرنامج الحكومي الذي أقره مجلس النواب في أكتوبر/تشرين الأول من عام 2022 عند تشكيل حكومة محمد شياع السوداني.
إن المسار الذي انتهجته الحكومة لتنويع الاقتصاد الوطني بدأ من برنامج “طريق التنمية” بصفته مشروعًا يمثّل الدفعة الكبيرة لتنويع الاقتصاد خارج ريعية الاقتصاد، إذ سيرتبط بهذا المشروع أول انطلاقة في الصناعة التحويلية، وذلك بإنشاء 3 مدن صناعية، ومنطقتين اقتصاديتين على مسار طريق التنمية.
إذ إن تحقيق معدل نمو سنوي في الناتج المحلي الاجمالي يزيد على 4% سنويًا يقتضي الدخول في عالم الصناعة التحويلية، وتشغيل عامل صناعي واحد يولّد في مخرجات عجلة الإنتاج 6 فرص عمل في القطاعات الملازمة الأخرى؛ لذا فإن تنويع الاقتصاد الوطني الذي يهيمن إنتاج النفط فيه على 50% من مكونات الناتج المحلي الإجمالي، وتتمدّد تأثيراته غير المباشرة في مفاصل الاقتصاد وبنسبة 85%؛ يتطلّب نهضة صناعية جادة.
فقد تشكّلت لجنة الكفالات السيادية التي أخذت الحكومة العراقية بتوفير خطوط ائتمانية كبيرة من المصارف العالمية، لتأمين تكنولوجيا وخطوط إنتاج حديثة، وتحديدًا من بلدان الاتحاد الأوروبي واليابان، إذ تُمنح تلك الضمانات إلى الخطوط الصناعية وفق مستويات خمسة، أولها المصانع التي ترتبط مخرجاتها بالبنية التحتية للبلاد، وكذلك مصانع الأدوية، ومن ثم الصناعات البتروكيميائية ومخرجاتها التي تخدم الزراعة، ومجموعات صناعية أخرى مختلفة.
وأريد أن أنوه هنا بأن البطالة المستدامة لاتُحل إلا بالنشاط الصناعي والمهني المتوسط والصغير أيضًا، الذي يستوعب 60% من قوة العمل، إذ يُضاف اليوم قرابة نصف مليون عامل جديد سنويًا، ولا تتوافر القدرة إلا بتشغيل أقل من نصفهم تشغيلاً كاملاً يزيد على معدل 15 ساعة في الأسبوع، أو يبلغ 40 ساعة أسبوعياً من أيام العمل.
ما رؤيتكم لتطوير قطاع الطاقة، خاصة الغاز والطاقة المتجددة؟
تعتمد الحكومة الحالية برنامجًا دقيقًا للتوقف عن حرق الغاز المصاحب للإنتاج النفطي، وخطة الدولة هي الوصول إلى رقم صفر في حرق الغاز المصاحب، وبنسبة 100%، قبل حلول عام 2028.
إذ سيُوجه الغاز بعد المعالجة إلى تغذية الدورات المركبة لمحطات إنتاج الطاقة الكهربائية، واستهلاك جانب منه للاستعمالات الصناعية والمنزلية، وهناك نسبة منه بعد المعالجة جاهزة للتصدير.
أما على صعيد الطاقة المتجددة، وبالتحديد إنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية، فإن البلاد على وشك إصدار مشروع قانون لتأسيس هيئة وطنية لإدارة الطاقة المتجددة التي ستتولى رسم الخطط الممكنة، لتوسيع نشاط توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية، وكيفية تصنيع لوازم الطاقة المتجددة وطنيًا، وكيفية تنظيمها في مجالات الاستعمال المختلفة، سواء منزليًا وخدميًا أو صناعيًا وزراعيًا.
وننوه هنا بأن ثقافة استخدام الطاقة المتجددة أصبحت واسعة الفهم والرغبة في تحقيق استدامة التجهيز بالطاقة الكهربائية، ولا سيما في قطاعات السكن والأرياف والنشاطات الإنتاجية المختلفة.
فكلما انخفضت تكلفة استعمال الطاقة المتجددة زاد الإقبال على استعمالاتها، وهو السبيل الأمثل والأنظف للبيئة، فضلًا عن حل مشكلات الطلب على الطاقة الكهربائية التي تزيد على 48 ألف ميغاواط، والمتاح منها ما زال بنحو 27 ألف ميغاواط.
هل تتفقون أن هناك مخاطرة بالاعتماد الكبير على الغاز الإيراني، خاصة أن كميات الضخ غير منتظمة؟
لم تكن لدى بلادنا سياسة متكاملة في معالجة الغاز الطبيعي عندما أدخل العراق محطات التوليد التي تعتمد الغاز وقودًا لتشغيلها، لذلك كان الاعتماد على الغاز المستورد من إيران البديل الأمثل والمتاح لتشغل محطات توليد الكهرباء المعتمدة على الغاز المعالج والمستورد من طهران عبر أنابيب ترتبط بمحطات التوليد.
ثمة مشكلتان ظهرتا خلال هذه الاعتمادية على الغاز المستورد يجب أن توفّر البديل المناسب، الأولى أن إيران تعاني من نقص جغرافي في كميات الغاز المجهز، فضلًا عن توقف التجهيز لأيام بسبب الظروف الجوية أو أعمال الصيانة وغيرها، بما في ذلك دفع مستحقات الشركات الإيرانية من الغاز المجهّز، بسبب القيود المالية والمصرفية المفروضة على إيران من جانب الغرب.
والأمر الآخر أن بلادنا تحرق غازها المصاحب وتستورد غازًا آخر، وهو أمر يخالف المنطق الاقتصادي.
فالاعتماد على مصدر واحد للغاز هو أمر صعب على المدى الطويل، وتجربة أوروبا مع الغاز الروسي هي خير مثال على مصاعب الاعتماد على مصدر واحد.
ويُقال إن تركيا تعتمد في سياستها بشأن استيراد الغاز على 5 مصادر خارجية متنوعة توفّر لها المرونة الكافية والمناورة والكفاءة في مصادر تجهيز الغاز.
لذا، يسعى العراق كغيره من البلدان إلى توفير مصادر تجهيز مختلفة حسب ما هو متاح من غاز محلي مصاحب يجري استغلاله، أو من خلال استثمار حقول الغاز الطبيعي، مثل حقل عكاز والمنصورية وغيرهما.
اقرأ أيضًا..
Source link