آلية الشراء الموحد للغاز في أوروبا.. ماذا حققت بعد 15 شهرًا من إطلاقها؟

يعوّل الاتحاد الأوروبي على آلية الشراء الموحد للغاز في إطار البحث عن منافذ بديلة ومتنوعة للإمدادات، بما يضمن أمن الطاقة وأهداف التخلّي عن التدفقات الروسية.

وكان الاتحاد قد أعلن -في أبريل/نيسان العام الماضي 2023- منصة لتنسيق الشراء بشكل مشترك بين الدول التابعة له تنطلق بدءًا من يونيو/حزيران من العام ذاته، إلّا أن نتائج هذا الجهد يبدو أنها لا تلبي -حاليًا- الطموح الأوروبي بالقدر الكافي.

وبحسب متابعة منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، أمّنت منصة “أجريجيت إي يو Aggregate EU” ما يعادل 2% فقط من العقود المأمولة للشراء اللازم لتلبية الطلب، رغم مرور نحو عام ونصف على إعلانها.

واستهدف الاتحاد من هذه المنصة أن تمثّل آلية لتأمين إمدادات الغاز عبر طرح الطلب الموحد في مناقصة عالمية، تضمن توريد بأسعار مخفضة تتجنّب الارتفاعات الجنونية للأسعار التي شهدتها السوق الفورية عام 2022، عقب اندلاع الحرب الأوكرانية.

واقع الطلب الموحد

أدت آلية الشراء الموحد للغاز في أوروبا إلى تأمين تعاقدات بقدر ضئيل من معدل الطلب -في نطاق 2%-، بعد مرور 15 شهرًا على إطلاقها.

ويأتي ذلك رغم أن الآلية استهدفت -لدى إعلانها- حثّ الدول الأعضاء على إلزام الشركات بتقديم طلبات، لما يصل إلى 15% من حجم الطلب اللازم لمستهدفات التخزين، عبر المنصة.

ووفق البيانات المتاحة، كانت المنصة “بوابة” للتنسيق بين بائعي الغاز ومشتريه، لتوريد 43 مليار متر مكعب من الطلب الإجمالي، لكن عمليات البيع أسفرت عن عقود تعادل مليار متر مكعب فقط، وفق ما نقله تقرير لصحيفة فايننشال تايمز (Financial Times) عن مصادر.

شبكات ومرافق لنقل الغاز
شبكات ومرافق لنقل الغاز – الصورة من Bruegel

وكان خبير الغاز والهيدروجين بمنظمة أوابك، المهندس وائل حامد عبدالمعطي، قد حذّر خلال إطلاق المنصة من تأثيرها السلبي في مبدأ “التنافسية” الذي يعدّ حجر زاوية في تأسيس سوق الغاز الأوروبية.

وقال عبدالمعطي -آنذاك-، إن استجابة السوق للطلب عبر آلية الشراء الموحد للغاز في أوروبا تعدّ معيارًا لتقييم نجاح فكرة المنصة، مشيرًا إلى أن المفوضية الأوروبية نسّقت للشراء عبر شركة وسيطة تجمع الطلب من العملاء الأوروبيين.

وأضاف أن التعامل مع البائعين والمورّدين في إطار موحد كان يهدف للحصول على إمدادات بسعر أقل.

تعامل الشركات وجدوى الآلية

قلّلت شركة إكوينور النرويجية من دور آلية الشراء الموحد للغاز في أوروبا، بالنظر إلى أن المنصة لم تكن وسيلة لتسويق طلب الشركة.

وتستبعد إكوينور إمكان تأدية المنصة دور الوسيط، ما دامت سوق الغاز الأوروبية تعمل بشكل صحيح.

وبالإضافة إلى إكوينور، أكّدت شركة طاقة -لم يذكر التقرير اسمها بناءً على طلب منها- أن الأرقام تُشير إلى عدم تلبية المنصة الدور المنوط بها، ولم تضف للسوق كميات غاز إضافية.

وأرجعت الشركة ذلك إلى تعامل السوق الأوروبية مع أزمة الطاقة في أعقاب اندلاع الحرب الأوكرانية، ولم يكن هناك دور ملحوظ لآلية الشراء الموحد للغاز ومنصتها الرسمية.

ولم تسفر المنصة عن توقيع الشركتين (إكوينور، والشركة غير المعلنة) صفقات توريد جديدة عبرها.

ومقابل ذلك، فسّر مسؤولون في الاتحاد الأوروبي عدم إدراك الشركات أهمية المنصة بعدم إلزام الآلية الشركات الأوروبية بالإفصاح عن بياناتها بالكامل.

وتثور حالة الجدل بين الشركات من جهة والمسؤولين من جهة أخرى حول جدوى الآلية التساؤلات، خاصة أن رئيسة المفوضية الأوروبية “أورسولا فون دير لاين” كانت تلوّح بتطبيق فكرة آلية الشراء الموحد للغاز على سلع رئيسة أخرى.

ويشمل ذلك توسعة نطاق آلية الطلب الموحد لتغطي الهيدروجين والمواد الخام والمعادن، بعدما اقتصرت على الغاز فقط، حسب رؤية “دير لاين” لإستراتيجيات المفوضية خلال السنوات الـ5 المقبلة، التي طرحتها في يوليو/تموز الماضي.

ويكشف الرسم البياني أدناه -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- حجم واردات أوروبا من الغاز المسال خلال الأشهر الـ7 الأولى من 2024:

واردات أوروبا من الغاز المسال في أول 7 أشهر

لماذا فشلت المنصة؟

لا يعدّ الإقرار بعدم نجاح دور منصة “أجريجيت إي يو” كافيًا، بل يتعين التدقيق في أسباب ذلك، حتى لا يتكرر السيناريو ذاته مع سلع أخرى وفق ما تعتزمه المفوضية.

وأكد الأمين العام لرابطة مبيعات التجزئة والجملة للغاز في أوروبا يوروغاز (Eurogas)، أندرياس غوث، أن العمل بآلية الشراء الموحد على مدار 15 شهرًا كشف أمورًا عدّة.

وقال، إن التحدي الأكبر الذي واجه المنصة كان حالة عدم اليقين التي غلّفت الطلب الأوروبي طويل الأجل على الغاز، خاصة في ظل الاندفاع باتجاه تقليص استعمال الوقود الأحفوري والتوسع في الطاقة النظيفة.

من جانب آخر، انتقد غوث عدم تعزيز الآلية بإعفاءات وإجراءات تنظم قواعد المنافسة الأوروبية، لكنه في الوقت ذاته أشاد بدور المنصة في تأمين الإمدادات لـ”الطلبات المحدودة” على الغاز، التي كان يصعب حصولها على عقد.

وبرّر دبلوماسي في الاتحاد الصعوبات التي واجهت الآلية بالفجوة بين الحكومات والشركات، وعجز الأولى عن إقناع المستثمرين بالتسجيل في المنصة.

وأشارت محكمة المدققين الأوروبية (هيئة تابعة للاتحاد تملك صلاحيات التدقيق في البيانات المالية) إلى أن الآلية والمنصة دعمتا الشركات الصغيرة ذات الطلب الصغير فقط، ولم تكن مؤثرة بالقدر الكافي في أكثر من ذلك.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.


Source link

شارك هذا الخبر