تخلّت رائدة صناعة السيارات متعددة الجنسيات ستيلانتس (Stellantis) ونظيرتها الفرنسية أورانو (Orano) العاملة في مجال إنتاج الوقود النووي، عن خُطط لتنفيذ مشروع مشترك يستهدف إعادة تدوير بطاريات السيارات الكهربائية.
وكان مشروع إعادة تدوير بطاريات المركبات الكهربائية بين ستيلانتس وأورانو يستهدف -كذلك- إنتاج ما يُطلَق عليه “الكتلة السوداء”، وهي مادة غنية بالمعادن يجري تنقيتها بغرض إعادة استعمالها في البطاريات.
وتتيح تلك التقنية إمكان استكمال سلسلة الإنتاج؛ ما يقلل الحاجة إلى استخراج مواد جديدة لاستعمالها في تصنيع البطاريات، لا سيما في ظل التحديات التنظيمية التي يواجهها القطاع في القارة العجوز.
ويسلط قرار إلغاء المشروع المشترك الضوء على التحديات التي يواجهها اللاعبون الرئيسون في الصناعة لإنشاء بنية تحتية مربحة لعمليات إعادة تدوير بطاريات السيارات الكهربائية، إلى جانب ضعف الطلب على المركبات الكهربائية، وفق متابعات لمنصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).
مشروع ستيلانتس
أسقطت ستيلانتس وأورانو من حساباتهما فكرة تنفيذ مشروع مشترك مقترح، كان يستهدف إعادة تدوير بطاريات السيارات الكهربائية؛ ما يعكس عدم اليقين التنظيمي الذي يغلّف الصناعة في أوروبا، وفق ما قاله البلدان في بيان منشور على موقع أورانو.
وخلال العام الماضي (2023) أبرمت الشركتان مذكرة تفاهم بشأن المشروع المذكور الذي كان من المُخطط له أن يساعد في إعادة تدوير بطاريات السيارات الكهربائية، والمواد الخردة المُنتَجة من المصانع الضخمة التابعة لشركة ستيلانتس، في أوروبا وأميركا الشمالية.
وكان من المقرر بدء الإنتاج من المشروع خلال النصف الأول من عام 2026، بحسب معلومات وصلت إليها منصة الطاقة المتخصصة.
وقالت ستيلانتس وأورانو “إنهما ستنهيان المشروع المُخطط لإعادة تدوير بطاريات السيارات الكهربائية والمواد الخردة”، وأضافتا أنهما تستكشفان علاقات تجارية محتملة أخرى، في البيان المشترك الصادر عنهما.
وكان من شأن المشروع المشترك أن يمنح ستيلانتس، الشركة الأم لعلامات تجارية عدة، بما في ذلك بيجو وفيات وجيب، إمكان الوصول الإضافي إلى معادن إستراتيجية مثل الكوبالت والنيكل والليثيوم اللازمة للكهربة وتحول الطاقة.
قطاع السيارات الكهربائية مضغوط
يأتي انسحاب ستيلانتس وأورانو على خلفية تراجع المبيعات التي يعانيها قطاع السيارات الكهربائية في أوروبا.
فوفق رابطة مصنعي السيارات الأوروبية المعروفة اختصارًا بـ”إيه سي إي إيه”، هبطت مبيعات السيارات الكهربائية بنسبة 43.9% في أغسطس/آب (2024)، لتصل إلى ما دون 100 ألف وحدة.
ويُعزى هذا التراجع، على وجه الخصوص، إلى تراجع دعم المشتريات في بلدان عدة؛ ما يزيد العراقيل أمام المستهلكين للتحول إلى المركبات منخفضة الانبعاثات.
وربما يفسر هذا الهبوط في الطلب، القرار الذي اتخذته ستيلانتس وأورانو بإلغاء مشروع لإعادة تدوير بطاريات السيارات الكهربائية.
ويؤثر انخفاض أحجام مبيعات السيارات الكهربائية مباشرةً في الجدوى الاقتصادية لمشروعات إعادة تدوير بطاريات السيارات الكهربائية، لا سيما في قطاع يتطلب فيه إنتاج البطاريات أحجامًا إنتاجيةً كبيرة لتحقيق الأرباح.
تحديات إعادة تدوير بطاريات السيارات الكهربائية
تمثّل مشروعات إعادة تدوير بطاريات السيارات الكهربائية تحديًا إستراتيجيًا لشركات صناعة السيارات أمثال ستيلانتس، في سياق جهود إزالة الانبعاثات الكربونية من قطاع النقل.
وتمثل استعادة المعادن الإستراتيجية من البطاريات المُستعمَلة ضمانة رئيسة لإنتاج مستدام، مع خفض الاعتماد على المواد الخام المستوردة.
ومع ذلك تتطلب تلك المشروعات استثماراتٍ ضخمةً، وإمكان الوصول إلى أحجامٍ كبيرةٍ من البطاريات المُستعمَلة.
غير أن إلغاء مشروع إعادة تدوير بطاريات السيارات الكهربائية من قبل ستيلانتس وأورانو قد يكون وثيق الصلة بإعادة تقييم التكاليف، لا سيما في بيئة اقتصادية يغلفها عدم اليقين.
مشروع قيد التخطيط
في الوقت الذي تشهد فيه صناعة إعادة تدوير بطاريات السيارات الكهربائية إلغاء عدد من المشروعات لانخفاض الجدوى الاقتصادية، تلوح مشروعات مماثلة في الأفق، مثل ذلك المُخطط بين شركة إعادة التدوير البريطانية ألتيليوم (Altilium) وجاغوار لاند روفر.
ويستهدف المشروع بناء واختبار خلايا بطاريات مُصممة باستعمال مواد معاد تدويرها من سيارة جاغوار آي بيس (Jaguar i-Pace) الكهربائية القديمة.
ومن المقرر أن يدخل المشروع الممول جزئيًا بوساطة جاغوار لاند روفر، حيز التشغيل العام المقبل (2025)، وفق ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.
وسيستهلك المشروع مواد الكاثود النشطة من بطاريات سيارة “جاغوار آي بيس”، وتصنيع خلايا بطاريات جديدة لاختبارها في السيارات الكهربائية التي تحمل علامة جاغوار لاند روفر.
سباق محموم
أشعلت الزيادة في معدل انتشار السيارات الكهربائية سباقًا محمومًا لإعادة تدوير المواد المُستعمَلة في بطاريات تلك المركبات، لا سيما الليثيوم والكوبالت والنيكل، التي يمكن أن تصل قيمتها إلى آلاف الدولارات لكل سيارة.
وقالت شركة ألتيليوم إن عملياتها من شأنها أن تمكن شركات صناعة السيارات من تحقيق أهداف خفض الانبعاثات الكربونية؛ إذ إنها تقلص الحاجة إلى المواد المستخرَجة حديثًا مما يؤدي إلى انخفاض انبعاثات الكربون بنسبة 60%.
إلى جانب ذلك تتنامى الضغوط التنظيمية الواقعة على شركات صناعة السيارات ومصنعي البطاريات لإعادة تدوير بطاريات السيارات الكهربائية.
وبدءًا من عام 2031، يتعيّن أن تشتمل بطاريات السيارات الكهربائية الجديدة المبيعة في الاتحاد الأوروبي على ما لا يقل عن 6% من الليثيوم المعاد تدويره، و6% من النيكل المعاد تدويره، و16% من الكوبالت المعاد تدويره.
وبحلول عام 2036، سترتفع تلك المستهدفات إلى 12% و15% و26% على الترتيب.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
Source link