تسعى الجزائر إلى تنويع اقتصادها وموارد دخلها، ويبدو أن الزخم العالمي باتجاه الهيدروجين شجّعها على التوسع به، بالإضافة إلى مسارات أخرى مثل التعدين وغيره، جنبًا إلى جنب مع الاهتمام بتطوير النفط والغاز.
ويستهدف الرئيس عبدالمجيد تبون زيادة الناتج المحلي الإجمالي للبلاد إلى 400 مليار دولار بحلول عام 2027، ويؤدي قطاع الطاقة في البلاد دورًا مهمًا في تحقيق الطموح.
وبحسب متابعة منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن) لبيانات اقتصادية، فإن قطاع الطاقة لدى الجزائر ينعش خزينة البلاد بنحو 40% من إجمالي عائداتها، كما أن صادرات الطاقة تشكّل 90% من إجمالي صادرات الدولة الأفريقية.
وخلال الآونة الأخيرة جذبت الجزائر عددًا من الشركات الدولية لتوسعة رقعة التطوير وزيادة إنتاج النفط والغاز، وبالتوازي مع ذلك أفسحت المجال لمصادر أخرى مثل الاهتمام بالهيدروجين والمعادن وتصنيع المعدات الكهربائية.
استثمار متنوع
يُعد تنويع مصادر الاقتصاد الجزائري أحد أبرز الأولويات التي تعهد بها الرئيس تبون خلال الانتخابات الأخيرة، مستهدفًا زيادة صادرات البلاد -من غير الهيدروكربونات- إلى ما يزيد على 15 مليار دولار بحلول عام 2027.
ويتوافق هذا الهدف مع إستراتيجية الدولة منذ سنوات والرامية لجذب استثمارات أجنبية بصورة متزايدة، ما وضعها ضمن أكبر اقتصادات القارة الأفريقية.
وتواصل الحكومة الجزائرية دعم القطاعات غير الهيدروكربونية لزيادة رقعة التنوع بدءًا من العام المقبل 2025، ويساعدها في ذلك إمكانات وموارد طبيعية غير مستغلة بالقدر الكافي حتى الآن.
ويوضح الرسم أدناه -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- حجم صادرات الغاز المسال الجزائري خلال عامي 2022 و2024:
وتتمتع الجزائر بإمكانات إشعاع شمسي ورياح قوية، ما يُشير إلى أن الاستثمار في الطاقة المتجددة ينعكس بصورة مباشرة على تطوير الهيدروجين الأخضر.
وفي التقرير أدناه، نستعرض أبرز تطورات 3 مسارات ذات صلة مباشرة أو غير مباشرة بقطاع الطاقة بعيدًا عن النفط والغاز، وتؤدي في الوقت ذاته دورًا مهمًا تجاه إنعاش الاقتصاد الجزائري، مثل: الهيدروجين، والتعدين، والتصنيع.
أولًا: الهيدروجين
يكتسب الهيدروجين الأخضر أولوية لدى الحكومة الجزائرية، إذ يُعد إحدى الأدوات اللازمة لدعم جهود خفض مستويات الكربون وتحقيق الحياد الكربوني.
وانطلقت الدولة الأفريقية نحو بناء أول مشروعاتها المعنية بإنتاج الهيدروجين الأخضر، وشرعت شركة سوناطراك في جذب استثمار من بنك الائتمان وإعادة الإعمار الألماني (KFW)، لمشروع دشنته الشركة في فبراير/شباط الماضي.
وتُخصص الاستثمارات للإنفاق على تطوير مشروع محطة “أرزيو” بقدرة 50 ميغاواط، لإنتاج الهيدروجين وتصديره إلى أوروبا.
ومن جانب آخر، وقعت سوناطراك مذكرة تفاهم مع مجموعة “توسيالي” التركية، بهدف بحث دور الوقود في صناعة الصلب الأخضر.
ومن المقرر أن تشهد نهاية العام الجاري إطلاق 4 مشروعات تجريبية لإنتاج الهيدروجين، وفق ما تضمنته أجندة البلاد وخططها المعلنة قبل عام، وتتضمن هذه المشروعات: مشروعين للهيدروجين الأخضر ومشروعين للأزرق، بحسب بيانات أوابك.
وتملك الجزائر الموارد اللازمة لإنتاج الوقود منخفض الكربون والمتجدد، سواء الغاز الطبيعي لإنتاج الهيدروجين الأزرق، أو الشمس والرياح بصفتها مصادر متجددة لإنتاج الوقود الأخضر.
ووفق المعلومات التي أُتيحت آنذاك، تباشر شركة سوناطراك تطوير 3 مشروعات في حين يخضع المشروع الرابع لتطوير مشترك مع شركات ألمانية.
وسلّطت الهيئات المعينة حينها الضوء على دور مشروع “الممر الجنوبي، أو ممر الهيدروجين” في فتح المجال لتصدير الوقود النظيف إلى أوروبا.
وأبدت 4 شركات أوروبية اهتمامها باستيراد الوقود من الجزائر، هي: شركة إن جي الألمانية، وشركتا سنام و”سي كوريدور” الإيطاليتان، وشركة فاربوند النمساوية.
ويرصد الرسم أدناه -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- مسار ممر تصدير الوقود النظيف مرورًا من الجزائر في شمال أفريقيا، حتى أوروبا:
ثانيًا: التعدين
تملك الجزائر ثروة معدنية هائلة، تتضمن: (الفوسفات، والحديد، بالإضافة إلى معادن إستراتيجية رئيسة أخرى).
ورغم ذلك، يقتصر إسهام قطاع التعدين حاليًا على 1% فقط من الناتج المحلي الإجمالي.
وخلال رحلة الدولة الأفريقية لتنويع مصادر دعم قطاع الطاقة للاقتصاد، أطلقت الحكومة مشروعًا يهدف إلى تحديد مواقع المعادن في البلاد وحجم الرواسب بها، لدعم مشروعات الاستكشاف والتنقيب الجديدة.
وخصصت الحكومة 32 مليون دولار أميركي، للإنفاق على مشروع خريطة المعادن في البلاد، وتستهدف إتمامه بحلول نهاية العام الجاري، وفق موقع إنرجي كابيتال أند باور (Energy Capital & Power).
وبجانب ذلك، ترغب الدولة الواقعة في شمال أفريقيا بدعم خطواتها نحو إثراء قطاع المعادن والتعدين بلوائح وتشريعات تسهل حصص التطوير وتؤمّن الحوافز والامتيازات الضريبية.
ومن شأن هذه الخطوات أن تجذب الاستثمار الأجنبي وتشجعه، للتنقيب عن رواسب أكبر واستخراجها.
ومن أبرز المشروعات التي تطورها حكومة الدولة الأفريقية حاليًا مشروع منجم غار جبيلات لخام الحديد، الذي يُعد أحد أكبر المواقع العالمية التي تضم الخام.
كما تطور الجزائر مشروع بلاد الحدبة في ولاية تبسة لاستخراج الفوسفات، باستثمارات تصل إلى 7 مليارات دولار، ما يعزّز تصنيع الأسمدة وتصديرها.
وبجانب ذلك، يخضع مشروع “تالا حمزة” الذي يضم رواسب من الزنك والرصاص بالتنسيق بين مجمع سونارام المحلي وشركة تيرامين الأسترالية للتعدين.
وشهد منجم “تالا حمزة” الواقع في واد أميزور وضع حجر الأساس في 11 نوفمبر/تشرين الثاني العام الماضي.
ثالثًا: تصنيع المعدات الكهربائية
اقتحمت الجزائر قطاع الصناعات الثقيلة وأحرزت توسعات هائلة، خاصة فيما يتعلق بالمعدات الصناعية والكهربائية.
وتطورت الصناعات سريعًا، حتى أقدمت شركة سونلغاز على تزويد تونس والعراق بشحنة من صادرات قطع غيار العدادات الكهربائية، عبر شركة فرعية معنية بإنتاج هذه المعدات.
ويبدو أن ثمة تعاونًا جديدًا مرتقبًا بدأ في أغسطس/آب الماضي، بين شركة سونلغاز الجزائرية وجنرال إلكتريك الأميركية.
ويهدف التعاون إلى تطوير مصنع توربينات في منطقة عين ياقوت، من المتوقع أن يبدأ إنتاج معدات كهربائية بعد عام (في أغسطس/آب 2025).
وجاء ذلك بعدما وقّع مجمع سونلغاز (في 17 أبريل/نيسان الماضي) الاتفاق مع الشركة الأميركية، لتعزيز قدرات المصنع الإنتاجية.
وبجانب ذلك، دشّنت البلاد -خلال الشهر الجاري- أول شحنة تصدير لأعمدة شحن السيارات الكهربائية إلى إيطاليا وليبيا، من مصنع “سايغ” المحلي التابع لسونلغاز، بما يعادل 433 عمود شحن.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
Source link