بريطانيا تودع محطات الفحم إلى الأبد.. منشأة عمرها 143 عامًا

يشهد آخر يوم في شهر سبتمبر/أيلول الجاري (2024) توديع آخر محطات الفحم في بريطانيا، الدولة التي عرفّت العالم بهذه الصناعة منذ بدء الثورة الصناعية في القرن الـ17.

وتقرر خروج محطة “راتكليف-أون-سور” بشرق ميدلاندز -البالغة قدرتها 2 غيغاواط- من الخدمة، يوم الإثنين 30 سبتمبر/أيلول (2024)، وهي آخر المحطات العاملة بالفحم في البلاد، وفق تقرير طالعته منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).

ويأتي التخلص من آخر محطات الفحم في بريطانيا بعد 143 عامًا من تدشين أول محطة فحم بالقرب من العاصمة (لندن)، التي كانت باكورة هذا النوع من المنشآت عالميًا، ما يعطي الخطوة تأثيرًا خاصًا، ليس في المملكة المتحدة وحدها، بل على مستوى العالم.

ويُعدّ الفحم أكثر أنواع الوقود الأحفوري تلويثًا للبيئة، وتشنّ المجموعات البيئية ونشطاء المناخ ومسؤولو المناخ في الدول الراغبة في خفض انبعاثات الكربون وتحقيق الحياد الكربوني حملات واسعة للتخلص منه.

ورغم انخفاض عدد محطات الفحم، فإنه ما يزال يمثّل مصدرًا رئيسًا لتوليد الطاقة في عدد من الدول، تأتي في مقدّمتها الصين (أكبر مُصدر لانبعاثات غازات الدفيئة عالميًا)، والهند (ثالث أكبر مُصدر للانبعاثات بعد أميركا).

ووقفت الدولتان الآسيويتان ضد إعلان التخلص التدريجي من الفحم، ضمن توصيات قمة المناخ كوب 26، التي عُقِدَت في مدينة غلاكسو الإسكتلندية (تتبع المملكة المتحدة) في 2021.

أولى محطات الفحم في بريطانيا

انطلقت أولى محطات الفحم في بريطانيا والعالم -وهي “إديسون إلكتريك لايت ستاشن”- في لندن، بشهر يناير/كانون الثاني عام 1882. وكان موقعها مناسبًا حينها، وأسهم في إثراء الثورة الصناعية التي انطلقت بداية القرن بالمملكة المتحدة.

وتباطأ نمو محطات الفحم في بريطانيا في بداية عمرها في القرن الـ 17، لكن ما لبثت أن تحركت خطاها بسرعة في النصف الثاني من القرن الـ 18، قبل أن تصل إلى ذروتها في 1913، وبلغ حجم الاستهلاك 292 مليون طن، حسبما ذكر تقرير لموقع “رينيو إيكونومي“، اليوم الثلاثاء 24 سبتمبر/أيلول 2024.

غير أن نشاط محطات الفحم في بريطانيا انكمش بنحو 150 ضعفًا في 2019، مقارنة بـ 1913، وسجّل حجم الاستهلاك مليوني طن فقط، ثم بلغ 406 آلاف طن العام الماضي (2023).

والعام الماضي، لم تزد كهرباء محطات الفحم في بريطانيا عن 2.4% من مزيج الطاقة في البلاد.

ووفق مؤسسة الأبحاث البريطانية “إيمبر”، فإن كهرباء محطات الفحم في بريطانيا واصلت التراجع منذ بداية القرن العشرين (1990)، قبل أن تبدأ استقرارًا في 2012، حيث بلغت 39% من إجمالي الكهرباء المولدة في البلاد.

وقالت: “الهبوط السريع بنحو 7% سنويًا جاء بعد 5 سنوات فقط في 2017، لتستقر كهرباء محطات الفحم في بريطانيا عند 2% من إجمالي التوليد منذ 2020، وتهبط إلى صفر الأسبوع المقبل”.

مزرعة رياح بحرية في بريطانيا
مزرعة رياح بحرية في بريطانيا – الصورة من يو كيه ريسيرش آند إنوفاشن

التحول نحو الطاقة المتجددة

أكدت مؤسسة الأبحاث البريطانية “إيمبر” أن التخلص السريع من محطات الفحم بدأ مع حلول القرن الحادي والعشرين، بفضل السياسات المتبعة، والحوافز المالية، مع تسريع خطوات الطاقة المتجددة، للإحلال مكانها، وسدّ الفجوة التي يمكن أن تنجم عن خروجها من الخدمة.

وكانت شركة يونيبر الألمانية، التي تدير محطة “راتكليف-أون-سور” لتوليد الكهرباء بالفحم في بريطانيا، قد تعهدت بإغلاق الوحدات الأربع التي تبلغ قدرة كل منها 500 ميغاواط خلال الشهر الجاري، وهو ما يتماشى مع سياسات الحكومة (تمتلك حكومة برلين 99% من يونيبر، التي جرى تأميمها بعد أن كادت أزمة الطاقة الأوروبية تعصف بها في 2022).

وحصلت يونيبر، لاحقًا، على موافقة السلطات البريطانية لتحويل موقع المحطة إلى بعض الصناعات الحديثة، وتوليد كهرباء منخفضة الكربون، إضافة إلى إنتاج البطاريات وتخزين الطاقة.

ويبلغ عمر آخر محطات الفحم في بريطانيا 57 عامًا، وولّدت كهرباء خلال أكثر من نصف قرن تكفي لإعداد نحو 21 تريليون كوب من الشاي، أو ما يعادل أكثر من مليار كوب شاي يوميًا، وفق يونيبر.

وقال رئيس محللي الطاقة والمناخ في “إيمبر” فرانكي مايو: “عصر جديد خالٍ من الفحم يبدأ.. حققت بريطانيا شيئًا عظيمًا بتحويل أنظمة الطاقة لديها بعيدًا عن الفحم والتحرك نحو الطاقة المتجددة، لكن من الضروري زيادة توليد طاقة نظيفة تكفي البلاد للاستغناء عن واردات الغاز المكلفة للاقتصاد”.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.


Source link

شارك هذا الخبر