الميدان اليمني – وكالات
نشرت صحيفة “كوميرسانت” الروسية تقريرا تحدثت فيه عن إمكانية ظهور جبهة جديدة في الصراع اليمني على خلفية تدهور الأوضاع في البلاد بين العديد من الأطراف.
وقالت الصحيفة، إن أنصار المجلس الانتقالي الجنوبي المسلحين حاولوا اقتحام القصر الرئاسي في عدن، العاصمة المؤقتة للبلاد. ويوم الخميس لم تتوقف الاشتباكات في الشوارع، وتدهورت الأوضاع في عدن بشكل حاد في أوائل شهر آب/ أغسطس، على إثر وفاة حوالي 50 شخصا في يوم واحد، بحسب ترجمة صحيفة “عربي21”.
خلافات بين السعودية والإمارات
ووفقا للخبراء، قد يكون سبب هذه الاشتباكات “الخلافات بين المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، التي بدأت حربا في اليمن منذ أربع سنوات ضد الحوثيين. لا يزال الوضع في المدينة متوترا، على الرغم من تصريحات وزير الداخلية أحمد الميسري، التي تفيد بأن السلطات تسيطر على الوضع”.
ورجحوا أن “بيان الوزير جاء بعد الهجوم على القصر الرئاسي والبنك المركزي يوم الأربعاء من قبل التجمع اليمني للإصلاح وأنصار المجلس الانتقالي الجنوبي، وهي منظمة انفصالية تدعو لاستقلال الجنوب”.
وذكرت الصحيفة أنه “نتيجة للاشتباكات بين الانفصاليين والقوات الموالية للحكومة التي تحرس القصر، قتل ثلاثة أشخاص وأصيب نحو عشرة آخرين. كما أعلن نائب رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي هاني بن بريك عن تعبئة عامة، متهما الرئيس عبد ربه منصور هادي بتورطه في علاقات مع جماعة الإخوان المسلمين. وقد وصف الموالون لهادي تصريح بريك بأنه محاولة انقلابية. وحسب وسائل الإعلام، تم إيقاف المناوشات بعد تدخل الجيش السعودي، الذي أرسل مركباته المدرعة إلى منطقة القصر”.
وأشارت الصحيفة إلى أن “وسائل الإعلام العربية تزعم أن الإمارات وفرت الدعم للانفصاليين في اليمن، وهو سبب توتر العلاقات بين الإمارات والرئيس اليمني في الفترة الأخيرة. وتجدر الإشارة إلى أن أبو ظبي والرياض قادتا التحالف العربي لمساعد عبد ربه منصور هادي منذ سنة 2015، مع العلم أن هادي يحارب حركة الحوثيين، ويعمل في نفس الوقت على الحفاظ على وحدة اليمن”.
وأضافت الصحيفة أن “الصراع في عدن هو صراع إقليمي تستخدم فيه مختلف القوى مواردها في الجنوب للسيطرة على المدينة والمطار والميناء ومدخل مضيق باب المندب”.
وبحسب نائب رئيس المكتب السياسي لمجلس الحراك الثوري الأعلى لتحرير واستقلال الجنوب، مدرم أبو سراج، فإن “التحالف العربي كان في البداية بمثابة الجبهة الموحدة إلى جانب قوات المقاومة في الجنوب، ولكن مع بدء تحرير بعض المناطق، حدث الانقسام داخل التحالف وبين حلفائه وانطلق الكفاح من أجل السلطة”.
وقالت الصحيفة إنه “نتيجة لذلك، ظهرت الشرطة المسلحة والهياكل السياسية الموازية. وفي هذا الصدد، قال أبو سراج إنه “من الضروري وضع الطموحات الشخصية جانبا من أجل مصلحة الجنوب”.
وفي أواخر تموز/ يوليو، أعلنت الإمارات عن إعادة نشر قواتها في اليمن مع تخفيض عددها، والبحث عن حل سلمي للنزاع في اليمن. لكن بالتزامن مع هذا التغيير في الموقف الإماراتي، ازداد الوضع سوءا في جنوب اليمن.
وفي مطلع آب/ أغسطس، أسفر هجومان عن تفجير سيارة وقتل 59 شخصا في عدن وإصابة حوالي 50 شخصا آخرين. وكان من بين القتلى محمود أحمد المشالي المسؤول عن الأمن في عدن. وعلى إثر الهجمات مباشرة، انتشرت شائعات بين مؤيدي المجلس الانتقالي الجنوبي بأن الحوثيين تلقوا دعما من الدوائر الموالية للحكومة في عدن.
ونقلت الصحيفة عن الخبير الروسي سيرغي سيبروف، أنه “في وقت سابق، كان من المعتقد أن الحرب الأهلية تدور بين السلطات الشرعية التي يمثلها الرئيس عبد ربه منصور هادي والحوثيين. ولكن، في الوقت الراهن، أصبح الصراع اليمني هو نتاج التدخل العسكري من قوات التحالف العربي. وفي هذا الصراع يتم محاولة حل قضايا لا ترتبط بأي حال من الأحوال باستعادة الدولة اليمنية”.
صراع خفي
وأضافت الصحيفة أن الصراع الخفي بين السعودية والإمارات في جنوب اليمن اندلع منذ سنة. وبدأ المجلس الانتقالي الجنوبي في الاستفادة من الهجمات الإرهابية في عدن لتضخيم موجة جديدة معادية للسعودية وللحكومة. ووفقا للخبير في المجلس الروسي للشؤون الخارجية كيريل سيمينوف، فإن دولة الإمارات تضيف الوقود إلى النار لأنها مهتمة بإنهاء الصراع مع الحوثيين.
ووفقا لما أكده الخبير فإن “الإمارات تحاول الحد من تأثير الإسلام السياسي في عدن، في حين تعتمد السعودية عليه في جنوب اليمن، على الرغم من أن الرياض تعتبر في مواجهة مع المقربين من الإسلام السياسي (الإخوان المسلمين، قطر).
وفي الوقت نفسه، شدد الخبير على أن الإمارات لا تزال الحليف الاستراتيجي الأهم للسعودية، لذلك ليس من المستغرب أن تكون ردود فعل الرياض تجاه أبو ظبي شديدة الدقة، كما تتجنب الرياض تصعيد الأمور في اليمن مع أبو ظبي، ما من شأنه أن يقود إلى نزاع مفتوح في البلاد.
وأوردت الصحيفة أن وزير الشؤون الخارجية الإماراتي أنور قرقاش دعا جميع الأطراف للهدنة. وغرد على تويتر قائلا إن “التصعيد لا يمكن أن يكون حلا مقبولا”. وقد كانت ردود فعل بقية أطراف التحالف العربي مماثلة لوجهة النظر الإماراتية. كما دعت الرياض جميع الأطراف إلى التعاون مع حكومة هادي من أجل تجاوز الفترة الحرجة.
وفي الختام، أكدت الصحيفة أن الممثلين الدبلوماسيين للأعضاء الخمسة الدائمين في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في اليمن أعربوا عن قلقهم إزاء الوضعية في اليمن. وفي حوالي الساعة الحادية العشرة ليلا أصدر الممثلون الخمسة بيانا يدعون فيه عدن إلى ضبط النفس. وتجدر الإشارة إلى أن السبب الرئيسي للتصعيد هو أنه مازال من غير الممكن حل الأزمة في اليمن. ويؤكد السفير الروسي على أنه حان الوقت للجلوس على طاولة المفاوضات تحت رعاية الأمم المتحدة والاتفاق على تسوية شاملة.