تمثّل صناعة البطاريات في أوروبا إحدى أبرز أولويات القارة العجوز لتحقيق هدف الحياد الكربوني بحلول منتصف القرن الحالي في 2050، وخفض الانبعاثات بنسبة 55% بحلول عام 2030.
وأشعل قرار إستراتيجي اتخذته رائدة تصنيع البطاريات السويدية نورثفولت (Northvolt) بتقليص حجم عملياتها والوظائف، الكثير من التخوفات بشأن إمكان توقّف المشروع، وسط خطط لتقليص اعتماد شركات السيارات الأوروبية على المنتجات الصينية.
ويسود الغموض حول تأثير القرار في مستهدفات الشركة، ومشروعاتها التصنيعية مع الشركات الأخرى، فضلًا عن خططها للاكتتاب العام الأوّلي (أي بي أو IPO) لبعض أسهمها في بورصة ستوكهولم، والمتوقع تأجيلها إلى العام المقبل 2025 أو عام 2026.
وقال الرئيس التنفيذي للشركة بيتر كارلسون، إن شركته ستوقف إنتاج مادة الكاثود الفعالة (CAM) التي تعدّ إحدى المكونات الرئيسة لصناعة البطاريات.
وتفاقمت الأزمة الأخيرة للشركة السويدية مع إلغاء عملاق السيارات الألمانية بي إم دبليو (BMW)، خلال شهر يونيو/حزيران الماضي، صفقة شراء بطاريات منها بقيمة تقارب مليارَي دولار أميركي.
قال الرئيس التنفيذي لشركة نورثفولت لتصنيع البطاريات في أوروبا -التي تأسست خلال عام 2016-، إن الشركة ستلغي خططها للمرفق التصنيعي التابع لها في السويد، في حين ستبحث عن مستثمرين لتطوير مصنعها في بولندا، وفق تفاصيل أوردتها رويترز.
وأشار المؤسس المشارك في شركة إس سي إنسايتس (SC Insights) لسلاسل الإمداد، آندي ليلاند، إلى أن نورثفولت كانت من أبرز العلامات التجارية في صناعة البطاريات الأوروبية.
وأضاف أن اتجاه نورثفولت لتقليص إنتاج البطاريات في أوروبا سيؤدي لاعتماد القارة العجوز صناعيًا على بلدان قارة آسيا في المستقبل لإمدادها بالمنتجات.
وأوضح المحلل في شركة بينش مارك مينيرال إنتيليغنس (Benchmark Mineral Intelligence)، إيفان هارتلي، أن إلغاء إنتاج مادة الكاثود بشركة نورثفولت يمثّل تحديًا، وسيؤثّر في منظومة الإنتاج المحلي بأوروبا خلال الآونة المقبلة.
وواجهت شركة نورثفولت مشكلات في تصنيع البطاريات في أوروبا بجودة مرتفعة وكميات كبيرة لتلبية هدفها، لاسيما في ظل المنافسة القوية من شركات صينية مثل: كاتل (CATL) وبي واي دي (BYD).
وتستأثر الصين بحصّة تقارب 85% من إنتاج خلايا البطاريات العالمية، وفقًا لبيانات صادرة عن وكالة الطاقة الدولية.
تخطط شركة نورثفولت لتكون رائدة صناعة البطاريات في أوروبا، وستلجأ في الوقت الحالي لشراء مواد الكاثود من مورّدين صينيين أو من كوريا الجنوبية.
في هذه الأثناء، ما تزال الشركة تتكبّد خسائر رغم تأمينها صفقات تقارب 50 مليار دولار، مع عدّة شركات، أبرزها فولكسفاغن الألمانية لتصنيع السيارات.
وتسعى الشركة السويدية لتأمين مبالغ مالية كافية لتمويل التكاليف الإضافية التي تكبّدتها مؤخرًا، لا سيما عقب خسائرها جراء إلغاء صفقتها مع شركة بي إم دبليو.
واتجهت نورثفولت في وقت سابق لجمع تمويلات بلغت 15 مليار دولار من عدد من الشركات الأخرى، منها: غولدمان ساكس و”بلاك روك”.
ولم يكن قرار شركة بي إم دبليو وليد اللحظة، بل جاء نتيجة تأخر شركة نورثفولت لتصنيع البطاريات في أوروبا عن تسليم الطلبات المتفق عليها منذ عامين.
ورأت بي إم دبليو أنه حتى لو أنجزت الشركة السويدية تسليم الصفقة، فإن البطاريات ستكون قديمة، وغير صالحة للعمل.
وتسببت مشكلات تأخُّر التسليم التي تواجهها نورثفولت في تعطُّل شحن شركة سكانيا (Scania) السويدية -المملوكة لمجموعة فولكسفاغن- آلاف الشاحنات الكهربائية العام الماضي، بتصريحات للشركة صدرت في مايو/ أيار الماضي.
ويسود الغموض الخطط المستقبلية للمصنع الرئيس التابع لشركة “نورثفولت” السويدية -الواقع في مدينة سكيليفتيا شمال السويد- وسط تساؤلات حول إمكان وصوله إلى طاقته الإنتاجية الكاملة بواقع 60 غيغاواط سنويًا، ما يعدّ كافيًا لإنتاج مليون سيارة كهربائية سنويًا.
قال الرئيس التنفيذي لشركة تصنيع البطاريات في أوروبا، خلال شهر يوليو/تموز الماضي، إن شركته تطمح إلى رفع قدرتها الإجمالية إلى 16 غيغاواط/ساعة بحلول عام 2026، رغم تأخّر تحقيق هذه المستهدفات لمدة 3 سنوات.
ويؤثّر قرار الشركة السويدية لتصنيع البطاريات في أوروبا بخططها لإنشاء 3 مصانع في ألمانيا والسويد وكندا، ومن المقرر أن تحدد خلال الشهرين المقبلين أيًا من هذه المصانع الذي ستؤجّل إنشاءه.
ومن المحتمل أن تتأثر أيضًا خطط مشروع مصنعها المشترك لإنتاج الليثيوم مع شركة غالب إنرجيا البرتغالية (GALP Energia)، وآخر لإعادة تدوير البطاريات مع شركتي: ريفولت إي تي تي السويدية (Revolt Ett)، وهيدروفولت (Hydrovolt) النرويجية.
ومقابل ذلك، قالت شركة فولفو كارز (Volvo Cars)، إن مشروعها المشترك مع “نورثفولت” ما يزال مُدرجًا بإستراتيجيتها التصنيعية.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..