ستظل انبعاثات النفط والغاز تشكّل تحديًا كبيرًا لقطاع الطاقة العالمي، في ظل استمرار ارتفاع الطلب، على الرغم من تسارع جهود تحول الطاقة.
وتشير التقديرات إلى أنه من المتوقع ارتفاع الطلب العالمي على الطاقة، ليتجاوز 650 إكساجول بحلول 2030، مع استمرار مصادر الهيدروكربونات الرئيسة في تلبية احتياجات الطاقة الأولية عالميًا.
ومن المتوقع أن يلبي الوقود الأحفوري أكثر من 75% من إجمالي الطلب على الطاقة بحلول نهاية العقد، ما يعني ارتفاع انبعاثات النفط والغاز كونها نتيجة لذلك.
وينشأ جزء كبير من الانبعاثات الخاصة بمصادر الوقود الأحفوري من أنشطة المنبع السابقة، بما في ذلك استخراج الهيدروكربون وحرق الغاز.
وسترتبط 75% من انبعاثات النفط والغاز بعمليات الاستخراج، في حين أن الـ25% المتبقية من الانبعاثات ستنتج عن حرق الغاز، بحسب تقرير اطّلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة (مقرّها واشنطن).
ومن المتوقع أن تنتج عن ذلك انبعاثات سنوية تبلغ ما يقرب من 1.1 مليار طن مكافئ من ثاني أكسيد الكربون، خلال السنوات القليلة المقبلة، ما يؤكد الحاجة إلى حلول مبتكرة للحد من هذه الانبعاثات، التي من بينها أحواض الطاقة المميزة (PEB).
تتسبّب عمليات استخراج موارد النفط والغاز وحدها في انبعاث أكثر من 800 مليون طن مكافئ من ثاني أكسيد الكربون سنويًا، بحسب تقرير صادر عن شركة أبحاث الطاقة المتخصصة ريستاد إنرجي.
وبينما تسعى شركات التنقيب والإنتاج إلى التحول لشركات طاقة متكاملة، من الضروري أن تعطي الأولوية لخفض انبعاثات النفط والغاز وتقليل أثرها البيئي.
ومع الأهمية الواضحة لمصادر الهيدروكربونات، تبرز حاجة شركات النفط والغاز إلى بناء محافظ مستدامة وتقليل بصمتها الكربونية.
ووسط سعي الحكومات والمستثمرين إلى تقليل انبعاثات النفط والغاز، تبرز أحواض الطاقة المميزة التي يمكن أن تُسهم في خفض البصمة الكربونية لهذا القطاع.
ولدى أحواض الطاقة المميزة، التي تضم احتياطيات هيدروكربونية وفيرة وفرص دمج مصادر الطاقة منخفضة الكربون، إمكانات كبيرة للتخفيف من الانبعاثات.
ومن خلال الجمع بين كميات الهيدروكربون الكبيرة والحلول منخفضة الكربون، توفّر أحواض الطاقة المميزة منصة فريدة لمواجهة تحديات انبعاثات النفط والغاز وتقليل الأثر الكلي الإجمالي لها.
تبرز أحواض وسط الجزيرة العربية والربع الخالي بصفتها أحواضًا متميزة وغنية بالموارد، ما يوفّر إمكانات كبيرة للتوسع في تقنيات استعمال الكربون وتخزينه بها.
من خلال تقييم هذه الأحواض وفقًا لمعايير مختلفة -بما في ذلك الموارد الهيدروكربونية المتبقية، وتكاليف التطوير، والانبعاثات، والتوافق مع تخزين الكربون- فقد برزت تلك الأحواض بصفتها رائدة في قطاع النفط العالمي، بحسب تقرير ريستاد إنرجي.
ولا تمثّل هذه الأحواض عنصرًا أساسيًا في الكميات التقليدية المكتشفة عالميًا فحسب، وإنما أيضًا توجد في مراكز الصدارة في الشرق الأوسط بصفتها المنطقة الأبرز في الأحواض ذات الموارد الوفيرة من الطاقة المتجددة.
إذ تقع هذه الأحواض في مناطق لديها قدرة شمسية مركبة تزيد على 6.2 غيغاواط، ما يجعلها مركزًا لتطوير الطاقة المتجددة في المنطقة، بحسب التقرير.
منذ عام 2015، حدثت اكتشافات كبيرة من النفط والغاز في أحواض وسط الجزيرة العربية والربع الخالي، إذ وصل إجمالي ما اُكتشف بها قرابة 40 مليار برميل نفط مكافئ مقسمة بالتساوي بين السوائل النفطية والغاز.
كما برزت منطقة دلتا النيل في مصر ضمن الاكتشافات المميزة بالمنطقة منذ عام 2015، بفضل اكتشاف شركة إيني الإيطالية لحقل “ظهر” في البحر المتوسط، ووصل حجم الموارد المكتشفة به خلال هذه المدة إلى 5 مليارات برميل نفط مكافئ، ليحتل المرتبة الثالثة بين أكبر الاكتشافات في العالم.
ويأتي حوض المياه العميقة في الخليج الأميركي في المرتبة الثانية بـ3.7 مليار برميل نفط مكافئ، يليه مباشرة حوض أمو-داريا في آسيا الوسطى بنحو 3.6 مليار برميل نفط مكافئ، بحسب بيانات تفصيلية رصدتها وحدة أبحاث الطاقة من تقرير ريستاد إنرجي.
وشهدت أحواض الربع الخالي والخليج الأميركي في المياه العميقة ووسط الجزيرة العربية أكبر تدفق للاستثمارات الجديدة منذ عام 2000، إذ بلغ إجمالي الإنفاق الرأسمالي عليها قرابة 638 مليار دولار.
وقد أسفرت الاكتشافات الضخمة في أحواض الشرق الأوسط عن خفض تكاليف التطوير إلى أقل من دولارين لبرميل النفط المكافئ، ما جعلها أكثر منطقة ذات جدوى اقتصادية مقارنة بالولايات المتحدة وأوروبا.
إذ بلغت تكلفة التطوير في المياه العميقة لخليج المكسيك الأميركي قرابة 9 دولارات للبرميل المكافئ، في حين بلغت في حوض فاكينغ غرابن شمال غرب أوروبا قرابة 11 دولارًا للبرميل.
تتزايد إمكانات تخزين الكربون في عديد من أحواض الاستخلاص المعزز للنفط المحتملة، لا سيما تلك التي تحتوي على حقول النفط والغاز الناضجة أو المهجورة.
وتكتسب هذه الأحواض أهمية متزايدة في مجال التقاط الكربون وتخزينه واستعماله بسبب خصائصها الجيولوجية الفريدة.
تجدر الإشارة إلى أن أحواض المياه الجوفية المالحة عميقة الجذور تبرز كونها حلول تخزين واعدة، إذ يبرز حوض المياه العميقة في الخليج الأميركي بصفته رائدًا من حيث إمكانات تخزين الكربون.
ويضم هذا الحوض 750 غيغاطن من سعة طبقات المياه الجوفية المالحة، ما يجعله موقعًا رئيسًا لجهود عزل الكربون، بحسب التقرير.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..