تطور عالمي مذهل في صناعة الطاقة الشمسية المركزة بمشاركة 4 دول عربية.. وهذا ما تنتجه الطاقة الشمسية من كهرباء.. تفاصيل مذهلة

وضح تقرير لمركز الملك عبد الله للدراسات والبحوث البترولية (كابسارك) أن نظام الطاقة المتجددة الهجين يشمل الطاقة الشمسية الكهروضوئية والطاقة الشمسية المركزة وطاقة الرياح وبطاريات لتخزين الكهرباء، وكذلك الكتلة الحيوية والطاقة الكهرومائية.

والطاقة الهجينة هي عبارة عن دمج أكثر من مصدر في مجمع أو مشروع واحد، بهدف العمل على تحقيق التوازن في الشبكة عند حدوث أيّ أزمة غير متوقعة.ويرى كابسارك أن مشروعات الطاقة الشمسية المركزة والمتجددة الهجينة بحاجة إلى سوق كهرباء مرنة، حتى تتمكن من تلبية الخدمات المختلفة، وفق ما نقلته وحدة أبحاث الطاقة.

وتوصّل التقرير إلى أن الأمل بالنسبة لصناعة الطاقة الشمسية المركزة هو أن يسهم النموذج الهجين الجديد من الطاقة المتجددة، التي تحتوي على أكثر من مصدر، في المساعدة على تسريع تطويرها وتقليل التكاليف.

وأوضح كابسارك أن مشروعات الطاقة الشمسية المركزة قد تسهم في تقليل تكلفة الطاقة المتجددة إلى ما يقرب من 0.05 دولار لكل كيلوواط/ساعة بحلول عام 2026، ما يجعلها أكثر تنافسًا مع موارد التوليد الأخرى.

ما هي الطاقة الشمسية المركزة؟

تُعرف الطاقة الشمسية المركزة بأنها نوع من المصادر المتجددة تعتمد على استعمال مرآة لتركيز بقعة كبيرة من ضوء الشمس على مساحة صغيرة تتمثل في جهاز استقبال، وتحويلها إلى حرارة تُشغل توربينات بخارية، تولّد بدورها الكهرباء.

وتتضمن الطاقة الشمسية المركزة تقنيات تعمل على تخزين الكهرباء، وهو الأمر الذي يجعلها مصدرًا مرنًا وقابلًا للاقتران مع تكنولوجيا أخرى للطاقة المتجددة في نظام هجين.

ويهدف النظام الهجين من الطاقة المتجددة إلى تحقيق التكامل والتغلب على التحديات المرتبطة بتقطع إنتاجها أو تقلّبها على حسب الظروف الجوية، كما يمكن أن تتكامل -كذلك- مع التوربينات الغازية المستعملة في توليد الكهرباء.

ويؤكد تقرير كابسارك أن نظام الطاقة المتجددة الهجين يساعد على تغطية الطلب على الكهرباء في وقت الذروة، وكذلك توفير الحمل الأساسي، أو ما يُعرف بالحدّ الأدنى المطلوب لتوليد الكهرباء في ساعات الليل.ويشير إلى أن هناك اتجاهًا عالميًا متزايدًا نحو نشر الطاقة الشمسية المركزة، بالاشتراك مع النوع الكهروضوئي منها، كونه مشروع طاقة متجددًا هجينًا.

والطاقة الشمسية الكهروضوئية هي عبارة عن عملية تحويل جزئيات الضوء إلى كهرباء، من خلال استعمال ألواح تحجز أشعة الشمس، ومن ثم تنبعث الإلكترونات، وتُحفظ على هيئة تيار كهربائي.

الطاقة الهجينة والمركزة بالدول العربية
تحتضن المنطقة العربية أكثر من مشروع للطاقة المتجددة الهجينة، فعلى صعيد دول مجلس التعاون الخليجي، اتجهت بعض البلدان للنشر و التخطيط للاعتماد على الطاقة الشمسية المركّزة بوصفها نظمًا قائمة بذاتها، أو جزءًا من المشروعات الهجينة.

وجاء في مقدمتها مشروع محطة نور للطاقة 1 في مجمع محمد بن راشد آل مكتوم للطاقة الشمسية، الذي يمثّل المرحلة الرابعة للمجمع الواقع في إمارة دبي.ويتضمن المشروع قدرات تصل إلى 700 ميغاواط من الطاقة الشمسية المركزة، و250 ميغاواط باستعمال تقنية الألواح الشمسية الكهروضوئية.

وفي عام 2019، أعلنت الكويت خططها لتركيب 50 ميغاواط بنظام الطاقة الشمسية المركزة، كونه جزءًا من مجمع الشقايا للطاقة المتجددة.

بينما بَنت السعودية نظامين للطاقة الشمسية المركزة بجزء من دورة مركبة متكاملة، وهما محطة ضبا الخضراء في الشمال الغربي للبلاد -محطة كهرباء ذات دورة مركبة بمساهمة من الطاقة الشمسية تبلغ 43 ميغاواط-، ومحطة وعد الشمال للطاقة الشمسية، التي بدأت العمل في عام 2018.

ومن بين مشروعات الطاقة المتجددة في المنطقة -أيضًا-، جاءت محطة نور في المغرب، التي تعتمد على تجميع الطاقة الشمسية المركزة والطاقة الكهروضوئية في موقع واحد، وتُطورها شركة أكوا باور السعودية.

ماذا عن الطاقة الشمسية المركزة عالميًا؟
يوضح تقرير كابسارك أن هناك 114 مشروعًا تشغيليًا للطاقة الشمسية المركزة على مستوى العالم، بقدرة إجمالية تصل إلى 6.3 غيغاواط فقط.ويختلف نشر الطاقة الشمسية المركزة عالميًا حسب الحوافز السياسية المقدّمة لها، فمن شأن توقُّف أيّ دعم حكومي أن يمثّل عائقًا أمام انتشار هذا النوع من الطاقة المتجددة.

ووفقًا للتقرير، أسهمت الحوافز في نشر كبير لنحو 85 مشروعًا من الطاقة الشمسية المركزة في إسبانيا خلال المدة من 2007 حتى 2013، بقدرات تصل إلى 2.3 غيغاواط، وفور أن ألغت الحكومة تلك الحوافز توقَّف تنفيذ مثل هذه المشروعات.وفي المدة الزمنية من 2010 حتى 2022، اتجهت دول مثل الولايات المتحدة والصين والمغرب وجنوب أفريقيا إلى نشر بعض مشروعات الطاقة الشمسية المركزة، وخاصة تلك التي تعتمد على أنظمة القطع المكافئ لتسريع خفض التكلفة المستوية للكهرباء.

الصين تهيمن في مجال الطاقة الشمسية

ساعد التطور السريع للطاقة المتجددة بالصين على نشر العديد من تقنيات الطاقة الهجينة، التي تتشكل من الطاقة الشمسية المركزة والكهروضوئية.ومنذ عام 2018 وحتى 2023، استحوذت الصين على معظم التركيبات الجديدة المتوقعة لمشروعات الطاقة الشمسية المركزة عالميًا.

وتوضّح بيانات كابسارك أن السعة التراكمية المركبة للطاقة الشمسية المركزة في الصين وصلت بنهاية عام 2021 إلى نحو 538 ميغاواط، أي ما يعادل 11% من القدرة التشغيلية عالميًا.

ومن المتوقع نجاح الصين في تركيب 15 مشروعًا للطاقة المتجددة الهجينة، وتوصيلها بالشبكة بقدرة إجمالية تصل إلى 1.5 غيغاواط خلال العام الجاري (2023).

وفي كل مشروع، هناك 100 ميغاواط من خلال نظام الطاقة الشمسية المركزة مرتبط مع الطاقة الكهروضوئية أو طاقة الرياح.وبحلول عام 2024، من المقرر -أيضًا- تشغيل 1.5 غيغاواط أخرى، ما يعني أن الصين في طريقها لتركيب 3 غيغاواط خلال عامين، ما يعادل نصف القدرة التشغيلية الحالية عالميًا.

محاولات ابتكارية وتحديات
وفقًا للتقرير، يمكن تشغيل الطاقة الشمسية المركزة بصورة مستمرة دون انقطاع، ما يبرز دورها المهم في تحقيق توازن الشبكة الكهربائية.واستطاعت إسبانيا تشغيل 18 محطة للطاقة الشمسية المركزة دون انقطاع لأكثر من 3 أسابيع، وفق ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.

ورغم ما تحقّقه الطاقة الشمسية المركزة من إمكانات مرتفعة وتوقعات متفائلة لها، ما تزال سعتها على أرض الواقع منخفضة مقارنة بالطاقة الشمسية الكهروضوئية وطاقة الرياح.

ومن المتوقع أن يوفر نجاح مشروعات الطاقة المتجددة الهجينة ميزة كبيرة وآفاق تمويل أفضل من مشروعات الطاقة الشمسية أو الرياح المستقلة بذاتها، بسبب تعرّضها لتقلبات في الإنتاج حسب الأحوال الجوية.

وتعدّ الطاقة الشمسية المركزة ذات إمكانات مرتفعة بصورة ملحوظ في المناطق التي يكون فيها الإشعاع الشمسي المباشر مرتفعًا، ولكن أغلب المناطق التي تتميز بتلك الخصائص ذات كثافة سكانية منخفضة.ويشير كابسارك إلى أن هناك محاولات لاستكشاف وسائط تخزين بديلة لأجهزة الاستقبال عالية الحرارة، بِسعات تصل إلى 1000 درجة مئوية، فالزيت الحراري والملح المصهور -المستعملان لنقل الحرارة حاليًا- أعلى درجة حرارة لهما 400 و 565 درجة مئوية على الترتيب.

وكلما ارتفعت درجة الحرارة تتيح سعة تخزين حراري أكبر، ومن ثم زيادة الإنتاج خلال أوقات الإشعاع الشمسي أو ساعات الليل.وفي الوقت الراهن، يؤكد كابسارك أنه لا توجد آلية دعم نشطة متاحة لمطوّري مشروعات الطاقة الشمسية المركزة في جميع أنحاد العالم، وهو الأمر الذي يخلق تحديًا لتنمية السوق ومواصلة الابتكارات.

وعلى الرغم من أن المشروعات الكبيرة للطاقة الشمسية المركزة المعلنة مؤخرًا كانت في الصين، فإن البلاد أنهت الدعم المقدّم لها منذ عام 2021.

ويرى التقرير أن التخفيضات في كلفة التكنولوجيا قد لا تكون كافية وحدها لدفع الصناعة إلى الأمام، ما يؤكد أهمية وجود حوافز حكومية لها.