الميدان اليمني – متابعات
بدأت الإمارات الشريك الرئيسي للسعودية في تحالف اليمن – تقليص وجودها العسكري هناك؛ بسبب التهديدات الأمنية الناتجة عن تزايد التوتر بين الولايات المتحدة وإيران، حسبما نقلت وكالة رويترز عن أربعة مصادر دبلوماسية غربية.
ويأتي هذا الإجراء، وسط ارتباك وتخبط في أبوظبي إزاء المواجهة المحتملة مع إيران، وتصاعد الرفض الشعبي والرسمي لوجودها العسكري في اليمن.
وذكر اثنان من الدبلوماسيين أن الإمارات سحبت بعض القوات من ميناء عدن الجنوبي ومن الساحل الغربي لليمن، وهي مناطق شكلت فيها وسلحت قوات محلية تقود القتال ضد جماعة الحوثي على ساحل البحر الأحمر.
ولا يعرف على وجه التحديد كم عدد القوات الإماراتية في اليمن، لكن أحد المصادر الدبلوماسية أكد أن الإمارات سحبت كثيرا من قواتها باليمن خلال الأسابيع الثلاثة الأخيرة. وذكر الدبلوماسيون الغربيون أن الإمارات تفضل أن تكون قواتها ومعداتها قيد تصرفها تحسبا لتصاعد التوتر في الخليج، بعد الهجمات الأخيرة على ناقلات نفط.
وفي السياق ذاته، نقلت وكالة رويترز عن مسؤول إماراتي تأكيده أن هناك “تحركات للقوات الإماراتية في اليمن، لكن ذلك لا يعني انسحابا من هناك”.
وأضاف المسؤول الإماراتي -الذي لم تكشف الوكالة عن هويته- أن بلاده ما تزال ملتزمة بالتحالف العسكري في اليمن، وانها لن تترك فراغا هناك.
وشهدت الآونة الأخيرة تزايدا في الدعوات والمطالب المنددة بالممارسات التي تنتهجها دولة الإمارات في مدن جنوب اليمن، وآخرها التصعيد العسكري المسلح لأذرعها من المليشيا في محافظتي شبوة وسقطرى ضد السلطات المحلية في المدينتين.
وتوسعت دائرة التنديد لتشمل مسؤولين في الحكومة اليمنية، وأعضاء في مجلس النواب، جميعهم أجمعوا للمرة الأولى على إدانة التصعيد الإماراتي المسلح، وذلك بعد سنوات من تواجد الإمارات في اليمن، وسيطرتها على الوضع العام في عدة محافظات يمنية.
وظهرت خلال الأيام الماضية تصريحات شديدة اللهجة تنتقد الدور الإماراتي في اليمن، وكان أبرزها تصريح محافظ المحويت صالح سميع، ثم تصريح وزير الدولة أمين العاصمة عبد الغني جميل، ولاحقا المقال الذي كتبه رئيس الوزراء السابق أحمد عبيد بن دغر، وانتقد فيه سياسة التحالف العربي في اليمن بشكل عام.
وهاجم رئيس الوزراء اليمني السابق “أحمد عبيد بن دغر”، سياسات التقسيم التي تمارسها بعض الدول، محذرا من أن هناك مؤامرة تعصف باليمن وأن ذلك يغضب غالبية اليمنيين.
ودعا “بن دغر” إلى التحرك ضد الممارسات الإماراتية، إنه “لا ينبغي لهذا الشعب بكل مكوناته وأبنائه المخلصين الصمت وترك الأمور للغير ليقرروا مصير البلاد”.
وحذر من أن الدماء التي تسال والأرواح التي تزهق في سقطرى وشبوة وعدن، غداً ستسفك في أبين ولحج وحضرموت والمهرة، لتمتد لباقي محافظات الوطن”.
ويبدو أن الإمارات رضيت بالأمر الواقع، واقتنعت بأن جهودها وصولاتها وجولاتها لحشد تأييد أمريكي وإقليمي يتبنى سيناريو الضربة العسكرية لايران لم تؤت ثمارها، بعد أن أدارت واشنطن ظهرها لرغبات أبوظبي، وأحجم رئيسها دونالد ترامب عن شن حرب عسكرية بالدقائق الأخيرة مكتفيا بتشديد العقوبات على طهران.
وسرعان ما بدأت ملامح الخيبة الاماراتية تتكشف، فانقلبت مواقفها من التهديد والوعيد الذي أطلقته في كل حدب وصوب، وتغيرت المواقف من تحميل طهران مسؤولية الهجمات على ناقلات نفط يوم 13 يونيو/حزيران الجاري بخليج عمان، إلى مسلسل من التراجع والتقهقر إلى الوراء بعد أن استفاقت على واقع أنه لا حرب أمريكية بالوكالة عنها ستشن في المنطقة.
وكان آخر مسلسل التراجعات هو الموقف الذي عبر عنه وزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد آل نهيان، أمس، حيث قال في تصريحات أن الإمارات لا يمكن أن تُحمَل أي دولة مسؤولية الهجمات الأخيرة على ناقلات النفط لعدم كفاية المعلومات.
وأضاف بن زايد في مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره الروسي سيرغي لافروف، في العاصمة الروسية موسكو أن “هناك مناقشات أولية لتشكيل تحالف دولى بشأن الأمن البحري في الخليج”.
وقال الوزير الإماراتي “نحن في منطقة مضطربة ومهمة للعالم، ولا نريد مزيدا من الاضطرابات ولا نريد مزيدا من القلق، نريد مزيدا من الاستقرار”.
وكان حساب قناة “العربية” على موقع “تويتر” نقل يوم 15 يونيو الجاري تغريدة على لسان الوزير الإماراتي، قال فيها أن بصمات إيران واضحة على الهجمات التي استهدفت ناقلات نفط يوم 12 مايو الماضي.
واختفت التغريدة بعد ذلك من على موقع “تويتر”. ولم يصدر عن قناة “العربية” أي تعقيب عن السبب.
ونقل بيان نشرته وكالة أنباء الإمارات (وام) لاحقاً عن الوزير قوله: أن “هذه عملية منضبطة تقوم بها دولة.. ولكن الى الآن لم نقرر أن هناك أدلة كافية تشير الى دولة بالذات”.
وقد أثارت تصريحات بن زايد غضب المغردين السعوديين.
واستهدفت هجمات غامضة خلال الأسابيع الماضية عدداً من ناقلات النفط في خليج عُمان، وقبله في ميناء الفجيرة الإماراتي، ولم تسفر عن إصابات، لكنها أججت التوتر بين الولايات المتحدة وإيران خلال أسابيع تبادلت فيها الدولتان الحرب الكلامية.
يُشار إلى أن الإمارات كانت قد قدمت إلى الأمم المتحدة نتائج التحقيق بشأن تفجيرات استهدفت أربع سفن قبالة سواحلها في مايو الماضي، من بينها ناقلتا نفط سعوديتان.
وخلص التقرير إلى أن دولة ما تقف وراء العملية لكنها لم تذكرها بالاسم. في المقابل، حملت الولايات المتحدة صراحة مسؤولية الهجوم الأخير بخليج عُمان لإيران، وأكد وزير خارجيتها أن تقييماً استند إلى معلومات استخباراتية مكنها من تأكيد أن طهران هي المسؤولة عن الهجوم.
وفيما يخص اليمن، تابع الوزير الإماراتي بالقول: أن “أبوظبي تدعم جهود المبعوث الدولي لليمن”، متعهداً بالعمل مع الأمم المتحدة للوصول إلى حل سياسي للأزمة.