الميدان اليمني – وكالات
عادت قضية الصحفي جمال خاشقجي للواجهة مرة أخرى، بعد رفع السرية عن تقرير الاستخبارات الوطنية الأمريكية الخاص بالواقعة.
القضية التي وقعت في العام 2018 وظلت حديث وسائل الإعلام العالمية عادت للواجهة من جديد، حيث تحمل معها إشارات لمرحلة متوترة من العلاقات بين إدارة الرئيس الأمريكي الجديد جو بايدن، وولي العهد السعودي محمد بن سلمان.
التوترات الحاصلة تطرح الكثير من الإشارات بشأن التوجه السعودي خلال السنوات المقبلة، خاصة فيما يتعلق بتوازن العلاقات الخارجية، وعدم الاعتماد الكلي على الجانب الأمريكي كما كان الوضع في السابق.
في السابق كانت المملكة تعتمد بشكل شبه كلي في علاقاتها الاقتصادية، والعسكرية على الجانب الأمريكي، إلا أن بعض التوترات التي وقعت السنوات الأخيرة خاصة بعد 2011، دفعت المملكة نحو إعادة التفكير في استراتيجيتها الخارجية.
توازن جديد في العلاقات
الخبراء يرون أنه المملكة عازمة على توازن علاقاتها الخارجية، وأن المؤشرات تشير إلى ذلك على العديد من المستويات، خاصة فيما يتعلق بتوجه المملكة نحو تعزيز العلاقة مع روسيا والصين.
وبحسب الخبراء فإن الفترة المقبلة قد تشهد المزيد من تعزيز العلاقات بين السعودية من جهة وروسيا والصين من جهة، إضافة إلى تعزيز الاعتماد المحلي السعودي ضمن رؤية 2030.
إشارة أخرى جاءت في تغريدة نائب رئيس شرطة دبي ضاحي خلفان، حيث وجه رسالة إلى قادة الخليج بقوله: “المفروض على قادة الخليج العربي أن يوثقوا علاقات متينة للغاية مع روسيا.. وأضع… للغاية تحتها خطوطا حمراء”.
من ناحيته، قال الدكتور هشام الغنام المتخصص في السياسة والعلاقات الدولية وكبير الباحثين بمركز الخليج للأبحاث، إن الحرب الباردة انتهت على الأقل بالنسبة للسعوديين.
وأضاف في حديثه لـ”سبوتنيك”: “يفهم السعوديون أن روسيا لاعب مهم في المنطقة، ومستعدون للتعاون مع روسيا على جبهات مختلفة”.
التعاون بين المملكة وروسيا
وتابع: “التعاون السعودي والروسي لتهدئة أسواق النفط خير مثال على ذلك، كما أن لكل من روسيا والمملكة مصلحة في أمن البحر الأحمر، لذلك أتوقع زيادة التعاون العسكري والأمني بين المملكة وروسيا”.
من زاوية أخرى يشير الغنام إلى أن مكافحة التطرف الديني، هو مجال آخر للتعاون، حيث أن القوة الدينية للمملكة ورمزيتها مهمة للغاية في التأثير الإيجابي على المجتمعات الإسلامية في جميع أنحاء العالم، وفي روسيا على وجه التحديد.
ويرى أن المنافسة الكبيرة حول نفوذ أكبر في آسيا الوسطى، يمكن للقوة الناعمة للمملكة أن تساعد فيه من خلال التعاون.
سياسات استباقية
ويرى أن السياسات السعودية الحالية، أكثر ديناميكية واستباقية من الماضي، وأنها تتجه نحو علاقة أفضل ليس بين الحكومتين فحسب، بل ستمتد حتى إلى المجتمعين السعودي والروسي.
يشير الغنام إلى أنه رغم خلافات الماضي فإن البراغماتية ستسود، وأن العلاقة السعودية الروسية سوف تتحسن بسرعة، على الرغم من كل تباينات الماضي.
وأكد على أن العمل الجاد لتأطير علاقة المملكة بروسيا مستمر لتصبح أوسع مما هي عليه الآن، بحيث لا تقتصر على الحوافز الاقتصادية.
في الإطار ذاته، قال فيصل الصانع الكاتب والمحلل السعودي، إن الشراكة السعودية مع الجانب الأمريكي قوية، وإن التوترات الحالية لن تؤثر على العلاقات الاقتصادية والعسكرية، بحسب رأيه.
وفيما يتعلق بتنويع مصادر الأسلحة أوضح الصانع في حديثه لـ”سبوتنيك”، أن: “المملكة اتخذت الخطوة من فترة كبيرة، وأنه في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز تطورت الخطوة بشكل ملحوظ مع روسيا والصين وبعض الدول الأوروبية”.
توطين صناعة الأسلحة
توطين صناعة الأسلحة في المملكة بنسبة 50 بالمئة تعد ضمن بنود رؤية 2030، وهو ما يشير إليه الصانع بأن المملكة تؤكد بذلك عدم اعتمادها على الباب الواحد.
ويرى أنه لا يمكن إيقاف بيع الأسلحة الأمريكية للسعودية بشكل نهائي، وأنه قد يتأثر نسبيا، إلا الجوانب الاقتصادية تعد العامل الحاكم في المشهد.
واستشهد الصانع بموقف السعودية خلال ما عرف بـ”الربيع العربي”، حيث تدخلت المملكة بشكل مباشر ضد توجهات الولايات المتحدة الأمريكية، ولم تتأثر العلاقات بالشكل الكبير فيما بعد.
ورقة الأسلحة
بدوره، قال سعد بن عمر مدير مركز دراسات القرن السعودي، في حديث سابق، إن: المملكة العربية السعودية لديها من الخيارات ما يمكنها من إلغاء ورقة بيع الأسلحة التي قد تلوح بها إدارة الرئيس جو بايدن.
وأضاف في حديثه لـ”سبوتنيك”، أن: السعودية لديها المصانع الخاصة وبعض الأصدقاء فيما يتعلق بالذخائر ومنهم مصر.
وشدد على أن المملكة لديها العديد من الخطوط المفتوحة مع الدول الأخرى، وأنه لا يوجد أي قلق في الداخل السعودي بشأن أي خطوات أمريكية تجاه المملكة.
وشهدت العلاقات السعودية الروسية تقاربا كبيرا خلال السنوات الأخيرة توج ذلك باتفاق البلدين على هامش اجتماع قمة العشرين في سبتمبر 2016 الذي عقد في الصين، على العمل معا لتحقيق وضمان استقرار أسواق النفط.
وأكد الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد السعودي، خلال لقائه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين حينها، أن “التعاون بين المملكة وروسيا بخصوص النفط من شأنه أن يعود بفوائد على أسواق النفط”.
وكانت الاستخبارات الأمريكية أعلنت في تقرير، نشر الجمعة، أن مكتب مدير المخابرات الوطنية يرجح أن يكون ولي عهد السعودية الأمير محمد بن سلمان وافق شخصيا على اغتيال الصحفي جمال خاشقجي عام 2018.