الميدان اليمني – وكالات
أعاد محلل سياسي روسي، طرح مسألة تغيير حدود الدول العربية، والتي نشرها المقدم المتقاعد من المخابرات العسكرية الأمريكية رالف بيترز عام 2006 بعنوان “الحدود الدموية”، في مجلة القوات المسلحة الأمريكية.
وقال المحلل الروسي ألكسندر نازاروف في مقال له، إن “عملية مراجعة حدود الدول العربية بدأت فعليا، إلا أن السؤال الوحيد المتبقي هو: أي هذه الدول ومتى؟”، لافتا إلى أن المسؤول العسكري الأمريكي طرح في مقاله أن السلام الشامل “لن يسود الشرق الأوسط أبدا، إذا لم تتغير حدوده الحالية”.
وأشار نازاروف إلى أن “بيترز كشف ضياع الولايات المتحدة لفرصة مساعدة الأكراد في القضاء على الظلم، وإنشاء دولتهم المستقلة خلال الغزو الأمريكي للعراق، والذي اقترح تقسيمه إلى ثلاثة أجزاء”، مضيفا أنه “كان ينبغي في رأيه، انضمام أكراد سوريا وإيران إلى تلك الدولة الكردية المستقلة”.
وتابع: “كان من المزمع أن تكون هذه الدولة من أكثر الدول ولاء للولايات المتحدة، في الفضاء بين بلغاريا واليابان”، منوها إلى أنه “كان من الممكن أن يتحد السنة العراقيون مع السوريين، والشيعة العراقيون مع الشيعة العرب الإيرانيين على أراضي المملكة العربية السعودية، والتي سيتعين عليها التفكك لدويلات، والتنازل عن بعض أراضيها للأردن واليمن”.
ورأى الكاتب الروسي أن بيترز كان يدرك أن محاولة تغيير الواقع ليتماشى مع خريطته، كان سيؤدي إلى شرق أوسط مهجور من مواطنيه، متسائلا: “هل هذا رأي خاص أم عرض لخطط المؤسسة الأمريكية فيما يخص الشرق الأوسط؟”.
وتطرق نازاروف إلى مبادرة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما بشأن “الشرق الأوسط الكبير”، وما تلاها من ثورات واحتجاجات وحروب أهلية في المنطقة العربية، متسائلا: “هل دعم الأكراد السوريين ومبادرة ترامب لتوسيع حدود إسرائيل جزء من هذه الخطة؟”.
وتابع: “بطريقة أو بأخرى، فقد بدأت فعليا، في عهد الرئيس ترامب، عملية مراجعة الحدود العربية رسميا، ولن يكون من الممكن إيقافها. ومع ذلك، تجدر الإشارة إلى أن تأكيدات بيترز حول أن كثيرا من حدود الشرق الأوسط بالفعل مصطنعة، وتخلق إمكانية كبيرة للصراع، لا تخلو هي الأخرى من الوجاهة والمنطق”.
وأضاف أن “الطبيعة المتعددة القوميات للدولة لا تؤدي في حد ذاتها إلى فشل الدولة، ولا ينبغي بالضرورة أن تصل إلى صراعات، خاصة إذا ما كانت الدولة مزدهرة اقتصاديا والجميع سعداء”.
واستدرك: “إلا أن وقوع كارثة اقتصادية، أو ضعف واختفاء الحكومة المركزية، كما كان الحال، على سبيل المثال، في انهيار الإمبراطورية الروسية عام 1917، أو في تفكك الاتحاد السوفيتي عام 1991، يدفع المجموعات العرقية والطائفية تلقائيا إلى تكوين نوع من الكيانات الإدارية والاقتصادية، التي تحمل إمكانية للتشكل تدريجيا على هيئة دول مستقلة”.
وأردف: “أو يتم استيعابها من قبل جيران أقوى، تمكنوا أولا من الخروج من حالة الفوضى. مرة أخرى، اسمحوا لي أن أذكركم بمثال الاتحاد السوفيتي، حينما تمكن الشيوعيون، بعد الحرب الأهلية أعوام 1918-1922 من استعادة معظم الأجزاء المبعثرة التي كانت الإمبراطورية الروسية قد فقدتها، إلى الاتحاد السوفيتي”.
وبحسب تقدير المحلل الروسي، فإن “العالم اليوم يقف على شفا أكبر أزمة اقتصادية في التاريخ، بينما قد يؤدي انهيار الهرم الائتماني العالمي، والدولار كعملة عالمية، إلى إغراق الاقتصاد العالمي في حالة من الفوضى، وإلى وقف التجارة وقطع السلاسل التكنولوجية حول العالم، ما سيدفع نحو انخفاض حاد في مستويات المعيشة واندلاع الثورات وانهيار الدول”.
وذكر أن “الربيع العربي كان المرحلة الأولى في إعادة تشكيل العالم، وهو أمر حتمي نتيجة لانهيار النظام العالمي القائم، وهي مرحلة لا زالت بعيدة عن الاكتمال، فالعمليات التاريخية قد تمتد عبر الزمن، بينما تتعرض بعض البلدان والمناطق المختلفة لزعزعة استقرارها في أوقات مختلفة، أو قد تمر بدورات متسلسلة من عدم الاستقرار”.
ورأى أنه “في مثل تلك الظروف، قد لا تكون هناك حاجة للجهود الأمريكية بصدد إعادة ترسيم الحدود، وقد يتفكك العديد من الدول القائمة على محاور الأجزاء المكونة لها. لكن، إذا تمكنت الولايات المتحدة الأمريكية أن تؤجل دخولها في حالة عدم الاستقرار عن بقية الدول الأخرى، فسيظل لدى واشنطن الوقت للمشاركة في إعادة ترسيم حدود الدول الأقل نجاحا، كما نرى ذلك يحدث في إسرائيل وسوريا”.
وختم قائلا: “على أي حال، لقد بدأ العالم في التغير، ومما لا شك فيه أن ذلك سيطال الحدود السياسية أيضا”.