الميدان اليمني

سلاح يقلب الموازين العسكرية في حرب اليمن رأساً على عقب.. ضربات جوية متتالية تهدد 300 هدف آمن في السعودية

الميدان اليمني – متابعات

في الثالث عشر من شهر يناير/ كانون الثاني الماضي، أعلنت جماعة الحوثي على لسان المتحدث باسم قواتها المسلحة، العميد يحيى سريع، أن “هذا العام سيكون عام الطيران المسير”.

وقال المتحدث العسكري إن “لدى الجيش واللجان الشعبية مخزونا كبيرا من الطائرات المسيرة، وكذلك الصواريخ الباليستية الحديثة”، لافتا إلى أن “التصنيع الحربي حقق خطوات متقدمة في تصنيع الطيران المسير”.

وأول ما أعلنت الجماعة عن تصنيعها طائرات دون طيار ذات مهام “هجومية واستطلاعية، وراصد ورقيب” كان في الثامن والعشرين من فبراير/شباط 2017، عندما أكدت أنها أُخضعت لتجارب “ناجحة في الميدان”.

وطيلة تلك الفترة دأب التحالف على التقليل من شأن هذه الطائرات والتأكيد إما على اعتراضها أو إخفاقها في الوصول إلى أي هدف لها أو سقوطها بعد إطلاقها.

غير أنه عندما نجحت إحدى تلك الطائرات في استهداف منصة لكبار القادة العسكريين كانوا يحضرون عرضا عسكريا في قاعدة “العند” الاستراتيجية بمحافظة لحج جنوب اليمن في العاشر من يناير/كانون الثاني الحالي، استشعر التحالف الخطر.

وشهد يوم السبت 19 يناير/كانون الثاني، أول تحرك فعلي من التحالف لمواجهة ذلك الخطر، عندما أعلن شن حملة جوية مكثفة على صنعاء استهدفت ما قال إنها مراكز تصنيع وتوجيه تلك الطائرات.

ومن بعد تلك الهجمة التي خلفت كثيرا من القتلى والضحايا العسكريين، دأبت الجماعة على تهديد السعودية وأبو ظبي باستهدافهم إذا لم ينهوا ما تصفه الجماعة بـ”العدوان”.

وشهد العام الحالي عدة محاولات باء بعضها بالفشل، مثل الطائرة التي أعلن التحالف تدميرها بينما كانت في طريقها باتجاه مدينة أبها جنوبي المملكة، ليصيب حطامها أربعة أشخاص، بالإضافة إلى تأثر بعض المركبات.

كان ذلك في أوائل مارس الماضي، ثم أعلن التحالف في أبريل/نيسان، اعترض وتدمير طائرة مسيرة أطلقها الحوثيون باتجاه منطقة عسير القريبة من الحدود مع اليمن.

وحينذاك، حذر زعيم الجماعة، عبد الملك الحوثي، التحالف “من التصعيد العسكري لأنه لن تبقى فقط نتائجه على محافظة الحديدة بل ستمتد إلى عمق تلك الدول التي تشرف وترعى وتنفذ هذا العدوان”.

وقال متحدث الجماعة العسكري، يحيى سريع، إن “الجماعة أصبحت لديها القدرة على إنتاج طائرة مسيرة كل يوم، وسيكون لديها في القريب العاجل مخزون استراتيجي يمكنها من تنفيذ أكثر من غارة بطائرات مسيرة في جبهات معارك متعددة في نفس الوقت”.

ثم فاجأ الحوثيون السعودية بهجمات بسبع طائرات مسيرة استهدفت محطتين لضخ النفط في محافظتي عفيف والدوادمي بمنطقة الرياض ، ردا على استمرار ما وصفوه بالعدوان والحصار على الشعب اليمني”، وقالوا إنهم مستعدون لتنفيذ المزيد من الضربات النوعية والقاسية في حال “استمر العدوان والحصار الجائر”.

وقال مصدر بوزارة الدفاع التابعة للحوثيين، في تصريح لوكالة “سبأ” الخاضعة لسيطرتهم، إن “عملية التاسع من رمضان تأتي تدشينا لعمليات عسكرية قادمة تستهدف من خلالها القوات المسلحة بنك أهداف للعدوان يضم 300 هدف حيوي وعسكري”، حسب قوله.

وأضاف المصدر، لم تسمه الوكالة، أن العملية الأولى استهدفت “أول هدف في قائمة الأهداف المعلن عنها في مارس (آذار) الماضي، ليتبقى ضمن بنك الأهداف 299 هدفا”.

وأوضح أن تلك الأهداف تشمل “مقرات ومنشآت عسكرية وحيوية، على امتداد جغرافيا الإمارات والسعودية، وكذلك المنشآت والمقرات والقواعد العسكرية التابعة للعدوان في اليمن”.

ثم استهدف الحوثيون أحد المرافق الحيوية في مدينة نجران، بطائرة دون طيار تحمل متفجرات، غداة إعلان قوات التحالف العربي، اعتراض صاروخين باليستيين اتهمت الحوثيين بإطلاقهما باتجاه مدينتي الطائف وجدة التابعتين لمكة المكرمة غرب السعودية، في حين نفت جماعة الحوثي صلتها بالعملية.

وكانت صحيفة “وول ستريت جورنال” نقلت عن أشخاص مطلعين قولهم إن الهجمات التي تشنها الجماعة بطائراتها المسيرة ضد خصومها، أكثر دقة وأبعد مسافة مما تقر بها رسميا دول التحالف والولايات المتحدة.

وأظهرت بقايا الطائرة “المسيرة” التي استهدفت قاعدة العند أنها ليست من ذلك النوع “البسيط” الذي يمكن تزويده ببعض المواد المتفجرة خفيفة الوزن.

ولكن السؤال لدى خبراء عسكريين ظل مثارا حول حقيقة ومدى ومصدر إطلاق تلك الطائرة.

لم تتوصل التحقيقات الأولية إلى الإجابة عن هذا السؤال، لكن خبراء أبلغوا هيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي” أن طائرات الحوثيين دون طيار “ليست متطورة على نحو يسمح لها الانطلاق نحو هدفٍ بعيدٍ خارج الحدود باستخدام مدرجات مطار صنعاء أو غيره” مؤكدين أنه “يمكن إطلاقها من على مرتفع قريب من الحدود مع السعودية أو من على سيارة قريبة من أهدافها داخل البلاد”.

فيما أفاد آخرون بأن طائرات الحوثيين دون طيار “مجرد أجسام صغيرة يتم تجميع مكوناتها المهربة من خارج اليمن ولا يتم تصنيعها بالكامل داخل البلاد”، مضيفين أنه “لا يمكن لتلك الطائرات أن تزن الكثير من المتفجرات حتى يطول مداها، كما لا يمكن التحكم بها عن بعد إذا كان مداها بعيدا”.

ودللوا على ذلك بأن الطائرات الأمريكية المتطورة نفسها تطلق من أماكن قريبة على أهدافها في اليمن كجيبوتي القريبة أو من بوارج على البحر قبالة السواحل اليمنية حتى وان كان توجيهها والتحكم بمسارها يتم من داخل “البنتاجون” في واشنطن!

وقال أحد الخبراء لـ”بي بي سي” إن الطائرات دون طيار أنواع عدة منها ما يمكن إرساله عن قرب وهي الطائرات التي تطير على ارتفاع منخفض ومدى قصير وهذا النوع لا يستخدم للأعمال العسكرية الهجومية، أما الطائرات دون طيار التي تستخدم للعمليات العسكرية فلا بد لها من وجود مدارج ومحطات تتحكم بها لأسباب عدة منها أنها ثقيلة الوزن وقد تصل حمولتها إلى 100كجم، وبعضها يزيد عن ذلك”.

وعلق الخبير العسكري، يوري ليامين، على الحادثة لصحيفة “الأسلحة الروسية”، قائلا: “حتى وقت قريب، كان الأمر يتعلق فقط بطائرات دون طيار صغيرة قادرة على الطيران لمسافة 150 كم فقط. ومع ذلك، منذ العام الماضي، بدأت بالظهور طائرات مجهولة يصل طول أجنحتها إلى حوالي 4.5 أمتار، ووفقا لخبراء الأمم المتحدة، قد يصل مداها إلى حوالي 1500 كم”.

شارك هذا الخبر