مدمرات أجنبية تتوجه إلى الخليج
الميدان اليمني – وكالات
عندما تعرضت عدة سفن تجارية دولية لهجمات في الخليج هذا العام، سارعت الولايات المتحدة باتهام إيران بالوقوف وراء ذلك، ودعوة الحلفاء للانضمام إلى مهمة أمنية بحرية مزمعة.
وتتهم الولايات المتحدة ودول غربية إيران بالوقوف خلف هجمات ضد ناقلات نفط وسفن في مياه الخليج قرب مضيق هرمز الاستراتيجي منذ أيار/ مايو الماضي، حين شدّدت واشنطن عقوباتها على قطاع النفط الإيراني الحيوي.
لكن إيران تنفي هذه الاتهامات التي دفعت بالمنطقة إلى حافة مواجهة عسكرية كبرى.
وسعت واشنطن بقوة لتشكيل هذا التحالف لمواكبة السفن التجارية في الخليج، لكنّها لم تتمكن من جذب الكثير من الدول لا سيّما وأنّ الكثير من حلفائها يتوجّسون من جرّهم إلى نزاع مفتوح في المنطقة التي يعبر منها ثلث النفط العالمي المنقول بحراً.
وبعد ترقّب دام لأشهر منذ الإعلان عن الفكرة في حزيران/ يونيو، وُلد “التحالف الدولي لأمن وحماية الملاحة البحرية وضمان سلامة الممرات البحرية” بعضوية ست دول إلى جانب الولايات المتحدة، هي السعودية والإمارات والبحرين وبريطانيا وأستراليا وألبانيا.
ورفض الأوروبيون بشكل خاص العرض أملاً في الحفاظ على الاتفاق حول البرنامج النووي الإيراني الذي انسحب منه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب العام الماضي في إطار ممارسته لسياسة “الضغوط القصوى” على الجمهورية الإسلامية.
ومع تردد حلفاء واشنطن في الالتزام بتقديم أسلحة جديدة أو قوات قتالية قال مسؤول كبير في وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) إن هدف الولايات المتحدة ليس إقامة تحالف عسكري بل إطلاق تحذير في المنطقة لردع الهجمات على الشحن التجاري.
وقالت إيران إنه يتعين على القوى الأجنبية ترك مسألة تأمين خطوط الشحن لطهران ودول أخرى في المنطقة.
ودعت “دول المنطقة إلى الاعتماد على قدراتها وإمكانات دول الجوار لتحقيق الأمن المستدام والشامل في المنطقة”، مؤكدة أن “إيران كدولة تمتلك أطول ساحل على مياه الخليج، وستواصل بكل قوتها الحفاظ على المصالح الاقتصادية والأمنية في مياه الخليج، بما في ذلك أمن وسلامة الملاحة البحرية”.
وفي شهر يوليو/تموز الماضي، بعد إعلان تشكيل التحالف البحري، قالت بريطانيا إنها سترسل المدمرة دنكان إلى الخليج لتحل محل السفينة الحربية مونتروز، لتحافظ على وجود مستمر هناك في وقت يتسم بالتوتر الشديد في المنطقة.
وكشف قائد المدمرة “إتش إم إس مونتروز” ويل كينج عن أن السفينة الحربية التابعة للبحرية الملكية تعرضت لـ115 مواجهة مع قوات تابعة للحرس الثوري الإيراني في الخليج منذ بداية يوليو/تموز الماضي.
وذكرت صحيفة “ديلي ميرور” أن زورقا إيرانيا مفخخا اعترض مسار المدمرة البريطانية “إتش. إم. إس. دنكان المتجهة إلى الخليج.
وذكرت الصحيفة أن المدمرة دخلت في حالة تأهب قصوى بعد اكتشاف الزورق المليء بالمتفجرات في البحر الأحمر.
وبدأت التوترات تتزايد بين بريطانيا وإيران بعدما احتجزت بريطانيا ناقلة إيرانية في جبل طارق.
وفي يوليو/تموز الماضي، احتجزت القوات الإيرانية ناقلة بريطانية في الخليج بعد أن احتجز جنود بريطانيون سفينة إيرانية في مضيق جبل طارق. وتم الإفراج عن السفينتين فيما بعد.
بعد ذلك أعلنت الحكومة اليابانية أن طوكيو سترسل مدمرة إلى المنطقة للقيام بأنشطة استخباراتية إضافة إلى طائرتين من طراز “بي3 سي”.
وكان ذلك بعد أيام من زيارة أجراها الرئيس الإيراني حسن روحاني إلى اليابان، والتي امتدح حينها قرار طوكيو عدم الانضمام إلى مهمة بحرية بقيادة الولايات المتحدة في الخليج.
وقال روحاني في تصريحات نقلها التلفزيون الحكومي بعد عودته من زيارة لماليزيا واليابان ”أعلنت اليابان أنها لن تشارك في خطط الأمريكيين للأمن في منطقة الخليج… وهو أمر نرحب به… ترسل اليابان سفينة مراقبة ولكن ليس إلى الخليج ومضيق هرمز“.
وتتطلع اليابان، وهي حليف للولايات المتحدة وتقيم علاقات ودية مع إيران، إلى إطلاق عمليتها الخاصة بدلا من الانضمام إلى المهمة التي تقودها الولايات المتحدة لحماية عمليات الشحن في المنطقة.
ومن المقرر أن تشمل العملية اليابانية المزمعة أعالي البحار في خليج عُمان وشمال بحر العرب وخليج عدن، لكنها ليست في مضيق هرمز.
وتشير مسودة الخطة التي وافقت عليها أحزاب الائتلاف الحاكم إلى أن اليابان ستنشر مدمرة وطائرة لجمع المعلومات في منطقة الخليج، مصدر نحو 90 في المئة من واردات اليابان من النفط الخام.
ومارست الولايات المتحدة الأمريكية ضغوطاً على كوريا الجنوبية ما دفعها لإرسال مدمرة من سلاح بحريتها و300 جندي إلى مضيق هرمز حسب إعلان سيول، وذلك في ظل التوتر الحاصل بين طهران وواشنطن.
وقالت وزارة الدفاع الكورية الجنوبية في بيان إنها قررت أن “توسّع مؤقتا” منطقة انتشار قواتها العسكرية لمكافحة القرصنة قبالة سواحل الصومال، لتشمل الخليج العربي وخليج عمان اللذين يربط بينهما مضيق هرمز، وأكدت سيول أن مهمتها لن تكون جزءاً من المهمة البحرية الأمريكية.
وانتقدت إيران تلك الخطوة. وتساءل المُتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية عباس موسوي: “بأي مبرر تريد إرسال قوات إلى المنطقة؟”.
وبعد ذلك أعلنت فرنسا أنها قررت إرسال حاملة طائرات شارل ديغول بدءا من يناير وحتى أبريل، لدعم عمليات الجيش الفرنسي في الشرق الأوسط.
وردا على ذلك انتقد رئيس مكتب الرئاسة الإيرانية، محمود واعظي، قرار فرنسا، معتبرا أن ذلك لن يعود بالأمن والاستقرار على هذه المنطقة.
وتبع ذلك قول الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، إن بلاده لن تكون مرنة بشأن طموح إيران النووي، وهي عازمة على ألا تمتلك طهران أسلحة نووية أبدا.
وأضاف ماكرون “في السياق الراهن فرنسا عازمة على ألا تمتلك إيران سلاحا نوويا أبدا وكذلك على تجنب أي تصعيد عسكري في المنطقة”.
وأثيرت تكهنات بشأن ما إذا كانت المنطقة تتجه إلى مواجهة عسكرية، ما حدا بوزير الخارجية البريطاني دومينيك راب إلى القول إن “مبعث قلقنا هو أنه لو اندلعت حرب فستكون مدمرة للغاية”، مؤكدا أن أي حرب مع إيران ستصب في مصلحة المتشددين في أنحاء الشرق الأوسط.
وكانت وزارة الدفاع الأمريكية، قد أعلنت تنفيذها ضربة بالقرب من مطار بغداد في العراق، قتل فيها قائد فيلق القدس الإيراني اللواء قاسم سليماني، بالإضافة إلى قيادات في الحشد الشعبي العراقي على رأسهم أبو مهدي المهندس.
وردت إيران على مقتل سليماني بإطلاق صواريخ على قاعدتين عسكريتين تستضيفان قوات أمريكية في العراق، في عملية وصفها الزعيم الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي بأنها “صفعة على وجه” الولايات المتحدة، مضيفا أنه ينبغي على القوات الأمريكية أن تغادر المنطقة.
ورغم استمرار التوتر في المنطقة، فإن طهران وواشنطن أعلنتا التهدئة بعد هذا الهجوم.
وفي إشارة إلى قرار قتل سليماني، قال ترامب يوم الخميس: “فعلنا ذلك لأنهم كانوا يتطلعون لتفجير سفارتنا”.
وأضاف ترامب أن بلاده نفذت الضربة أيضا بسبب هجوم صاروخي على قاعدة عسكرية أمريكية بالعراق قامت به جماعة مسلحة مدعومة من إيران في ديسمبر/ كانون الأول، في هجوم أسفر عن مقتل متعاقد أمريكي، ويعتقد المسؤولون الأمريكيون أن سليماني لعب دورا في تدبيره.