السعودية ترتكب خطأ استراتيجي قاتل
الميدان اليمني – متابعات
تتكشف كل يوم مسارات واتجاهات الحرب في اليمن، ومن بين ركامها تطفو طموحات وأطماع التحالف العربي الذي تقوده السعودية وشريكتها الإمارات، وخطط الهيمنة للدولتين الخليجتين على موارد ومواقع حيوية في البلاد، في ظل مواقف رخوة من القيادة اليمنية، وفقا لمراقبين.
وفي هذا الصدد كشف مصدر عسكري يمني عن شروع المملكة في بناء قاعدة عسكرية بجزيرة زقر الواقعة في البحر الأحمر بين سواحل اليمن وارتيريا بالقرب من مضيق باب المندب، بحسب صحيفة “عربي21”.
ويشير التوجه السعودي إلى حالة سباق محموم بين المملكة وأبو ظبي على رسم خارطة النفوذ والهيمنة على الجزر والسواحل اليمنية، لاسيما أن الأخيرة سبق وأن شيدت قاعدة لها في جزيرة ميون في العامين الماضيين، الواقعة في مدخل مضيق باب المندب، وهو ما يثير أسئلة عدة عن موقف الرئيس اليمني، عبدربه منصور هادي، ونقاط ضعفه والأسباب التي تجعله صامتا بلا حراك إزاء أطماع السعودية التي تتسع خارطتها من البحر الأحمر وصولا إلى محافظة المهرة على بحر العرب.
وتعليقا على هذا الموضوع، يرى الكاتب والسياسي اليمني، عبدالناصر المودع أن “الوضع الخامل لهادي وفريقه الحاكم هو أمر طبيعي من شخص ليس لديه أي أساس شرعي بعد أن استنفد شرعيته السياسية والقانونية الركيكة اصلا”.
وقال في حديث خاص لـ”عربي21″: “هادي وصل للسلطة عن طريق الصدفة، كما أنه لا يمثل قوة سياسية حتى يكون حريصا على مصالحها وتوجهاتها”.
السعودية ترتكب خطأ استراتيجي قاتل
وأضاف المودع: “كل هم الرئيس هو وفريقه اليوم البقاء في السلطة والاستفادة من خيراتها عن طريق الاستحواذ على الموارد والعطايا السعودية وغيرها من مصادر الدخل”، مشيرا إلى أن كل ذلك يتم دون تحمل أي مسؤولية أو خشية من محاسبة أو انقلاب أو ثورة لكونه يعيش في رفاهية في عاصمة دولة أخرى.
وأوضح السياسي اليمني أن أخر شيء نتوقعه من شخص بهذه المواصفات اتخاذ مواقف وطنية، خاصة ضد الدولة التي هي مصدر بقائه؛ فبدون الدعم السعودي تنهار سلطة هادي بشكل تلقائي.
“احتمالان”
من جهته، قال رئيس مركز يمنيون للدراسات، فيصل علي إن هناك احتمالين لتفسير مواقف الرئيس، الأول أنه يدرك أن السعودية والإمارات كدول عائلية لديها طموح في الاستيلاء على اليمن لكن هذا الطموح مجرد أمنيات وأحلام لن تتحقق، بسبب غياب المؤسسية في هذه الأنظمة وغياب الشعوب أو تغييبها مما يجعل من هذه الأحلام مجرد أوهام ستزول بمجرد عودة الدولة اليمنية وهي دولة الشعب.
أما الاحتمال الآخر يتمثل وفقا لعلي، في كون الرئيس هادي “وصل إلى حالة من القبول والرضوخ والاستلاب، وأضاع الطريق وضحى بالسيادة والاستقلال”، مصيفا أنه “يميل للاحتمال الأول”.
وأكد السياسي علي في حديث لـ”عربي21″ أن موقف الرئيس هادي من الإمارات فيما يتعلق بسقطرى واضح جدا، وفيه تناغم مع الحكومة والشعب اليمني.
وتابع: “ما يخص محافظة المهرة، فمازال الرئيس والأحزاب السياسية يظنون بالسعودية خيرا، ولا يوجد هناك تخوف لديهم من تحركاتها بعكس الإمارات”.
وأشار رئيس مركز يمنيون للدراسات إلى أنه إذا كانت السعودية ماضية بالسلام مع الحوثي فهي تخدع نفسها، وهي تعلم أن المطلوب من الحركة الدخول في العمق السعودي وليس التوقف على الحدود، مبينا أن الحوار بدون الشرعية خطأ سعودي لا خطأ هادي وشرعيته، وستتحمل المملكة وبال هذه الخطوة لاحقا.
أما احتواء المجلس الانتقالي المدعوم إماراتيا، فاعتبر ذلك “تسليم ورقة الجنوب لإيران ..فمعلوم أن المجلس ورئيسه لهما علاقة بإيران منذ 2012″، لافتا إلى أنه خطأ استراتيجي ترتكبه المملكة في حق شعبها والشعب اليمني، واتفاق الرياض الذي رعته سينتهي بالفشل، في إشارة إلى الاتفاق الذي وقعته الحكومة مع المجلس الجنوبي مطلع تشرين ثاني/نوفمبر الماضي، ولازال يواجه تعثرا في تنفيذ بنوده.
“لعب على التناقضات”
من جانبه، قال الصحفي اليمني، عمر العمقي إن السعودية تدرك بأن هادي اختار أسوأ رجالات اليمن لإدارة شؤون الدولة، وأن الاغلبية من صناع القرار اليمني يفتقرون للخبرات والتجارب التراكمية في العمل الحكومي والدبلوماسي أيضا.
وأضاف في حديث لـ”عربي21″ أنه تم اختيار الكثير من المسؤولين في الحكومة والسلطة المحلية وفقا لقواعد هشه وركيكة، كالمحاصصة والمحسوبية والعلاقات الأسرية، فكانت النتيجة كما هو الحاصل اليوم، أطراف توالي الإمارات وأخرى مع السعودية وثالثة مع قطر وأخرون مع سلطنة عمان.
وبحسب العمقي فإن المملكة استغلت هذا التخبط والعشوائية وقامت بتحقيق كل مطامعها عبر اللعب على هذه التناقضات بذريعة أنها الحليف الاستراتيجي للشرعية، وأن من يقفون أمام طموحاتها مجرد مرتزقة لدول أخرى.
وذكر الصحفي اليمني أن هادي أخفق في بناء الدولة واعتمد على مواردها النفطية والغازية وتحويلات المغتربين، ونتيجة لذلك لاتزال رئاسة الجمهورية والحكومة تعتمد شهريا على المعونات السعودية.
وأردف قائلا : أي انقطاع أو وقف أو تأخر هذه الأموال يربك النفقات التشغيلية لمكتب الرئيس هادي، فضلا عن الحكومة والقوات المسلحة والأجهزة الأمنية.
وبين الصحفي العمقي أن الرئيس لا يتردد ونائبه في التوقيع الفوري على الأموال المتدفقة لهم من حكومة المملكة دون السؤال إن كانت مديونية على الشعب اليمني أو مساعدات من الجارة الكبرى.
وخلص إلى أن ذلك يبقي الرئيس هادي وحكومته صامتين أمام كل الخطوات التي تقوم بها المملكة في امتداد الجغرافيا اليمنية.