مدرب البحرين.. “سبيشيال وان” الكرة الخليجية

لا يتمتع المدرب البرتغالي هيليو دي سوزا بنفس الكاريزما التي يصطبغ بها مواطنه جوزيه مورينيو ولا يملك نفس الخبرة الهائلة والسجل التدريبي الطويل الذي يحظى به البرتغالي الآخر خورخي جيسوس المدير الفني لفلامنجو البرازيلي، ولكنه نجح في ترك بصمة تدريبية هائلة في غضون أشهر قليلة.

وقبل خمسة أشهر فقط ، لم يكن كثيرون يتوقعون أن يحقق سوزا مع المنتخب البحريني ما عجز عنه أي مدرب سابق مع الفريق.

ولكن سوزا تحدى كل التوقعات وتوج بلقبين متتاليين لم يسبق للمنتخب البحريني (الأحمر) أن أحرزهما من قبل على مدار تاريخه.

وفي أغسطس/ أب الماضي ، توج المنتخب البحريني تحت قيادة سوزا بلقبه الأول على الإطلاق في البطولات الإقليمية حيث أحرز لقب بطولة كأس أمم غرب آسيا والتي استضافتها العراق.

وبينما علم سوزا بمشاركة فريقه في بطولة كأس الخليج (خليجي 24) في قطر قبل أيام قليلة من انطلاقها، كان المدرب على قدر المسؤولية حيث توج باللقب الخليجي للمرة الأولى في تاريخ البحرين.

وبعد انتهاء المباراة النهائية أمس وفي غمرة احتفالهم باللقب ونشوتهم بالميداليات وكأس البطولة، فاجأ لاعبو المنتخب البحرين الجميع واقتحموا قاعة المؤتمرات الصحفية بستاد “عبد الله بن خليفة” بنادي الدحيل في الدوحة ودخلوا في موجة احتفالية صاخبة أمام مراسلي وسائل الإعلام.

وهتف لاعبو المنتخب البحريني باسم مدربهم البرتغالي لعدة دقائق وحرصوا على تحيته جميعا في تأكيد واضح وصريح على أنه مهندس الفوز باللقب الخليجي الأول للبحرين.

جدل كبير

والحقيقة أن سوزا أثار جدلا هائلا على مدار البطولة وخاصة قبل انطلاق فعاليات المباراة النهائية أمس.

وخلال مبارياته بالبطولة ، سار سوزا على نفس النهج الذي كان عليه في تعامله مع بطولة غرب آسيا حيث لجأ لتغيير تشكيلته عن المباراة التي تسبقها في كل مواجهة يخوضها بأي من البطولتين.

وتوج المنتخب البحريني بهذه الطريقة بلقب كأس أمم غرب آسيا، علما بأن الفريق العراقي كان المرشح الأقوى للفوز باللقب بعد بلوغه المباراة النهائية على ملعبه ووسط جماهيره.

وفي مباراة الأمس تغلب المنتخب البحريني على نظيره السعودي الذي كان المرشح الأقوى للفوز، علما بأن سوزا دفع في مباراة الأمس بتشكيلة لا تضم أي لاعب ممن كانوا في التشكيلة الأساسية خلال مباراة الدور الأول (دور المجموعات) والتي انتهت بفوز الأخضر 2 ـ 0.

كما خلت التشكيلة الأساسية للمنتخب البحريني في مباراة الأمس من أي لاعب كان ضمن التشكيلة الأساسية للفريق في مباراته السابقة بالبطولة والتي انتهت بالتعادل 2 / 2 مع المنتخب العراقي التي حسمها بركلات الترجيح.

Volume 0%

والمثير أن التغييرات الهائلة في تشكيلة المنتخب البحريني لا تنم عن أي توتر أو ارتباك أو تسرع في شخصية سوزا الهادئة بل إنها لا تتفق مع مسيرته كلاعب على سبيل المثال حيث قضى مسيرته الكروية كلاعب بأكملها في فريق واحد فقط هو فيتوريا شيتوبال.

ولم يترك سوزا هذا الفريق البرتغالي على مدار 18 عاما هي كل مسيرته الكروية علما بأنه مر بأكثر من كبوة معه حيث هبط الفريق لدوري الدرجة الثانية أكثر من مرة.

وخلال عشر من هذه السنوات الـ18، كان سوزا (50 عاما) لاعبا منتظما في التشكيلة الأساسية للفريق ولم ينازعه أحد على هذا كما حمل شارة القيادة في وقت مبكر للغاية وخاض معه 424 مباراة في الدوري البرتغالي ليصبح أكبر رصيد لأي لاعب مع هذا الفريق على مدار تاريخه.

الثقة

وكشف سوزا خلال البطولة عن السر وراء هذه التغييرات الهائلة التي يجريها في تشكيلة الفريق بكل مباراة يخوضها مشيرا إلى أنه يثق بجميع لاعبي فريقه وكذلك اللاعبين الذين لم يستطع اصطحابهم معه إلى الدوحة نظرا لأنه مقيد بقائمة تضم 23 لاعبا فقط.

وأكد سوزا أن الفوارق بين لاعبي الفريق ضئيلة للغاية ما يساعده على الدفع بتشكيلتين مختلفتين في المباريات الرسمية موضحا أن هدفه الأول هو أن يستمتع اللاعبون ويكتسبون الخبرات من هذه التجارب القوية.

وبهذا أصبح لدى المنتخب البحريني أكثر من فريق جاهز سيساعد سوزا ومعاونيه في الارتباطات القادمة ومنها التصفيات المزدوجة المؤهلة لبطولتي كأس العالم 2022 بقطر وكأس آسيا 2023 بالصين.

المسيرة التدريبية

واعتزل سوزا اللعب عام 2005 وهو في السادسة والثلاثين من عمره وذلك بعد الفوز بلقب وحيد مع فيتوريا شيتوبال وهو لقب كأس البرتغال في 2005 ليتجه مباشرة إلى التدريب ليبدأ مسيرته التدريبية مع نفس الفريق وقاده لمركز وصيف البطل بمسابقة الكأس مجددا في موسم 2005 / 2006 .

وبعدها تولى سوزا تدريب فريق كوفيليا البرتغالي ثم منتخب البرتغال للشباب ثم عمل خلال السنوات التالية مع منتخبات الناشئين والشباب في بلاده.

وقاد سوزا البرتغال للفوز بلقبي كأس الأمم الأوروبية للناشئين (تحت 17 عاما) وللشباب (تحت 19) عاما في عامي 2016 و2018 على الترتيب.

ورغم تعاقده مع المنتخب البحريني في مارس / أذار الماضي خلفا للتشيكي ميروسلاف سكوب بعد إخفاق الفريق في كأس آسيا 2019 بالإمارات، ظل سوزا مدربا للمنتخب البرتغالي للشباب (تحت 20 عاما) خلال مونديال الشباب الماضي قبل أن يتفرغ بعد البطولة للعمل مع فريقه في أول تجربة تدريبية له خارج بلاده.

وخلال خمسة أشهر فقط، ترك سوزا بصمته مع الفريق وتوج بلقبين ليكون بمثابة “سبيشيال وان” الكرة الخليجية نسبة إلى مواطنه جوزيه مورينيو المدير الفني السابق لريال مدريد الإسباني ومانشستر يونايتد الإنجليزي والمدرب الحالي لتوتنهام الإنجليزي.

شارك هذا الخبر